تسطيح التحليل!
التحليل الفني للمباريات علم ومهارة يقدم فيه أهل الاختصاص الطرح الفني الثري الذي تستفيد منه حتى الأندية، وفي المقابل يثري المشاهد برؤى وأفكار تتعمق في تفاصيل الأمور الفنية، وتناقش طرائق التدريب عبر دراستها وتحليلها، وهل تم تطبيقها من قبل اللاعبين أم لا؟ كما أن الآراء الفنية قد تدعم بالإحصائيات المفصلة التي تخص هذا الفريق أو ذاك، وتقوي وجهات النظر المطروحة في سبيل الوصول إلى رؤية فنية منطقية، وهذه لن تتحقق إلا بالاستناد إلى خبرة وتجربة داخل المستطيل الأخضر.
وعندما يخرج المحلل عن إطار هذه الدائرة الواسعة الغنية بآلاف القضايا الرياضية على الصعيد الفني أو الإداري أو النفسي فإن ذلك يضع أكثر من علامة استفهام على جدوى هذا التحليل، بل من شأنه أن يخلق فجوة وأزمة ثقة بين المتابع والقناة الحصرية الناقلة، فالمتابع يعني الشيء الكثير للقناة، ومن أجل ذلك فلا بد أن تعي القنوات الرياضية أن رؤية المحلل وخلاصة فكره الفني قبل المباراة وبعدها تهم المشاهد بالدرجة الأولى، وربما أسهمت آراء المحللين السطحية في خفض نسبة مشاهدي هذه الاستديوهات التحليلية، فالمشاهد في عصر الإعلام الجديد لم يعد يحتمل هذا التسطيح الذي يمتزج في مواقف أخرى بالاستخفاف والتهريج والتعصب.
في الاستديو التحليلي للقناة الرياضية وخلال كلاسيكو الكرة السعودية المثير بين الهلال والاتحاد، تبدت النظرة السطحية في التحليل والخروج عن النص كثيراً، ولا أظن أن هناك متابعاً سيستفيد من التلويح بساعات ضبط الوقت، وإقحام وزارة العمل، والنفاذ إلى خصوصيات اللاعبين، واتهام هذا الجيل المرفه بالميل نحو ''الزبرقة'' على حساب المردود الميداني، والدخول في تفاصيل الهلال التاريخية، عبر استعراض مقارنات غير منطقية منذ أيام هلال الأمير عبد الله بن سعد، رحمه الله، وسلطان مناحي، مرورا بهلال جابيليو وقفز سامي الجابر للحواجز، وانتهاء بهلال بيسيرو وجيريتس ودول!
هذا الخروج المتكرر عن سياق التحليل الفني يطرح أسئلة في غاية الأهمية: ما علاقة هذه التعليقات السطحية بالتحليل الفني الرياضي؟ وأين النظرة النقدية العميقة التي من شأنها أن تقدم الحلول الفنية لكل من له صلة بكرة القدم؟ وما دور القنوات الرياضية المعنية برفع ذائقة التحليل الفني؟ وماذا سيجني المشاهد من طرح كهذا؟
يبدو لي أن القنوات الرياضية معنية في المقام الأول بالإجابة عن هذه التساؤلات المهمة، وباستطاعتها إيقاف سيل هذه الاستفهامات من الأساس عندما تركز على استقطاب الكوادر الكروية التي قدمت في الملاعب قبل المكاتب صفوة مسيرتها، ولنا في قناتي سكاي سبورت البريطانية والجزيرة الرياضية خير دليل، فهما نموذجان في اختيار الأسماء المؤهلة من اللاعبين والمدربين المتمكنين والمتخصصين في تقديم تحليلات ثرية تتلمس مواطن الخلل وتكشف سلبيات الأندية، وتبرز في المقابل الجوانب الإيجابية.
أدرك أن هناك إعلاميين لهم خبرتهم، ولكل شخص حرية التعبير عن وجهة نظره، لكن يتعين أن تكون وفق الآراء الانطباعية التي يستلزم أن تكون خارج ميدان التحليل الفني، فالتخصص هنا مطلوب.. أليس لكل علم رواده ومختصوه؟
مداد بإيجاز
- لجنة الانضباط أجلت عمل اليوم إلى الغد فأصبحت أمام قضيتين ساخنتين: أحداث مباراة الهلال والشعلة وبيان الإدارة الاتحادية حول الألفاظ العنصرية من جماهير الهلال، فهل تبت فيهما؟ أم يكون لحفظ القضايا بقية؟
- يبدو أن مواقع الأربعة الكبار في طريقها إلى التغير هذا العام، فهل يلحق المونديالي بالعالمي؟
- ناصر الشمراني.. يقدم نفسه كأبرز لاعبي الدوري تهديفاً خلال الأعوام الأربعة الماضية.. ويغيب في المنتخب!
- الشباب والأهلي والاتفاق.. تحصد نتائج العمل الهادئ والمركز هذا الموسم.