أنا وكافل اليتيم في الجنة
ليست هناك عبارة يمكن أن تختصر عظم مكانة كافل اليتيم، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ''أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين''، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى، فقد جعل الرسول ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ كفالة اليتيم سبباً لمرافقته في الجنة، وذلك لعلو مكانة كافل اليتيم.
وكفالة اليتيم كما أنها من أعظم القربات إلى الله وأسمى الصدقات، فإن لها جانباً إنسانيا عظيماً، فبها تستقيم حياة فئة عزيزة من أبناء المجتمع، وتعوضهم عن بعض ما فقدوه بسبب اليتم.
إن شعور اليتم لا يمكن أن يدركه من لم يجربه، أو يكون مباشراً لحالات اليتم، فيرى في أعين هؤلاء الأطفال نظرات التساؤل، والشعور بالحرمان من فقد الوالدين، أو أحدهما، وهو شعور لا يمكن أن يقف الإنسان السوي حياله متفرجاً، بل لا بد أن يثير كوامن نفسه، فيسعى إلى تعويض هؤلاء الأيتام عن بعض ما فقدوه.
ولأهمية رعاية الأيتام، وتلمس حاجاتهم الإنسانية، نجد أن تعاليم الدين الإسلامي جاءت لتؤكد على هذا الجانب، فليس هناك ما هو أسهل من مسح رأس اليتيم، مع عظم أجره، حيث يقول فيه الرسول ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ ''من مسح رأس يتيم أو يتيمة لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وقرن بين أصبعيه''.
وإذا كان اليتم وضعا يلازم كل المجتمعات، ويتفاوت حجمه من بلد إلى آخر، إلا أن رعاية الأيتام والعناية بهم، عمل من صفات المجتمعات الواعية بحقوق اليتيم، وما يجب توفيره له من رعاية، ومن هذا المنطلق جاء عقد المؤتمر السعودي الأول لرعاية الأيتام الذي تنظمه الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام في منطقة الرياض ''إنسان''، وافتتحه الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، ورئيس الجمعية يوم الثلاثاء الماضي.
فهذا المؤتمر يهدف إلى التعريف بجوانب شرعية ترتبط بالأيتام، كما يسعى إلى بيان التحديات والصعوبات التي تواجه الأيتام، والتعرف على تجارب عدد من الدول في هذا المجال والاستفادة منها.
إن مهمة رعاية الأيتام التي يقوم بها عديد من الجهات الحكومية، والجمعيات الأهلية، بشكل تكاملي تهدف إلى تغطية احتياجات الأيتام، وتوفير سبل العيش الكريم لهم، أمر يحتاج إلى مساندة من أبناء المجتمع، سواء بالكفالة المادية، أو المشاركة الوجدانية من خلال الكفالة المعنوية، عن طريق التفاعل مع الأيتام ومشاركتهم جزءاً من حياتهم، وتلمس معاناتهم، وما يواجهونه من صعوبات معيشية ونفسية، وهذا لا يقوم به إلا من وفقه الله للخير.