صرخة رجل محترم!
من ينكر أن العالم من حولنا يشهد متغيرات وتطورات جذرية، يكون قد خرج من التاريخ ويعيش في عصر آخر.
أقول هذا بمناسبة الصرخة التي أطلقها القاضي الفاضل الدكتور عيسى الغيث من خلال جريدة "الحياة" بتاريخ العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) هذا العام. الصرخة جاءت بضرورة تحديث بعض أنظمة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذه الأنظمة القديمة تمثل عائقا في طريق تطور المجتمع السعودي الذي يمر بمتغيرات عديدة خصوصا في السنوات الأخيرة. فهذه الأنظمة مضى عليها أكثر من ثلث قرن من الزمان.
وكما قال الدكتور الغيث في صرخته إن الأنظمة والقوانين "توضع حسب الظروف والبيئة". وما يصلح من 20 سنة مثلا قد لا يصلح الآن، فالمجتمع كائن حي ينمو بطبيعته ويتطور حسب قوانين التطور.. والمجتمع الذي لا يتطور يفقد قيمة وجوده، ويصبح مجتمعا متخلفا، ويخرج من التاريخ.
أعرف أن هناك بعض النقد قد أصاب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكني أظن أن هذا النقد كان حسن النية، ولم يكن القصد منه سوى الوقوف مع هذا الجهاز والرغبة في حثه على تطوير أنظمته وقوانينه حتى لا يكون جهازا جامدا، يضر المجتمع أكثر مما يفيده.
وكما يضيف الدكتور الغيث: "من المفترض في النظام الحديث ــ بعد تطويره ـــ أن تكون فيه ضمانات لحماية الجهاز من التعدي عليه، وكذلك حماية الناس من تجاوزات أفراد الجهاز، حيث يعرف كل طرف حدود ولايته وحريته وصلاحياته، فنحن نحتاج لهذا الجهاز ونفتخر به، وفي الوقت نفسه نريد حمايته من النقد الظالم له، وتشويه سمعته ونريد حماية حقوق الناس وحرياتهم من تجاوزات بعض الأعضاء.
وإذا كان الدكتور يتمنى في نهاية صرخته تحديث نظام الجهاز القديم، فإنني أرى أن المسألة تتجاوز مرحلة التمني إلى مرحلة الضرورة، فالطبيعي أن تتطور الأنظمة والقوانين تبعا لتطور المجتمع، ولا تكون متخلفة عنه حتى لا يحدث هذا الانفصام بين المجتمع وقوانينه، وحتى لا يصاب المجتمع بالجمود نفسه الذي وقعت فيه الأنظمة والقوانين.
إنني أضم صوتي لصرخة الدكتور الغيث، وأطالب بضرورة تطوير أنظمة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تساير المجتمع السعودي الذي يشهد تطورا واضحا. فهو مجتمع يتسم بالحيوية، فلا تقفوا أمام تطوره. بل ساعدوه حتى يكون مجتمعا عصريا في حدود الشريعة الإسلامية السمحة.. وحتى لا نتخلف عن المجتمعات التي حولنا.. والمفروض أن نسبقها، فعندنا كل مقومات السبق والتقدم.. والله المستعان.