سوق الأسهم السعودي من منظور كلي

الاقتصاد عبارة عن جسم كامل متكامل تتداعى أعضاؤه وتؤثر في بعضها بعضاً وخاصة قطاعاته الأساسية الثلاثة (الزراعي، الصناعي والخدمي) وأسواقه الرئيسية الأربعة (سوق السلع والخدمات، سوق العمل، سوق العقار، والسوق المالية)، والسوق الأخير هو الأكثر حساسية لتداعيات بقية الأسواق لأنها ترتبط بكل منها ارتباطاً وثيقاً، حيث إنه الممول الأساسي لها ويتأثر مباشرة باختيارات المودعين وقرارات جمهور المساهمين الذين ينقسمون إلى مساهمين ومستثمرين حقيقيين، وهم غالباً المكتتبون الذين يشترون أسهمهم من سوق الأسهم الأولية (مرحلة الاكتتاب)، ولا ينظرون إلى الأرباح العاجلة بين يوم وليلة، وإنما ينظرون إلى أهداف بعيدة تحقق لهم عائدات مجزية من خلال الأرباح الموزعة ونمو رأس المال. أما المساهمون الآخرون فهم الذين تطلق عليهم صفة المضاربين لأنهم يشترون أسهمهم اليوم على أمل الحصول على عائدات رأسمالية منها خلال مدد قصيرة، وغالباً ما يكون من بينهم كثير من الذين يقترضون لشراء الأسهم في السوق الثانوية، مما يجعلهم غير قادرين على تحمل انخفاض أسعار الأسهم، وقد يتعرض بعضهم إلى الخسائر الكبيرة التي قد تصل بهم إلى درجة الإفلاس، وفي الوقت ذاته يمهدون الطريق لمن يتلاعبون بمجريات العرض والطلب تحقيقاً لمصالحهم الخاصة.
وتؤثر تشوهات سوق المال في الأسعار السائدة للأسهم حيث تكون، قيمة أسهم بعض الشركات أقل بكثير من قيمتها عند الاكتتاب! مما يدل على خلل في هذا السوق وتشوهات يجب تلافيها من أجل استمراريته بكفاءة، ولكي تجني البلاد ثماره وفوائده المتعلقة بالاستثمار الحقيقي والتوظيف، لا بالمكاسب المالية الآنية، التي وإن أسمنت وأغنت من جوع، فلبعض الأفراد فقط، بينما يتضرر غالبية أفراد المجتمع، فمن المأمول من سوق الأسهم أن يتوجه نحو الاستثمارات الحقيقية المربحة المدروسة والمقيمة بشكل صحيح وعادل والتي بدورها تولد الوظائف وتساهم في بناء اقتصاد متين.
وقد أضافت العولمة الاقتصادية بعداً جديداً لتحليل الأسواق المالية، حيث لم يعد هناك سوق مالي في دولة ما لا يرتبط بالأسواق المالية العالمية الكبرى، وخاصة السعودية التي كانت أصلاً جزءاً لا يتجزأ من السوق المالية العالمية حتى قبل بزوغ فجر العولمة في أواخر ثمانينيات القرن الميلادي الماضي، واستفحال أمرها مع بداية الألفية الميلادية الثالثة. فمنذ أن أصبح النفط المورد الاقتصادي الأساسي لها، وهو الوقود الرئيس للاقتصاد العالمي اليوم، أصبح الاقتصاد السعودي متكاملاً مع جميع الأسواق العالمية استيراداً وتصديراً، وعمالة، واستثماراً، وبأحجام كبيرة أهلته لكي يكون عضوا في مجموعة العشرين G20 التي تضم أكبر 20 اقتصاداً في العالم. لذا، فإن هذا التحليل يأخذ في عين الاعتبار ارتباط القطاعات الاقتصادية الثلاثة والأسواق الرئيسية الأربعة ببعضها محلياً، وتداعيات العولمة خارجياً. كما أن الوضع السياسي العربي الراهن الشديد الاضطراب، سيلقي بظلاله على السوق المالية السعودية، كما سنوضح فيما يلي، حيث سنقسم العوامل الكلية المؤثرة في سوق الأسهم إلى عوامل داخلية تشتمل على قطاع النفط والقطاعات غير النفطية والدين العام والإنفاق العام ومستويات السعودة والاستقرار السياسي، وعوامل خارجية تتمثل في التكامل مع الأسواق العربية الخليجية والوضع السياسي الراهن في الدول العربية الأخرى، والعولمة بصفة عامة والارتباط بالسوق الأمريكية المالية بصفة خاصة.

أولا: العوامل الداخلية:
1.1 - النفط
يعد النفط العمود الفقري للاقتصاد السعودي ويؤثر سعره والتوقعات المستقبلية له على كل فعاليات الاقتصاد الوطني السعودي وقطاعاته المختلفة، بصفة عامة وعلى سوق الأسهم بصفة خاصة، حيث إنه كلما ارتفعت أسعار النفط عالمياً ازدادت الدخول الفردية والحكومية داخلياً وتزيد توقعات طفرة الإنفاق العام، مما يزيد الطلب على الأسهم من قبل القطاعين العام والخاص والأفراد. وبما أن أسعار النفط حاليا في ارتفاع فسيكون لذلك أثر إيجابي على سوق الأسهم وأسعاره، وتشير جميع التوقعات إلى أن وجود سعر النفط فوق 85 دولارا للبرميل خلال العام يعد نطاق ارتياح وإيجابيا للاقتصاد والوطن وسوق الأسهم وهذا متوقع نتيجة للطلب العالمي، وفي الوقت نفسه تعطي التوقعـات المختلفة لأسعـار النفط مع وجود الاضطرابات السياسية في بعض الدول المنتجة إمكانية ارتفاعه وبقائه في مستويات 110 ــ 160 دولارا للبرميل وهو ما يعد محفزاً وبشكل كبير للمستقبل القريب لسوق الأسهم.

2.1 - القطاعات غير النفطية
نتيجة للسياسات الحكومية الداعمة للقطاعات غير النفطية منذ طفرة أسعار النفط في أوائل سبعينيات القرن الميلادي الماضي، ازدهرت القطاعات غير النفطية الزراعية والصناعية والخدمية وتطورت تطوراً ملحوظاً أخذ يبرز في الناتج المحلي الإجمالي، ولكن ليس بالقدر الذي طمحت إليه استراتيجية الدولة الخاصة بتنويع مصادر الدخل والابتعاد عن الاعتماد شبه الكلي على قطاع النفط. وحتى بعد أن تمت خصخصة كثير من الأنشطة الاقتصادية لا تزال النتائج التي حققتها القطاعات غير النفطية دون الطموح وأقل من المأمول. كما لو أن القطاع الخدمي وخاصة في مجال التجارة هو الذي يقود القطاعات غير النفطية، بينما كان تركيز خطط التنمية وبرامجها ومشروعاتها وسياساتها على تنمية القطاع الصناعي على وجه الخصوص، قياساً بمساهمة كل القطاعات الثلاثة في الناتج المحلي. بل إن القطاع الزراعي الذي وجد الدعم الحكومي الأكبر في طريقة إلى الانحسار بسبب الخوف من قيد المياه Water constraint.
ومن جانب آخر، كأن المأمول أن يكون سوق الأسهم داعماً لتطوير هذين القطاعين الإنتاجيين (الصناعي والزراعي) إلا أن تأثيره عليها ليس كما يجب. والجدول المرفق يوضح توزيع الأسهم حسب القطاعات ومعدلات تغيرها.
فمن الجدول رقم (1) يتضح أن نصيب قطاعي الصناعة والزراعة مجتمعين من قيمة الأسهم المتداولة هو الأقل.

3.1 - الدين العام
أصبح الدين العام مناسباً، حيث تم إطفاء الجزء الأكبر منه ولم يعد يشكل خطراً أو محظوراً على الاقتصاد، وذلك لأن طفرة أسعار النفط الثانية (2004 ـــ 2008) التي وصل خلالها سعر النفط إلى ما يزيد على 100 دولار للبرميل قد امتصت أغلبه، حيث انخفض من 610,6 مليار ريال في عام 2004 إلى 235 مليار ريال في عام 2008، بل أصبحت المملكة حالياً ذات رصيد موجب واحتياطي كبير من صافي أصولها الأجنبية التي ارتقت قيمتها من 324 مليار ريال في عام 2004 إلى 1642.3 مليار ريال 2008. وهذا عامل إيجابي كبير على سوق الأسهم المحلي.

4.1 - الإنفاق العام
يتزايد الإنفاق العام في المملكة عاماً إثر آخر وخاصة في مجال التعليم والصحة والبنية التحتية، كما أن برامج الإنفاق الإضافي التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين سواء للقطاع الصحي أو للإسكان وغيرها من القطاعات ستضيف إلى الإنفاق العام ما يزيد على 550 مليار ريال خلال الأعوام الثلاثة القادمة، وزيادة الإنفاق العام للعام الحالي 2011 إلى (835 مليار ريال) تصل إلى 25 في المائة من إنفاق العام السابق، وكل ذلك يصب في زيادة السيولة لدى القطاع الخاص والأفراد التي يجد جزء منها طريقهُ إلى سوق الأسهم، وهو ما يعد إيجابياً لسوق الأسهم، وما سيؤدي إلى رفع توقعات النمو في إجمالي الناتج المحلي من 4.2 في المائة إلى ما يزيد على 5.7 في المائة، وهو ما يعد أمراً إيجابياً آخر.

5.1 – البطالة
على الرغم من ارتفاع نسب السعودة في القطاعين العام والخاص وتزايد عدد الوظائف للسعوديين التي استحدثها الإنفاق العام المتزايد في شكل مشروعات تنموية، إلا أن عدد الوظائف لا يزال متخلفاً عن عدد طالبي العمل الداخلين من جميع مراحل التعليم، فتشير الإحصاءات العامة إلى أن عدد العاطلين عن العمل لعام 1430هـ هم 448 ألفا، وأن عدد المسجلين الصحيح في برنامج (حافز) 1.4 مليون ولا شك أن توطين الوظائف وإيجاد فرص عمل مناسبة لطالبي العمل وزيادة دخولهم الحقيقية من العوامل المهمة التي تزيد الطلب على الأسهم المحلية والخارجية، ومن خلال ما طرحته وزارة العمل من خطط لبرنامج (نطاقات) لتوطين الوظائف لـ 205 فئات من أنشطة الاقتصاد الوطني وبمنهجية تعتمد على آليات السوق والحوافز الإيجابية والسلبية، فإن نجاحها في هذا الصدد وبتعاون وقناعة القطاع الخاص، سيكون له أثر إيجابي على اقتصاد الوطن وعلى جميع الأسواق وإلى جانبها سوق الأسهم.

6.1 -الاستقرار السياسي
الاستقرار السياسي في المملكة هو الدعامة الأساسية للاستقرار الاقتصادي. وإن كان النفط هو الداعم والسند المالي فإنه بدون الاستقرار السياسي والاجتماعي، لمَا اكتملت ثمانية خطط تنموية (40 عاماً متواصلة)، وحققت معدلات كبيرة من النجاح. فقلما تجد في دولة نامية اكتمالا ولو خطة تنموية واحدة نتيجة لعدم الاستقرار السياسي فيها. وبما أن سوق الأسهم هو أحد الأسواق الفرعية لسوق المال فإن هذا الاستقرار السياسي يعد عاملاً إيجابياً جداً على هذا السوق.

7.1 - ارتباط القطاعات والأسواق محلياً
ترتبط السوق المالية في المملكة ببقية الأسواق والقطاعات الاقتصادية، ومن المفترض أن يشتد مثل هذا الارتباط كلما علا شأن سوق أو قطاع ما، في الاقتصاد الوطني، ولكننا نلاحظ بعض التفاوتات والمفارقات في هذا الشأن. فمثلاً، في الوقت الذي يزدهر فيه سوق العقار في المملكة حاليا، والذي يتوقع له أن ينمو بمعدل 7.2 في المائة في خطة التنمية التاسعة مقارنة بمعدل نمو 4.7 في المائة في خطة التنمية الثامنة، كما يتوقع له أن يسهم في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 7.8 في المائة في عام 35/1436هـ، نجد أن شركات عقارية كبيرة ليس لها أثر كبير في سوق الأسهم، بل إن مقاولات الإنشاء الكبرى تحتكرها شركات أجنبية أو شبه أجنبية محتواها الوطني منخفض، وقد تتعاون معها شركات محلية خاصة من الباطن، ولكنها قليلة الأثر لصغر حجمها. من جهة أخرى نجد أن المكرمة الملكية الخاصة برفع قرض البنك العقاري من 300 ألف ريال إلى 500 ألف ريال، انعكست على ارتفاع أسعار الأراضي، ولكنها لم تنعكس على أسعار أسهم الشركات العقارية، في الوقت الذي تظهر فيه هذه العلاقة بارزة في أسواق مالية أخرى كسوق الإمارات المالية الذي ترتبط أسعار الأسهم فيه ارتباطاً وثيقاً وطردياً مع سوق العقار. كما أن قطاع التشغيل والصيانة من القطاعات المتوسعة في المملكة، ولكنه أيضاً ليس لشركاته أثر يذكر من بين الشركات التي يتم تداول أسهمها بكثرة في سوق الأسهم السعودي الراهن.

8.1 – المنافسة في السوق المالية
بما أن الاقتصاد السعودي يسير على أساس نظام السوق والمبادرة الحرة نجد المنافسة على أشدها في كل أسواقه وخاصة في السوق المالية. فمن أهم المنافسين في السوق المالية، إضافة إلى سوق الأسهم السعودي محلياً: صناديق الاستثمار وحسابات الادخار، وحسابات الودائع ومضاربات الأراضي والذهب والعملات الأجنبية، وخارجياً: الأسواق المالية الخليجية والعربية الأخرى وخاصة البورصة المصرية، وعالمياً بورصات نيويورك ولندن وطوكيو التي يستثمر فيها الكثير من السعوديين، فوجود عوائد مجزية في السوق المالية السعودية واستقرار السياسات النقدية والتحكم في التضخم، كل هذه العوامل ستدفع بسوق الأسهم إلى أوضاع أكثر إيجابية وتفاؤل ورجوع للأموال المستثمرة في هذه الأسواق المنافسة.

ثانياً: العوامل الخارجية
1.2 – أثر العولمة والدولار وسعر الصرف
برز الأثر المباشر للعولمة وسعر الصرف في الأزمة المالية العالمية الراهنة التي حدثت في أواخر عام 2008 نتيجة لانهيار سوق العقار الأمريكي، فتداعت لها جميع الأسواق الأخرى في ذلك البلد، وخاصة سوق العمل، حيث وصلت معدلات البطالة إلى أعلى مستوى لها منذ الكساد العظيم (1929 ـــ 1933) وسرعان ما عمت تلك الأزمة تقريباً جميع أنحاء العالم، وإن كانت بدرجات متفاوتة بين الدول، اعتمادا على مدى ارتباط كل منها بالاقتصاد الأمريكي وبوجه خاص بالدولار الأمريكي، ولا تزال آثارها تتفاعل ولكن في موجتها الأخيرة، ولذلك لا يمكن تحليل السوق المالية أو الاقتصاد الكلي في المملكة بمعزل عن الأسواق العالمية وخاصة السوق الأمريكي وسعر صرف الدولار والسياسة النقدية لأمريكا الذي ترتبط به الأسواق السعودية، ولو نفسياً، نظراً لارتباط اقتصاد المملكة بالدولار الأمريكي استيرادا وتصديرا و بيعاً وشراءً ومخزناً للأرصدة. لذا، فإن أي توقعات عن السوق المالية السعودية لابد أن تأخذ في الاعتبار السياسة النقدية الأمريكية والسوق المالية الأمريكية بصفة خاصة.
وبما أن الولايات الأمريكية المتحدة استخدمت السياسات النقدية التوسعية لمعالجة تلك الأزمة حيث ضخت مبالغ طائلة في أسواقها المالية فيما يسمى بـQE1 وQE2 ، بل وحقنتها مباشرة في البنوك لإيقاف انهيار المزيد منها، ولتخفيف أثر صدمة الأزمة المالية، التي يرى البعض أنها في طريقها للانقشاع قياساً بتحسن سوق العمل وانخفاض معدل البطالة، غير أن الدين العام الخارجي والداخلي الكبير في تلك الدولة في تزايد مستمر، وسعر الدولار في انخفاض متزايد وأسعار الذهب والسلع الأساسية في ارتفاع مستمر. وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع في مستويات التضخم في أمريكا والدول المرتبطة علاقاتها بالدولار بشكل ثابت مثل السعودية، ومع زيادة معدلات التضخم من خلال ارتفاع الطلب الكلي وانخفاض القدرة الشرائية للريال كنتيجة مباشرة لارتباطه الثابت بالدولار، فإن الأرصدة ستتجه نحو الاستثمار في العملات الصعبة الأخرى وفي المعادن الثمينة وفي الأسهم لتحمي قيمتها الحقيقية، وهو ما سيكون إيجابياً للأسهم ذات العوائد والنمو في سوق الأسهم السعودي.

2.2 – التكامل الخليجي
فتح التكامل الخليجي مزيداً من أبواب الاستثمارات للمواطنين السعوديين سواء في سوق العقار أو في السوق المالية مما زاد المنافسة على الأرصدة أو السيولة المحلية في سوق الأسهم المحلية، الأمر الذي سيكون ذا أثر سلبي عليه. ولعل من المناسب بل من المهم أن تكون هناك بورصة خليجية موحدة للأسهم الممتازة يتم التداول فيها بشكل حر لجميع مواطني دول الخليج وسيكون لذلك عدة فوائد من أهمها:
1- إتاحة الفرصة للمستثمرين الخليجين ذوي الأهداف الاستراتيجية للاستثمار في أسهم قوية.
2- سوف تسهم هذه البورصة الموحدة في توسيع قاعدة كل سوق خليجي في كل دولة.
3- ستخلق هذه البورصة حافزاً قوياً لكافة الشركات التي تعمل في الخليج العربي للحاق بالشركات الممتازة.
4- ستكون هذه البورصة بمثابة مؤشر حقيقي على وضع الاقتصاد في دول الخليج من خلال نتائجها والنمو الحاصل فيها.
3.2 - أثر الوضع السياسي العربي الراهن
إن ما يحدث في الساحة العربية حالياً من اضطراب سياسي غير مسبوق، سيؤثر سلباً على أسواق المال في كل المنطقة العربية، نظراً لارتباط الأسواق العربية المالية ببعضها بعضاً من الناحيتين الاستثمارية وسوق العمل، فضلا عن التحويلات النقدية من دول النفط العربية إلى الدول العربية الأخرى ومواسم الحج والعمرة والزيارة، مما خلّف حراكاً مالياً بين هذه الدول بصورة تكاد تكون يومية.
هذه الاضطرابات التي يقابلها الاستقرار السياسي في المملكة ودول الخليج، يزيد من إيجابية الأسواق المالية الخليجية وخاصة السعودية مقارنة بالأسواق الأخرى.

ثالثاً: الخاتمة
كل هذه العوامل الداخلية والخارجية ستكون لها آثار اقتصادية تدعو في مجملها للتفاؤل بارتفاع أسعار الأسهم في السوق المالية السعودية، خاصة مع تقلص مخصصات البنوك من الأزمة المالية وتحسن أدائها ومع ارتفاع معدلات الربحية في السوق بنسبة ممتازة خاصة في قطاع البنوك والبتروكيماويات والأسمنت والصناعي وغيرها، وانخفاض مكرر الأرباح لسوق الأسهم السعودية ومقارنتها بالأسواق العالمية والإقليمية. وهو ما يجعل هذا العام 2011 وربما 2012 يكونان عامي الارتداد الحقيقي لسوق الأسهم السعودية.
ومع ذلك يحتاج سوق المال السعودي إلى المزيد من التنظيم والكثير من التوعية لكي يفرز بين الشركات ذات الاستثمارات الحقيقية من الشركات الخاسرة وذات المستوى الاستثماري الضعيف مما سيؤدي إلى تصحيح مفاهيم المتعاملين في السوق ودفعهم للتوجه نحو الشركات التي تعمل على أسس استثمارية سليمة، مما يستلزم تحقيق حوكمة جادة في السوق قبل الطرح وبعد الطرح للشركات الجديدة، وأن يكون هناك توازن في أحجام رأس المال للشركات المطروحة تتوازى مع القدرة الاستيعابية والتوسعية للسوق بما يكفل تداولات عميقة ومستمرة في السوق.
فالحد من كل تشوهات سوق الأسهم السعودي يمكِّن المحللين والمتداولين من أن يثقوا بدرجة أكبر بتوقعاتهم، وتخفيض نسبة الخطر التي تتعرض لها استثماراتهم. كما أن التنافسية التي تشتد في الأسواق المالية الداخلية تحتم أن يرتقي تنظيم سوق الأسهم السعودي إلى مستوى الترتيبات والأنظمة العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي