زعيم أم زعماء جدد؟

المعطيات الحقيقية لدوري زين هذا العام تشير إلى أن مقولة ''الدوري ضعيف'' أصبحت ربيعاً بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة، هذه المقولة التي لطالما رفضها الهلاليون بشكل قاطع خلال العامين الماضيين عندما غردوا ''زين'' وبالأرقام أرادوا أن يثبتوا أنها مجرد سلاح يستخدم في الوسط الرياضي لتكريس الثقافة المهبِّطة التي لن تنقطع من الأفواه المتربصة مادام الأزرق متربعا على عرش الصدارة.
وبعيداً عن مسألة الإثبات من عدمه فإن الأمر المهم الجدير بالطرح هو أن نعرف ما السر وراء غياب الهلال عن عادته الموسمية المتمثلة في التمسك بالصدارة منذ الجولات الأولى، ولماذا أقحم الهلاليون أنفسهم في صراع متجدد مع مرددي هذه المقولة ما دامت الثقة بالفريق متوافرة؟ وهل حانت بالفعل لحظة الزعماء الجدد؟
عموما الوقت لا يزال مبكراً لتحديد بطل الدوري، ولست بصدد استبعاد الهلال من بوابة المنافسة، فلربما انتصر على الأهلي وعاد للمزاحمة على مقعد الصدارة، لكن الركيزة المحورية الغائبة عن مسيِّري الأزرق - وقد تحرجهم في الاستحقاق الآسيوي ''الغائب الأهم'' ـ تكمن في اختلال التناغم الفني الذي كان سمة الهلال المميزة داخل الميدان، نظرا لاهتمام إدارته بالرد على مطلقي مقولة تثبيطية من وجهة نظرهم بدلاً من استئصال السلبيات التي أصبحت تتكاثر يوماً بعد يوم في البيئة الهلالية، لذلك ترقبوا بكل لهفة لحظة الانقضاض على الصدارة في الجولة قبل الماضية ليشركوا الجماهير في معمعة الشعور التهكمي من هذه المقولة الممجوجة التي جزموا بأنها ستعود للتداول مرة أخرى.. كل ذلك من أجل التنبيه في وسائل الإعلام القديم والجديد بأن البطولات التي تحققت في العامين الماضيين تندرج وفق قاعدة الضدية، ''وبضدها تتميز الأشياء''، فـ ''الدوري قوي'' والبطولات لم تأت إلا بعد منافسة شرسة من الفرق، ولذلك عندما استمر هذا الوهم وجد الهلاليون أنفسهم هذا الموسم أمام مد صحوي فني لافت على أرض الواقع من الأهلي والشباب والاتفاق انساب بكل عذوبة في ساحة زين التنافسية، ليسحب بساط الصدارة من الهلال في جميع الجولات ما عدا جولة واحدة.
إذن هذا التعاطي العكسي مع مستجدات الفريق قد يكون مجدياً نوعاً ما في مرحلة القوة الفنية السابقة، لكن ليس بالضرورة أن يكون كذلك في مرحلة الضعف الفني الحالية، وفي ظني لم يكن هو السبب الوحيد في الاهتزاز الأدائي الذي أصاب الهلال، بل إن هناك جملة من السلبيات المتراكمة أسهمت في فقدان الأزرق ألقه الذي لازمه حتى وهو يغرِّد وحيداً في آخر نسختين من الدوري، فالخطاب الهلالي أصبح مؤمناً بنظرية الاستهداف والمؤامرة بعد أن كان يقزّم الآخذين بها، والاحترافية التعاقدية والتفاوضية بدت على غير العادة فمن سرَّه جيريتس فقد ساءه دول، وما أشبه رحيل الألماني بمسلسل البلجيكي، كما أن الرابح ليس ببعيد عن الجيزاني، واسألوا ياسر والفريدي وهوساوي عن البيئة الهلالية.. لماذا لم تعد جاذبة؟
أما مشاكل الأزرق وخصوصياته فقد وقعت في ملتقى الإعلام الجديد الشفاف الذي أصبح قادراً على فك شفراتها و''هشتقتها'' وتقديمها للمتابعين قبل علم الإدارة بعيدا عن وصاية الإعلام التقليدي وأدواته التعتيمية القديمة.
إذن نحن أمام ''لا خصوصية'' هلالية جديدة باتت كتابا يسهل تصفحه من الهابطين قبل المنافسين.. فهل نحن بالفعل على موعد قريب مع زعماء جدد؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي