علامة التصنيف (#) أصبحت تعني الكثير
في زمن أصبح كل شيء في متناول اليد، فبمجرد كبسة زر واحدة أصبحنا نملك كما هائلا من المعلومات والعلاقات والاتصالات. هذا الكم الرهيب الذي لم يتوافر لأي جيل ممن سبقونا يعني لنا الكثير. أصبح التواصل مع أي شخص بسهولة ودون أي مقدمات، وهذا له ميزاته ومخاطره في الوقت نفسه، فمتى أحسنا استخدام التقنية ووظفناها لتلبية احتياجاتنا، كانت الفائدة المتحققة عظيمة، ومتى أسرفنا في استخدامها أو وظفناها في غير موضوعها الصحيح، تصبح التقنية حينئذ وبالا ونقمة.
شهد العالم في السنوات القليلة الماضية ثورةً في عصر الاتصالات والتواصل الاجتماعي من خلال ظهور العديد من وسائل التواصل الإنساني فاقت في سرعتها ودقتها أي وسيلة عرفتها البشرية. وأستطيع القول إن أهم أداتين ظهرت لنا هي الفيس بوك وتويتر، لما يحويانه من وظائف قد تستخدم في جوانب الخير، كما قد تتم إساءتها واستخدامها في جوانب الشر. ومع ما يظهر من وقت إلى آخر من تصاريح عن إمكانية استخدام هذه المواقع كمواقع تجسس ومخابرات، وهذا قد يكون فيه من الصحة الشيء الكثير، فهي قد تستخدم لمثل هذه الوظائف. إلا أن هذه المواقع وغيرها خلقت بيئة للتواصل بين الثقافات والحضارات المختلفة، كما فتحت مجالس الحوار على مصراعيها لمن أراد. موقع تويتر يضم حتى الآن ما يزيد على 200 مليون مستخدم حول العالم. في عام 2008 كان عدد التغريدات التي ترسل لهذا الموقع نحو 400 ألف تغريدة في كل ثلاثة أشهر، بينما اليوم أصبح الموقع يتلقى 50 مليون تغريدة في اليوم.
واحد من أهم اختراعات البشرية في وجهة نظري هو علامات التصنيف (#) Hash Tag، أو ما أسميها قنوات الحوار أو مدير الحوار، يستطيع العضو في مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا موقع تويتر، إنشاء علامة تصنيف تجمع جميع المشاركات في إطار تصنيفي واحد يسهل على الباحثين عن هذه العلامة الوصول إلى موضوع الحوار والمناقشة فيه. كما أن هذه الأداة تضمن للباحثين عن كلمات المرجع التصنيفي أن يجدوها من خلال مواقع البحث الإلكتروني بسهولة، حتى لو لم تكن على تواصل مباشر مع الشخص أو الأشخاص المتحاورين. للتبسيط سأضع مثالا هنا، في موقع تويتر أو أي محرك بحث تستطيع البحث عن (#aleqt) وهو عبارة عن اختصار لاسم صحيفة ''الاقتصادية'' أُستخدم لموقع الصحيفة الإلكتروني، ويستخدم كعلامة مرجعية في موضوعات تويتر التي تخص الصحيفة، هنا يستطيع المهتمون متابعة ما ينشر على موقع تويتر عن صحيفة ''الاقتصادية'' من خلال هذه العبارة، وبالقياس فإن كل جهة حكومية أو خدمية تستطيع متابعة ما يكتب عنها والتواصل مع المجتمع من خلال مثل هذه العلامات التصنيفية، وهذا الهدف من مقال اليوم.
عند قياس مجموع الفوائد التي سنجنيها من استخدام التقنية في الاتجاه السليم لتصحيح الأخطاء، ونشر ثقافة الحوار، فإننا نحقق العديد من الفوائد التي سنلمسها بأنفسنا، ومنها:
- إيجاد قنوات للتواصل مع المجتمع، ومعرفة جوانب القصور أو الحاجات، وهذه قد تكون أسرع وسيلة لإيصال الآراء والمقترحات للمسؤولين دون عناء.
- التواصل مع المجتمع، وجعل المتلقي جزءا من الحل، سيسهم في خفض درجة الحنق والغضب التي يعيشها الأفراد بسبب القصور في أداء الوظائف الرئيسة.
- مثل هذه الأدوات قد تشكل أدوات عصف ذهني جماعي، أو ما يعرف hink tankT، نخرج منها بحلول ومقترحات لحل مشكلات أو التقليل من حدتها.
- وجود إدارات للتواصل مع العملاء، خصوصا التواصل الإلكتروني، سيساعد على رفع مستوى الخدمات المقدمة.
- مثل هذه الأدوات غير خاضعة للرقابة الاختيارية، فكل شخص من أكبر مسؤول إلى أصغر موظف يستطيع الدخول على هذه التصنيفات ومتابعة ما يدور من خلال وجهة نظر من هم خارج الصندوق.
- وغير ذلك من الإيجابيات العديدة التي يمكن ألا يحصيها مقال واحد.
إن وجود الفجوة بين مقدم الخدمة والمتلقي قد يتسع ويصل معه إلى درجة لا يمكن معها إيجاد الحلول، في حال بقي المسؤول أو الجهة ذات العلاقة بعيدة عن التواصل مع أفراد ومكونات المجتمع في زمن أصبحت فيه الأداة الأولى والمحرك الشعبي الأول هو مواقع التواصل الاجتماعي، وجميعنا يشاهد كيف أسهمت وتسهم أدوات التواصل الاجتماعي في إعادة صياغة فكر المجتمعات وتغيير الشعوب. أيضا فإن وجود فئة الشباب دون أي تواصل من قبل الجهات المحلية يجعلهم عرضة للتعرض للغزو الفكري الذي أصبح لا يعترف بالحدود.
إن انضمام أجهزتنا الحكومية ومجالسنا الرسمية قبل وجود وحدات القطاع الخاص مطلب ملح في هذه الفترة، سيساعد على الاستفادة من فكر الشباب، وجعلهم حلقة من حلقات التطوير والإصلاح، الذي تنتهجه هذه البلاد.