قبل المطر .. أين الخطر؟
تتناول ''الاقتصادية'' في حلقة اليوم أهم استعدادات محافظة بيشة في مواجهة مخاطر السيول، حيث تتضح المخاوف التي تساور الأهالي من الأعمال التي تنفذها البلدية حيال ذلك، فهي – من وجهة نظر السكان – لم تقم بأعمال حاسمة تجعلهم يطمئنون عدا تلك الترميمات التي أجرتها للمصدات الخرسانية التي ما زالت متضررة من سيول العام الماضي.
ويرى الأهالي أن المصدات التي أقامتها البلدية لصد مياه السيول من شأنها أن تكون خطرا يهددهم عندما تقوم بتغيير مسار مياه السيول باتجاه الأحياء القريبة منها. البلدية مستمرة في العمل على إنجاز تلك المصدات في ظل المطالبة بإيقافها.
كما نتناول هنا، استعدادات إدارة الطرق في بيشة لمواجهة الطوارئ على مدار العام من خلال فرق ومعدات جاهزة، إضافة إلى الصيانة الدورية للعبارات ومجاري السيول في الطرق وتهيئتها لتقوم بعملها بشكل سليم دون عوائق. الدفاع المدني هو الآخر يؤكد استعداداته لمواجهة أخطار السيول والتدخل السريع في حال تطلب الأمر.
ونتطرق اليوم كذلك، إلى توقيع أمانة العاصمة المقدسة لخمسة عقود من شأنها تجهيز مكة المكرمة ومحافظاتها وقراها لموسم الأمطار ومرورها بسلام عليها، من خلال مشاريع ضخمة ومجهزة لمواجهة أخطار السيول والطوارئ التي من الممكن أن تخلفها. نشير هنا إلى أننا خصصنا حلقات سابقة عن أوضاع الاستعدادات في الرياض، مكة المكرمة، جدة، تبوك، طريف، المنطقة الشرقية، والسليل.
## بيشة.. مخاوف من مصدات الأودية في تغيير اتجاهات السيول
- علي المعاوي من بيشة
لم يلمس المواطنون في محافظة بيشة أي استعدادات حاسمة لموسم الأمطار ما عدا أعمال بسيطة كأعمال الترميم التي تقوم بها بلدية بيشة للمصدات الخرسانية التي ما زالت متضررة من سيول العام الماضي. ومع اقتراب موسم الأمطار في المملكة، ووسط مخاوف وقلق المواطنين من حدوث الكوارث من جراء السيول المتدفقة مع وادي بيشة الكبير الذي يبلغ طوله أكثر من 450 كيلو مترا، والشعاب التي تخترق بعض القرى والمراكز في محافظة بيشة، والتي تعتبر المغذي الأكبر لوادي بيشة.
ومن أكبر هذه الروافد وادي تبالة، ووادي ترج، ووادي هرجاب، وذلك لكونها تنحدر من جبال السراة جنوبا حتى تصل إلى سهول نجد بالقرب من وادي الدواسر، والتي يصل عددها إلى 100 واد، مازال المواطن في محافظة بيشة يترقب موعد حدوث كوارث الأمطار - لا قدر الله - على بعض المواقع التي تقع في بطون الأودية مثل تبالة، والثنية، وكذلك استراحات وادي بيشة التي تمتد على مسافة عشرة كيلو مترات.
والمواطنون في بيشة يستغربون عمل مصد خرساني للسيول بطول 12 كيلومترا من جسر وادي بيشة الفاصل بين حي الحرف – نمران حتى جسر وادي بيشة الثاني على طريق الرياض حيث إن وضع المصد سيؤدي إلى كارثة حيث سيغير مسار السيل إلى أماكن مأهولة بالسكان. وعلى رغم المطالبات بإيقاف العمل فيه، إلا أن بلدية بيشة مازالت مستمرة في العمل متجاهلة كل المطالبات من قبل المواطنين.
وأكد موطنون أن المصدات أنشئت بشكل عشوائي وستزيد من كوارث السيول، حيث قال المواطن محمد جاري، إن المصدات التي عملتها البلدية تعد كارثة في حد ذاتها ولا تفي بالغرض، بل بالعكس أصبحت عاملا أساسا في وقوع كوارث - لا سمح الله - أثناء جريان السيول، حيث قامت البلدية بتغيير مسار مجرى السيل إلى الجهة الغربية حيث يصطدم السيل بالقرى المحاذية للوادي من الجهة الغربية، وتضييق مجرى السيل حتى وصل عرضه 200 متر بدلا من كيلومترين وما نريده.
ويضيف علي الشهراني أن وادي بيشة ليس بالوادي العادي فله صولات قديمة يرويها لنا كبار السن من مئات السنين، ولكن يجب على الجهات المختصة عمل كل ما يلزم لحماية المواطنين من كوارث السيول ليس على وادي بيشة فقط، بل وادي تبالة الذي اجتاح قرى الثنية و تبالة في العام الماضي حيث تسبب في خسائر مادية كبيرة.
ما نريده هو المسارعة في عمل العبارات والجسور على امتداد الوادي المحاذي للقرى في بيشة وقراها، وعمل إنذارات على جميع الأودية. ولا يزال هناك الخطر الحقيقي في الوادي ويكمن في الحفر المنتشرة في وسط الوادي والتي خصصت لبيع بطحاء البناء من وادي بيشة لمحافظة بيشة والمحافظات المجاورة.
وشكلت خطرا حقيقيا على عابري الوادي حيث يبلغ عمق بعضها مائة متر. يقول المواطن علي الشمراني: إننا في بيشة نرى الخطر بأعيننا دون تحرك من الجهات المختصة بوضع قرارات وعقوبات تحد من انتشار ظاهرة الحفر في وسط الوادي وبيع البطحاء. يجب التوقف عن هذا العمل وبأسرع وقت ممكن.
ويقول صالح بن ثايب: إن من الخطأ الكبير منح العديد من المواطنين تصريحا لعمل كسارات داخل الوادي مما نتج عنه العديد من الحفر العميقة حيث تشكل المستنقعات الكبيرة خطرا على حياة السكان وعابري الطريق، بل أصبحت تشكل أيضا خطرا على الجسر الواقع بين ضفتي الوادي بين (حي الحرف – ونمران). وأوضح مدير إدارة الطرق في بيشة علي العلي أن إدارة الطرق في بيشة على أهبة الاستعداد لأي طارئ على مدار العام بجميع الفرق وبكامل معداتها وطاقمها من سائقين وفنيين، إضافة إلى عمل الصيانة الدورية لجميع العبارات ومجاري السيول في الطرق الزراعية أو الطرق العامة وذلك بإزالة جميع ما يعوق مجرى السيول وخاصة الحواجز الترابية أمام مداخل ومخارج الجسور والعبارات التي تنتج عن التعديات مما تتسبب في تغيير مسار المياه عن مجاريها حيث تتم إزالتها فورا وقت حدوثها.
وأشار العلي إلى أن هناك متابعة مستمرة مع المقاول لإزالة الترسبات لتلافي ارتداد مياه السيول، وبين أن هناك حصرا لجميع الإمكانات الآلية من معدات وتجهيزها سواء التابعة لعقود صيانة طرق بيشة أو التابع لقسم الطرق الترابية في الإدارة للإسهام بها في حالات الطوارئ حيث تم تزويد مديرية الدفاع المدني بأعدادها وأماكن وجودها للاستفادة منها إذا دعت الحاجة. الدفاع المدني نقوم بعمل كل الاحتياطات والأعمال الاحترازية لمواجهة الأخطار الناجمة عن موسم الأمطار.
وأبان الناطق الإعلامي للدفاع المدني في منطقة عسير بالنيابة الرائد أحمد آل عواض عسيري، أن مديرية الدفاع المدني في منطقة عسير ممثلة بجميع إداراتها ومراكزها المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة، تقوم بعمل كل الاحتياطات والأعمال الاحترازية لمواجهة الأخطار الناجمة عن موسم الأمطار، وذلك باتباع أحدث الطرق والأساليب الحديثة، ومن خلال المعدات والآليات الحديثة والمتطورة التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين التي تساعد - بمشيئة الله تعالى - على خفض نسب الأخطار الناجمة عن ذلك حيث يتم التنسيق المستمر من قبل مركز القيادة والسيطرة مع مصلحة الأرصاد وحماية البيئة لمعرفة حالة الطقس.
وعند وصول أي تنبيه عن توقع هطول المطر، يتم على الفور تمرير هذه المعلومة إلى جميع فرق الدفاع المدني في المحافظة المعنية لأخذ الاستعدادات والتهيؤ من خلال تسيير الدوريات على مشارف الأودية وعلى الطرق والميادين العامة وداخل الأحياء وكذلك أماكن جريان السيول في الوديان من خلال التنبيه على الناس بمكبرات الصوت للابتعاد وأخذ الحيطة.
ويتم التنسيق أيضا من مندوبي الجهات الحكومية الذين يتم تحديدهم سلفا لقيام مندوب كل جهة بالمهمة المنوطة إذا ما استدعى الأمر. وهنا لا ننسى دور المواطن المهم فهو يعد رجل الأمن الأول من خلال ما يمتلك من حس وقائي ومعرفي يحد من تعرضه لأي مكروه - لا قدر الله - وذلك باتباع تعليمات الدفاع المدني وعدم المجازفة بعبور الأودية وأماكن جريان المياه مهما كانت الظروف، وعدم التردد بالاتصال برجال الدفاع المدني فهم على أهبة الاستعداد في أي وقت وزمان، متمنين للجميع السلامة الدائمة.
## أهالي الجوف لـ«الأمانة»: متى نرى مشاريع تصريف السيول في المنطقة؟
- فيصل الدغماني من الجوف
تذمر أهالي منطقة الجوف من عدم تحرك الأمانة في تنفيذ مشاريع تصريف السيول لدرء مخاطرها وسلامتهم وممتلكاتهم من الأخطار المحتمل وقوعها، مشيرين إلى أن عشرات الملايين هي حصيلة ميزانيات أمانة منطقة الجوف لسنوات سابقة لم تشفع لها بتنفيذ مشاريع تصريف السيول بالطرق الصحيحة، الأمر الذي انزعاجهم، خصوصا أنهم يشاهدون العديد من الآليات مع شتاء كل عام في طرق وشوارع المنطقة تقوم بسحب المياه عن طريق الشفط، وهي الطريقة التقليدية الذي أستاء منها أهالي الجوف.
وما زال محمد الشمري، الذي يسكن بالقرب من ''شارع العرب'' في مدينة سكاكا، يتذكر ذلك الشارع الذي يغرق سنويا جراء الأمطار التي تهطل على المدينة، قائلا ''يبدو أنه استعصى على أمانة الجوف منذ ما يزيد على 20 عاما''. وأضاف ''أشاهد سنويا سيارات الشفط التابعة لأمانة الجوف وهي تقوم بشفط المياه من الشوارع والطرقات بطرق تقليدية لا تدل على جهود واضحة في وضع حلول جذرية من خلال تنفيذ مشاريع تصريف السيول بالشكل الصحيح''.
ويقول أيمن الخلف ''إن العديد من المنازل في أحياء عدة في مدينة سكاكا تعاني انخفاضا في منسوبها الهندسي عن مستويات الشوارع والطرق المحيطة بها، الأمر الذي يعرضها لخطر السيول في أية لحظة''.
على الرغم من أن عجلة التنمية التي لم يشأ القدر أن تتجه لمدينة سكاكا في منطقة الجوف منذ عقود خلت، لكنها باتت اليوم على مشارف المدينة، جاءت كما هو الحلم الجميل الذي يأتي بعد كابوس مخيف، منذ بدء عهد الملك عبد الله والمدينة تأخذ نصيبها من المشاريع التنموية كغيرها من مدن المملكة، وعلى إثر هذا انتعشت آمال أهالي سكاكا بعد سنوات عجاف سيطرت عليهم لسنين تزيد على أربعة عقود.
وبدأ الأهالي في الحديث عن المشاريع التنموية التي يشاهدونها على أرض الواقع ويرقبونها يوما بيوم ليكبر معها الحلم الجميل، ويطالبون بالمزيد حتى أصبحت بعد فترة وجيزة هي المدينة الخلابة التي يحلم بها ساكنوها؛ فالمدينة حاكت الآلام لسنوات طويلة بالكاد يفقد الناس الأمل بأن بوصلة التنمية ستتجه شمالا نحو الجوف.
اليوم والناس تراقب تحركات ''الدينمو'' المحرك لتجميل وتنمية المدينة ''أمانة منطقة الجوف'' تشعر بالرضا تارة والسخط تارة أخرى، فأمانة المنطقة عملت أخيرا على تجميل المدينة من إنشاء مسطحات خضراء ومتنزهات للأفراد والعائلات في أرجاء المدينة كافة، إضافة إلى مواقع مخصصة لرياضة المشي للأفراد والعائلات وآلات رياضية مخصصة لألعاب القوى مجانا في مواقع عدة في مدينة سكاكا؛ الأمر الذي خلق جوا من الرضا على أداء أمانة منطقة الجوف تجاه مدينة سكاكا؛ فالمواطنون هم الذين يشعرون بتحركات الأمانة من عدمها؛ لأنهم هم المعنيون بالأساس.
في هذا السياق تحدث لـ''الاقتصادية'' المهندس محمد الناصر، أمين أمانة منطقة الجوف، بأنه يكرّس جهده وطاقته وعمله في سبيل تحقيق آمال أهالي المنطقة من خلال الاستجابة لمطالبهم والعمل على تحقيقها، مضيفا أن الجوف حققت أخيرا رقما جيدا من خلال كمية المشاريع التي اعتمدت للمنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، مؤكدا أهمية مواصلة العمل مع أمير منطقة الجوف رأس الهرم الإداري والاستماع لتوجيهاته لتحقيق طموح المواطنين في التنمية والتطور الذي تعيشه المملكة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين.
في المقابل والوجه الآخر من المدينة هناك ألم آخر وقصة أخرى تحكيها مدينة سكاكا، فلا مشاريع تصريف للسيول حقيقية يمكن معها درء مخاطر مياه الأمطار، حيث تفتقر المنطقة للمشاريع الضخمة التي يمكن معها التغلب على مشكلة تراكم مياه الأمطار ومخاطرها، سواء عند الجريان والخسائر التي من الممكن أن تخلفها، أو حتى في ركودها وجعلها منبعا للأمراض المعدية وتجمع الحشرات وغيرها من الأضرار، إضافة إلى عدم وجود مسطحات خضراء ولا إنارة للطرقات ولا هي تلك المتنزهات العائلية ولا توجد الألعاب المجانية؛ فالأمر هنا مختلف تماما ولا مفاجأة؛ فالحديث هنا لا يزال عن المدينة نفسها والمنطقة ذاتها والمسافة بين الوجهين هي لا تتجاوز بضعة كيلو مترات، لكن هنا نتحدث عن ''الأحياء الداخلية لمدينة سكاكا'' فهناك مخلفات بناء ونفايات، حدائق جرداء ومرتع للأوساخ، مياه تسيل بين المنازل، تلوث وأمراض، سوء في النظافة وأسوأ في الرقابة والحديث للمواطنين، يقول نافع لافي، أحد سكان حي المحمدية: إن الوضع داخل الحي مؤسف ومؤلم، فالنظافة شبه معدومة داخل الحي، إضافة إلى عدم الرقابة من قبل أمانة المنطقة في المخالفات التي تقع من بعض المواطنين من خلال رمي مخلفات البناء والنفايات في المساحات الفارغة داخل الأحياء، كما ذكر أن أمانة المنطقة تتهاون تجاه مخالفات تسرب المياه من بعض المنازل الأمر الذي يجلب الأمراض وتراكم الأوساخ.
أما فايز العايد، صاحب مجموعة البلاد العقارية، فذهب إلى ''حدائق الورق'' وذكر ''أغلب الأحياء في مدينة سكاكا مخططة تخطيطا جميلا؛ فالمساحات الفارغة هي حدائق داخلية لسكان الأحياء، إلا أنها على الورق فقط لم تقم الأمانة بتنفيذها؛ لذلك يستغلها البعض في رمي المخلفات والنفايات، الحال الذي شوه أحشاء المدينة''. أما محمد العنزي، أحد سكان حي الزهور، فيقول ''ليس لنا من اسم الحي نصيب، فالظلام دامس، فلا إنارة ولا نظافة والحال يحكي نفسه''.