«نطاقات» جماهير النصر
على غرار تجربة وزارة العمل الحديثة مع برنامج نطاقات الذي يركز على تقييم أداء الشركات في السوق، ويعمل على تصنيفها إلى نطاقات: ممتاز وأخضر وأصفر وأحمر، حسب التزامها بالاشتراطات المطلوبة والمنظمة لعملية التوطين من قبل الوزارة تبنت جماهير النصر هذه الفكرة التقويمية فأشهرت البطاقات الحمراء في أكثر من مناسبة في وجه الإدارة النصراوية التي لم تستطع القيام بأبسط مهامها منذ تسلم الأمير فيصل بن تركي رئاسة النصر.
هذه المسجات الحضارية التي أرسلتها الجماهير، وآخرها بعد الخسارة أمام القادسية في الدوري هل ستكون معيارا كافيا وقياس قدرات وأداة تقييم فاعلة في وجه الإدارة، لتستجيب فوراً لهذه النداءات، وتدرك مكمن الخلل في الفريق، أم تستمر في أخطائها دون اكتراث بهذا التقويم الجماهيري المستمر؟
إدارة الأمير فيصل بن تركي أدركت فعلاً أنها تقع في النطاق الأسوأ، وحتى مع التغييرات الإدارية التي طرأت على الفريق هذه الأيام كنوع من الإذعان لنطاقات جماهير العالمي فإنها لا تزال تسير ببطء شديد في المعالجة الجوهرية لعلة الفريق المتمثلة أكثر في الجوانب الفنية والنفسية، رغم أن الفرصة مواتية الآن لقرب فترة التسجيل وحداثة الجهاز الفني، فما الذي يمنع الإدارة من تشكيل لجنة فنية عاجلة بعضوية نجوم النصر السابقين، تتولى الاختيارات الفنية المفيدة بالتنسيق مع ماتورانا، لرسم شخصية الفريق من جديد، ومعالجة المشاكل الفنية الأخرى التي يعانيها كضعف الحراسة وافتقاد اللاعب القيادي والخبير داخل الميدان، بدلا من أن تنصب الجهود كلها على بوتقة التنظيم الإداري والعجز المالي وتأخر الرواتب.. كل هذه الحلول الإدارية السابقة مهمة وجزء من المشكلة، لكنها موجودة في الأندية الأخرى، ولم تؤثر في تصاعد مستوياتها الفنية، ولا تحظى بهذه الهالة والمؤتمرات الصحافية والتأثير الإعلامي العكسي والمحبط للجماهير النصراوية والفريق، بل تمر مرور الكرام حتى من قبل الفرق التي لا تملك رعاية من الشركات، أما في النصر فالوضع استثنائي ومختلف تماماً.
استثنائي ومختلف لأنه على الصعيد الرسمي النصراوي لا شيء يدور هذه الأيام سوى الحديث عن التوقف عن إبرام أي صفقة تتجاوز أربعة ملايين، فرغم رداءة العمل الفني إلا أن بوصلة الإصلاحات تميل للتنظيم الإداري وجدولة الديون المتراكمة وإجراء مخالصات الأجانب، وإعلان ذلك لحظة بلحظة في وسائل الإعلام القديم والجديد، عبر استعراض البراعة الإدارية الجديدة في فن التفاوض الذي أسهم في إنهاء علاقة المحترف الأرجنتيني مارسير بالنصر بالتراضي، ومنحه مخالصة مادية، وكأن هذا الأمر هو الإنجاز المنقذ للنصر، ولا أدري لماذا لا تقتدي إدارة النصر بنماذج كروية محلية وخليجية عرفت خريطة العودة للبطولات والتألق عبر الاهتمام بالتنظيم الفني المميز لإعادة الثقة للجماهير، بعيداً عن الأمور الأقل أهمية التي ربما أثرت في اللاعبين وسمعة النادي أثناء التعاقدات، فالسد القطري أحرز المركز الثالث في بطولة العالم للأندية، بفضل منهجيته الفنية المميزة، والأهلي عاد للبطولات والحضور اللافت عندما أغلق باب التسريب الإداري للوسط الرياضي، وركز على الاستقطاب الفني الأجنبي والمحلي المؤثر، والاتفاق يسجل تألقه وجماعيته الرائعة في الدوري ولم نسمع كلمة واحدة عن جانبه الإداري أو مديونياته المالية.
إذن مع كل هذه الشواهد الحية والملموسة لماذا لا تستثمر إدارة النصر فترة الانتقالات الشتوية التي تلوح أمامها وأمام المجلس الشرفي الذي ينبغي أن يضطلع بدوره هو الآخر ماديا هذه المرة، لمساعدة الإدارة على اتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة لتجاوز مأزق النطاق الأحمر الذي تمسكت به الجماهير في أكثر من مباراة، وبصمت عليه المشكلة الفنية الواضحة المسيطرة على أداء الفريق، حيث بات يخسر من الفرق الصغيرة قبل الكبيرة، وأنهى الدور الأول من دوري زين والفارق بينه وبين التعاون صاحب المركز الـ13 خمس نقاط فقط، ووفقاً لهذا الموقف السيئ هل تكون الإجراءات الفنية وهي الأهم على أفضل مستوى، لتنقل الأصفر إلى النطاق الأخضر أم يكون لمشروع البناء المتعثر واللون الأحمر بقية؟