الفهد يتكلم صيني!
بدأت المعركة الانتخابية للوصول إلى كرسي رئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم مبكرا، وبدأت التصريحات ومرحلة تشكيل التحالفات وعقد الصفقات و... ظهرت الخلافات! المتنافسون على ''كرسي كوالالمبور'' حتى الآن هم نائب رئيس الاتحاد ورئيس لجنة الحكام الآسيوية الإماراتي يوسف السركال ورئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة صاحب التجارب السابقة في الاتحادين الآسيوي والدولي ''فيفا''، وثالثهما هو القائم بأعمال رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم (بالوكالة) الصيني زهانغ جيلونغ. السركال يحظى بدعم القيادة السياسية والرياضية في بلاده، ويعتمد على علاقته المتينة مع الرئيس السابق بن همام، وهو أكثر المرشحين نشاطا على الصعيد الإعلامي، المرشح الآخر من غرب القارة.. الشيخ سلمان يرتكز على الثقل القاري لحلفائه في السعودية والكويت، وعلى الجانب الشرقي يقف الصيني جيلونغ وحيدا يعوّل على ''خلافات الأشقاء'' في غرب القارة، ويعمل بصمت كعادة الصينيين. في الفناء الخلفي لمعركة آسيا الانتخابية وفي غربها تحديدا يوجد لاعبان مهمان أكاد أن أجزم أنهما سيضطلعان بدور رئيس في الانتخابات في العلن وخلف الأبواب المغلقة، هما نائب رئيس فيفا عن قارة آسيا الأردني الأمير علي بن الحسين، ورئيس المجلس الأولمبي الآسيوي الكويتي الشيخ أحمد الفهد الصباح.. يقع الأمير علي في موقف دقيق وحساس ما بين السركال وآل خليفة، وقد يؤدي وقوعه في هذا الموقف إلى تحييد دوره في العملية الانتخابية ''جزئيًا''! فهو مرتبط بعلاقة مصاهرة مع سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم صاحب الفضل الأكبر في وصول ابن الحسين إلى منصبه الرفيع في ''فيفا''، وسمو الشيخ محمد هو أيضا من يقف اليوم كأقوى الداعمين لترشيح الإماراتي السركال، يرتبط ابن الحسين من جانب آخر بعلاقة ''دائن ومدين'' مع الشيخ سلمان الذي وقف بجانبه ضد الكوري الجنوبي القوي د. تشونغ في موقعة كونجرس الاتحاد الآسيوي الذي أقيم في الدوحة مطلع العام الجاري، وحان وقت استحقاق ''الدين'' وفقا لما تقتضيه الأعراف الانتخابية.. وهنا تتبين الحسابات المعقدة التي قد تؤرق الأمير الأردني الشاب في الفترة القادمة. أما الشيخ أحمد الفهد المصنف كأبرز اللاعبين الانتخابيين على مستوى القيادات في آسيا والمتمرس في توزيع ''أوراق اللعب الانتخابية'' حسبما تقتضيه ظروف كل مرحلة، فهو موجود على رأس أعلى سلطة رياضية في آسيا متمثلة في المجلس الأولمبي الآسيوي منذ عشرين سنة، إضافة إلى مناصب رياضية قارية ودولية رفيعة أخرى نسج من خلالها شبكة علاقات واسعة ومؤثرة في شرق وغرب ووسط القارة، أضف إلى ذلك تجربة سياسية داخلية ملؤها الأزمات خاضها الفهد لمدة عشر سنوات فاكتسب من خلالها مزيدًا من الخبرة والعلاقات التي تجعل منه وبلا مبالغة الأقدر على إدارة المعركة الانتخابية بأبعادها الثلاث (الرياضية - السياسية - المالية).. وفي جانب آخر من شخصيته، يكسب الفهد الأصدقاء بكل سهولة ويسر، كما يجيد كسب الأعداء! وغالبا ما يعتمد على مناورات لا تخلو من المخاطر! ثقته المفرطة بقدراته تأخذ برجله إلى السير على خيوط التوازنات الرفيعة التي قد تنقطع بخطوة خاطئة واحدة! المجرى الطبيعي للأمور يؤدي بالفهد إلى دعم صديقه وحليفه الشيخ سلمان بن إبراهيم ضد الإماراتي يوسف السركال، وفي حال فوز السركال بكرسي الرئاسة، باستطاعة الفهد المحافظة على ''شعرة معاوية'' مع خصمه ''أبو يعقوب'' عن طريق عضو لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الأولمبي الآسيوي الإماراتي أسامة الشعفار المؤهل للعب دور همزة الوصل كونه صديقا مشتركا بين الرجلين، وهنا تتضح أهمية شبكة علاقات الفهد التي يستخدمها كورقة رابحة بيده تضمن له الأفضلية وحرية التحرك في أكثر من اتجاه. باختصار.. ليس لدى ''موزع أوراق اللعب'' ما يخسره في غرب القارة! الأهم بالنسبة له هو كسب ود أصحاب العيون الضيقة في الشرق! قمت برسم تصوري الخاص لموقف الفهد من الانتخابات وفقا للمعطيات السابقة وصوّرته بالشكل الذي يتناسب مع ''براغماتية'' الفهد، يتمثل التصور في وقوفه مع مرشح شرق القارة الصيني زهانغ جيلونغ (من تحت الطاولة) سعيا وراء تحقيق ثلاثة مكاسب (على الأقل) في جولة واحدة:
١- ضمان استمرار دعم الصين و''أخواتها'' (هونغ كونغ - مكاو) له في المجلس الأولمبي الآسيوي وتأمين تدفق عقود رعايات ضخمة من شركات شرق القارة العملاقة لإنعاش ميزانية المجلس.
٢- سهولة السيطرة على قرار ''الدوريش'' الصيني ضعيف الشخصية جيلونغ الذي كان يعمل كمترجم بالاتحاد الآسيوي في ثمانينيات القرن الماضي.
٣- كسب دعم دول شرق القارة ''بنظام الدفع الآجل'' لشقيقه الشيخ طلال الفهد الذي يخطط للترشح لرئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في الدورة ما بعد القادمة.