الأسد: إذا رفضني السوريون سأستقيل!

الأسد: إذا رفضني السوريون سأستقيل!

كشفت المعارضة السورية أن اجتماعا تم بين الرئيس السوري بشار الأسد وأهالي حي جوبر، أكد فيه الأسد أنه سيستقيل إذا لم يرغب فيه السوريون، وجاء ذلك عقب لقاء مع ممثلين عن أهالي حي جوبر أكدوا فيه أنهم تناولوا مع الأسد قضايا مهمة وحساسة، مشيرين إلى أنها المرة الأولى التي يستمع فيها الأسد للمواطنيين دون كيل للمديح والتصفيق الحار، الذي كانوا يجبرون عليه في أي لقاء مع مسؤول سوري، وأكد أحد المشاركين في اللقاء أن الأسد التقاهم مدة ثلاث ساعات متواصلة وكان راغبا في الاستماع أكثر من التوجيه والنصائح المعتادة، حيث تمنى علينا الرئيس أن ننسى أننا نجلس مع الرئيس، وأن نتحدث بعفويه تامة وصراحة مطلقة موضحا أن الأسد قال: إذا تبين لي أن الشعب لا يريدني فسأستقيل من منصبي وسأعود للعيش في المنزل الذي نشأت فيه، فما زالت لدي عائلة وأبناء وأصدقاء من أيام الدراسة وهذا يكفيني، غير أنه أكد أن الرئيس وكما يبدو لنا لا يملك القرار،
وأضاف المشارك في الاجتماع أن أهالي حي جوبر طرحوا عديدا من القضايا مثل العنف والقتل والتعذيب والاعتقالات والإيقاف والقوة المفرطة للأمن، مشيرين إلى أن الحاجة إلى الحرية تعدل حاجتهم للماء والخبز، وأن الأهالي والمواطنيين لا يثقون بالوعود الإصلاحية التي تطرحها الحكومة، وعدم ثقة الشعب نابعة من تاريخ من عدم المصداقية وانعدام الثقة، وانتقدوا السياسة الإعلامية التي تقوم على الخداع والتضليل والكذب وإثارة الفتن الطائفية، مؤكدين على حوادث كثيرة نفاها الإعلام السوري وتراجع عن نفيه فيما بعد، ونقل المواطن السوري عن الرئيس بشار الأسد قوله: إن إطلاق النار على المتظاهرين خطأ غير مسموح، ومن لديه اسم عنصر أمن أطلق النار فليزودنا به وسنقوم بمحاكمته، وما يجري من تعذيب للموقوفين غير مقبول وسببه العقلية الأمنية القديمة لدى عناصر الأمن، وسيتم سحب الأمن من بين الناس بشكل نهائي، مؤكدا لهم أن التلفزيون السوري لا يعمل بشكل جيد. فهناك مناطق قال التلفزيون إنه لا توجد فيها مظاهرات، وتبين لنا عكس ذلك حيث قمنا باستحضار التجربة التركية فيما يتعلق بقانون الإدارة المحلية، لكن القانون لم يعجب أحد، وقانون الانتخابات الجديد فيه ثغرات، ويجب أن يعدل والقوانين الإصلاحية التي نعرضها تحمل أخطاء كثيرة بسبب الاستعجال في صياغتها. وبين الرئيس السوري أن لا أحد يريد أن يعطينا فرصة، ويريدون كل شيء خلال خمسة عشر يوما.
وأوضح الرئيس أن عاطف نجيب ابن خالتي ليس في السجن، ولا يشغل أي منصب بعد إقالته. ولا يوجد حتى الآن أي ادعاء شخصي عليه، وهذا أمر ضروري لمحاكمته، ويشار إلى أن نجيب متهم بقتل أكثر من 15 شابا من درعا بسبب كتابتهم شعارات مناهضة للنظام على الجدران، وهو ما كان الشرارة التي أدت إلى الانتفاضة الشعبية، أما بخصوص اعتقال الفنان التشكيلي علي فرزت فقال الأسد: إن علي فرزات كان صديقي وأنا توسطت له لترخيص جريدة الدومري قبل أن أصبح رئيسا، لكنه طعنني في الظهر، وبين الرئيس أن زيادة الرواتب وتخفيض سعر المازوت كان خطأ وبدأ يرهق الميزانية، وأن أحد هذين الإجرائين كان يكفي، وحول مطالبة الأهالي باستقلالية القضاء لضمان نزاهته قال الأسد: من يضمن أن يصبح القضاء نزيها إذا رفعت عنه الوصاية، وبين الأسد أن مكافحة الفساد تشمل مكافحة الطائفية معللا ذلك بقوله: عندما ترى أن هناك امتيازات لطائفة دون أخرى ستصبح طائفيا؛ لذلك فإن محاربة الفساد في جزء منه محاربة للطائفية، وأنا لستُ علويا ولا سنيا، أنا أنتمي للأصل للنبي محمد، وبخصوص ما حصل في حماه (الجمعة الماضية)، قال الأسد: لن أسكت عنه وسأحاسب الصغير والكبير عما فعلوه، لا أعتب على من يتظاهر، بل أعتب على من يصور ويرسل المقاطع، كل الخطوات التي قمنا بها لتحسين الوضع الاقتصادي في السنوات الأخيرة كانت فاشلة.
كما كشفت مصادر سورية مقربة من الرئيس السوري بشار الأسد أن هناك خلافات داخل روقة القصر الجمهوري يتزعمها شقيق الرئيس ماهر الأسد، الذي سيطر على الحرس الجمهوري وأجهزة الأمن والاستخبارات، وأصبح يتحكم في وحدات الجيش السوري، ويصدر أوامر تنفيذية دون الرجوع إلى الرئيس بشار الأسد، ضمن رؤية تؤكد أن ماهر الأسد يعيش حالة من القلق والارتباك الشديدة دفعته لتفضيل الخيار الأمني على الخيار الإصلاحي والسياسي، مؤكدا أن هذا الخيار سيؤدي به إلى القضاء الدولي، وأن الاحتجاجات الشعبية ستتواصل في حال إدراكها أن هناك حالة ضعف في السلطة السياسية، وتقول هذه المصادر: إن مدير المخابرات التركية حقي فيدان ناقش الأمر والرئيس السوري، وأكد له عدم قدرته على تنفيذ الإصلاحات السياسية لوجود لوبي وحرس قديم يرى أن الإصلاحات ستكون وبالا على مستقبله السياسي، ويقال إن هناك تيارا استئصاليا مرتبطا بماهر الأسد وبخاصة اللواء علي مملوك مدير المخابرات السورية وحافظ مخلوف الذين يعتبرون أن مجرد تقديم تنازلات حتى للتيار الثالث في سوريا، وهو تيار مطالب بإصلاحات داخل النظام السياسي، وهو مجموعة من المعارضين في الداخل من تيارات وطنية وعلمانية وقومية وإسلامية ويسارية، حيث يعدها كلٌّ من مملوك ومخلوف أنها الأشد خطورة على سوريا وقيادتها.
وأكد المصدر أن ماهر الأسد يرى أن القبضة الحديدية هي التي ستحقق الأمن والاستقرار لسورية، وأن غياب هذه القبضة يعني نهاية سلطة الأسد كعائلة في سورية، وربما تأثرها كأقلية في المكون السوري، ويؤكد هذا المصدر أن هناك اعتقادا كبيرا بأن ماهر الأسد استطاع عزل الرئيس تماما عن القرار العسكري والأمني، وعمد إلى تحييده عما يجري في سورية، وأن مشاركته السياسية ليست لها محصلة ونتيجة، وهو ما لمسه الأتراك عندما دعوا الأسد للإطاحة بشقيقه وأركان عصابته، ويؤكد هذا المصدر أن عزلة الرئيس بشار الأسد امتدت إلى مراقبة اتصالاته وعلاقاته وحراكه الداخلي والخارجي، مشيرا إلى أن ماهر الأسد هو من تعذر بانشغال الرئيس عندما اتصل به مرارا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مؤكدا له وعبر السكرتاريا الأمنية أن الرئيس مشغول في اجتماعات داخلية وأنه لا يستطيع محادثته.
وبحسب محلليين سياسيين سوريين فإن غياب الرئيس السوري بشار الأسد وعدم تواصله مع رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية والحكام العرب والأجانب ليست المرة الأولى، وإنما مرات عديدة لا يحظى بها هؤلاء المسؤولون بمهاتفة الأسد، الأمر الذي أعطى انطباعا بأن الرئيس لا يملك من مقاليد الحكم الكثير، وأن ماهر الأسد من فرض الحل العسكري الذي فاقم الأزمة الداخلية وجعلها تتصاعد ناحية التعقيد، وربما التدويل، خاصة بعد حديث عن اجتماع على مستوى مجلس الأمن القومي التركي أكد فيه أردوغان أن أنقرة تنتظر حدوث أزمة إنسانية، وأنها ستبادر لإقامة شريط عازل لحماية المدنيين، ويؤكد نازحون أن الاحتجاجات في منطقة جسر الشغور كانت مشتركة بين عوائل سنية وعلوية، وهذا ما أفزع القيادة السورية؛ لأن هذا يؤثر في قدرتها كعائلة على مواصلة الحكم في سورية، ويكشف هذا المصدر أن غياب الثقة في الإدارة السورية والتنسيق بين أجهزة الإعلام والمخابرات العسكرية أساء لسورية خاصة، وأن المعلومات تفيد بأن ماهر الأسد أوعز بقرارات مهمة وخطيرة بأنه وفي حال تقاعس الجنود عن القيام بالواجبات الموكولة إليهم، فإن الحرس الجمهوري سيعدهم متخاذلين، وسيكونون عرضة للقتل، وهو ما أكدته حادثة جسر الشغور والمقبرة الجماعية التي حدثت والتي دفن فيها ما لا يقل عن 120 جنديا قيل إن الحرس الجمهوري من أطلق عليهم النار، وقام بعملية دفنهم ورسمت لأجل ذلك سيناريوهات وإعلانات دعائية تؤكد اكتشاف الجيش السوري مقبرة جماعية، غير أن حقوقيين ولاجئين قالوا إنه نجم عن قيام وحدة خاصة من الحرس الجمهوري ترافق الجيش مهمتها تنفيذ الأوامر بقتل العسكريين حال عدم قيامهم بإطلاق النار على المدنيين، وبحسب النازحيين السوريين إلى (لواء الأسكندرون) فإن الفرقة الرابعة من الحرس الجمهوري اضطرت إلى التدخل في منطقة جسر الشغور بعد أن رفض الجيش إطلاق النار على المواطنين، الأمر الذي نجم عن مقتل عدد كبير من الجنود وانشقاق 50 جنديا أعلنوا انضمامهم إلى المواطنين، ما اضطر وحدات من الحرس الجمهوري إلى محاولة منعهم من دخول الأراضي التركية، وقالت ألكسندرا هدوسون مراسلة وكالة رويترز: إن النازحين فروا إلى الأسكندرونة بعد أن اقتحمت دبابات الحرس الجمهوري بلدة جسر الشغور لسحق الانتفاضة هناك
وبحسب الفارين إلى الأسكندرونة الذي قدرت السلطات التركية عددهم بـ(5100 نازح)، فإن الحرس الجمهوري أحاط بالبلدة من ثلاث جهات، وقام بعملية قصف عنيف وعشوائي في محاولة منه لإنهاء المهمة بشكل عاجل، موضحين أن القصف تم ليلا، وأن من قتل واستشهد في هذه البلدة تم نقلهم بسيارات تابعة للجيش إلى منطقة قريبة من جسر الشغور، وإمعانا في تعذيب المواطنيين قامت وحدة من الحرس الجمهوري بحرق حقول القمح في ثلاث قرى تنفيذا لأوامر من ماهر الأسد تفيد تنفيذه خطة الأرض المحروقة مع أي منطقة تقوم بمواجهة الجيش وتتظاهر احتجاجا على السلطة السياسية، وأكدوا أن بعض العوائل التي هربت إلى تركيا فقدت بعض أبنائها إما قتيلا أو معتقلا لدى السلطات السورية، وبحسب لاجئون لمحطة NTV الإخبارية التركية: عندما حدثت المجزرة في جسر الشغور انقسم الجيش على نفسه، وقام بعض الجنود بقتل بعضهم البعض بأوامر عسكرية وجهت لهم.
ومن جانب آخر، تمت إقالة الإعلامية السورية ريم حداد من الدارة التلفزيون السوري بعد سلسلة من الأخطاء السياسية المحرجة مع الإعلام الخارجي، حيث شبهتها صحيفة الجارديان البريطانية بـ(صحاف دمشق) في إشارة إلى شخص وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف إبان صدام حسين الذي امتهن صنع البطولات والأوهام فترة الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث أشارت حداد إلى أن النزوح من سوريا إلى تركيا بل المسألة لا تتعدى كونها زيارات داخلية تجري باستمرار بين عائلتين، وأن ما يجري ليس أكثر من حركة بينية في شارع واحد.