الإعداد الخططي ودوره في تحقيق الإنجازات الكروية
تستخدم كلمة خطط اللعب أو كما يعرف بـ "التكتيك" في مجالات كثيرة مختلفة مثل مجالات الحروب والسياسة والألعاب، وعندما نتكلم عن خطط اللعب في كرة القدم، فإننا نعني ذلك الأداء المتناغم الذي يكتبه ويسطره المدرب ويطبقه اللاعبون بمنتهى الدقة والمهنية والحرفية العالية في داخل المستطيل الأخضر، الذي يشتمل على التحركات والمناورات التي يقوم بها الهجوم والدفاع طوال زمن المباراة، وهذا مؤشر بأن لغة الفوز في كرة القدم لا يُحسنها إلا مَن يكون قادراً على استغلال الفُرَص أو أنصاف الفرص، كما هو معروف بين المدربين, إلا أن الفهم المشترك بين اللاعب والمدرب لمعنى التكتيك الخططي في كرة القدم يبقى واحداً من أهم مفاتيح الفوز، وخصوصا قدرة الاثنين على فهم المتغيرات والتطورات في الأداء الفني التي تحصل خلال زمن الأداء, أو ما يسمى زمن المباراة، وهذا يستدعي أن يكون المدرب متصفاً بالقدرة على قراءة الخصم قراءة صحيحة وأن يضع خططه بناء على ذلك.
والخطط تعني "استخدام المهارات الأساسية للاعبين في تحركات ومناورات فردية أو جماعية هادفة بغرض كسب نتيجة المباراة وهو الإنجاز المطلوب، أو كما ورد في معظم التعاريف أن خطط اللعب هي تلك التحركات والوسائل التي يقوم بها الدفاع والهجوم خلال زمن المباراة وهي الطرق الأساسية الفردية والجماعية التي يمكن استخدامها في الهجوم والدفاع بالكرة ودونها، اللازمة للسيطرة المباشرة على مجريات اللعب.
يعتبر التخطيط للتدريب في كرة القدم وسيلة ضرورية لتحسين مستويات اللاعبين، حيث يحدد مضمون ومحتويات عملية التدريب بطريقة منظمة تؤدي إلى أعلى مستوى للأداء الفني الكامل الذي يقود الفريق لتحقيق الإنجازات.
ويجب أن يتم إعداد لاعب كرة القدم إعداداً شاملا متزناً ومتكاملاً في عملية التدريب الرياضي ليحقق أعلى المستويات الفنية التي تسمح بها قدراته واستعداداته، فمن الضروري أن يراعى في إعداده الإعداد البدني، الذي يهدف إلى إكساب اللاعب الرياضي مختلف أو القدرات البدنية العامة والخاصة بنوع النشاط التخصصي والإعداد المهاري الذي يهدف إلى تعليم وإكساب اللاعب المهارات الحركية المرتبطة بأداء كرة القدم ومحاولة إتقانها وتثبيتها واستخدامها بفاعلية في المباريات الرسمية. والإعداد الخططي، وهو ما نحن بصدده، ويهدف إلى تعليم وإكساب اللاعب القدرات الخططية الفردية والجماعية الضرورية للمنافسات ومحاولة إتقانها وتثبيتها واستخدامها بفاعلية تحت نطاق مختلف الظروف والعوامل في المنافسات والدورات. ثم الإعداد التربوي النفسي، ويهدف إلى تعليم وإكساب اللاعب الرياضي مختلف القدرات والسمات والخصائص والمهارات النفسية وتنميتها وإتقانها، وكذلك توجيهه وإرشاده ورعايته بصورة تسهم في إظهار كل طاقته وقدراته واستعداداته في المباريات، إضافة إلى مساعدة اللاعب في تشكيل وتنمية شخصيته بصورة متزنة وشاملة كي يكتسب الصحة النفسية والبدنية الجيدة.
والوصول إلى المستويات العالية نحتاج إلى وقت طويل، ولهذا من الأهمية وضع خطط لفترات قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى يتم فيها تحديد الأهداف والواجبات وتدريجها من واجبات وأهداف فرعية إلى أهداف أكبر منها حتى يتم تحقيق الهدف النهائي من الخطة العامة، كما يجب أن تتصف الخطة بالمرونة حسب مواصفات اللاعبين وإمكاناتهم البدنية والفنية، على أن تكون واقعية في كل مفرداتها نظراً لعدم التحكم في جميع العوامل المحيطة عند التنفيذ، وأن ترتبط الخطة بالتقييم المستمر الذي يظهر مواطن الضعف ومدى التقدم لحالة التدريب، وهذا ما ينقصنا فعلاً في الدول العربية، حيث لا يتم هذا التقييم في أغلبية الأندية والمنتخبات، مما يشكل حاجزاً كبيراً نحو إظهار النتائج الحقيقية لبرنامج التدريبات وتحديد ما إذا يجب تغييرها أو تعديلها أو عمل إدخالات أو إضافات أو حذف عليها.
ومن أهم أسس التخطيط لبرامج التدريب في كرة القدم مراعاة ترتيب الواجبات الرئيسة وترابطها وتناسقها وتوزيعها على فترات (مثلا لا بد أن يبدأ بالإعداد البدني ثم الإعداد المهاري ثم الذهني والنفسي)، حيث تعد خطة التدريب السنوي من أهم أسس التخطيط، لأن السنة تشكل دورة زمنية مغلقة تقع في غضون المنافسات في أوقات معينة ومحددة وتقسم شهور السنة إلى عدة فترات أساسها فترة المنافسات وما يسبقها من إعداد وما يتخللها أو بعضها من راحة.
ويمكن تقسيم فترات الموسم في كرة القدم إلى ما يلي:
أ ـــ مرحلة الإعداد العام.
ب ـــ مرحلة الإعداد الخاص.
ج ـــ مرحلة الإعداد للمباريات.
2 ـــ فترة المباريات: وتنقسم إلى:
أ ـــ القسم الأول من الدوري.
ب ـــ الفترة ما بين القسمين.
ج ـــ القسم الثاني من الدوري.
3 ـــ الفترة الانتقالية (الفترة ما بين الموسمين).
وعموما فمراحل التدريب للموسم متصلة ببعضها بعضا وكل منها تكملة للآخر وهي مرنة يمكن تداخلها وامتدادها والتغيير فيها بالزيادة أو النقص حسبما يراه المدرب.
وتنقسم فترة الإعداد إلى المراحل التالية:
أ ـــ مرحلة الإعداد العام:
وتشمل هذه المرحلة التمرينات العامة لتطوير والارتقاء بعناصر اللياقة البدنية العامة وتهدف إلى بناء القوام السليم للاعبين خلال تلك المرحلة، كما أن التمرينات العامة تشكل القاعدة الأساسية لأي نشاط رياضي لنمو التوافق العضلي العصبي وتحسين الحالة الوظيفية والسمات الإرادية والشخصية للاعب كرة القدم، كما تعتبر هذه المرحلة هي الأساس حتى تتم المراحل الأخرى بنجاح.
ويحتاج لاعب كرة القدم إلى فترة ما بين 6 و10 أسابيع للتأهيل للمسابقة بشكل عام، ويجري التدريب خلال تلك الفترة يومياً، وقد يصل إلى مرتين في اليوم الواحد، وفي بعض البلدان الباردة تكون ثلاث مرات في اليوم الواحد.
أما فرق الناشئين فتتفاوت حسب المرحلة العمرية، ولكن في الغالب تستغرق مرحلة الإعداد العام من 2 إلى 3 أو من 3 إلى 5 أسابيع وفقاً لدرجات ومستوى أعمار اللاعبين والظروف المناخية والبرامج الدراسية.
وتحتوي هذه المرحلة على تمرينات عامة لجميع أجزاء الجسم والعضلات التي تعمل في كرة القدم وتمرينات الإحساس والتمرينات الفنية وتمرينات بالأجهزة والألعاب الصغيرة، وتتضمن أيضا بعض تدريب بالأثقال واكتساب القوة، وتشمل أيضا الجري لمسافات متعددة ومتنوعة بغرض تنمية التحمل لدى اللاعبين حتى يمكن تجنب عامل التعب، وربما يستخدم الماء لتقوية عضلات الفخذين واليدين.
وأهم العناصر التي يجب أن يتدرب عليها اللاعب في هذه الفترة هي:
الأعداد الذهني ـــــ الإعداد الخططي ـــــ الإعداد المهاري ـــــ الرشاقة ـــــ السرعة ـــــ المرونة ـــــ القوة ـــــ التحمل.
ب ـــ مـرحـلـة الإعـداد الـخاص:
تستغرق هذه المرحلة من 4 إلى 6 أسابيع، وتهدف إلى التركيز على الإعداد البدني الخاص بكرة القدم من خلال تدريبات الأداء الخاص باللعبة من حيث الشكل والموقف, وبما يضمن معه متطلبات الأداء التنافسي وتحسن الأداء المهاري والخططي وتطويره وإكساب اللاعبين الثقة بأنفسهم، بمعنى أن يؤدي اللاعب في تلك المرحلة تدريبات الإعداد البدني الخاص والتمرينات المهارية بأكثر من كرة, والتمرينات التي تنمي المهارة بالارتباط بتطوير الصفات البدنية والتمرينات المهارية، إضافة إلى تمرينات المراكز وتتدرج التمرينات من الأداء المهاري الحر إلى المركب ثم تمرينات المراكز ثم الإعداد الخططي. أما من حيث حمل التدريب خلال تلك المرحلة فيجب أن تزداد شدة الحمل وكثافته، وتشمل وحدة التدريب في هذه المرحلة الإحماء والتمرينات بدون كرة التي تهيئ اللاعب من الناحية العضلية والفسيولوجية.
وتمرينات الإطالة والمرونة وتدريبات التحمل والقدرة (القوة + السرعة)، ويجب أن تحتوي التدريبات في هذه المرحلة على العناصر التالية:
إعداد عام ـــــ إعداد خططي وذهني ــــ المرونة ـــ سرعات قصيرة ومتنوعة ــــ الرشاقة ــــ التحمل الخاص ــــ القدرة (القوة + السرعة) ــــ الأداء المهاري.
ج ـــ مـرحـلـة الإعـداد للـمـبـاريـات:
تستغرق هذه المرحلة 3 ــــ 4 أسابيع، ويتم فيها التركيز على التدريب البدني الخاص للمباريات وأيضا على النواحي المهارية والفنية والخططية المهمة والرئيسة.
وتهدف هذه المرحلة لتثبيت الكفاءة الخططية للاعبين مع العناية بدقة الأداء المهاري خلال الأداء الخططي تحت ضغط المدافعين، إضافة إلى الارتفاع بالحالة البدنية وتثبيتها استعداداً لفترة المباريات.
ويجب أن تكون التمرينات التنافسية في هذه المرحلة أكثر من المراحل السابقة وخاصة للنواحي الفنية، ولا بد أن تكون أكثر فاعلية وتشمل النواحي الخاصة بالمباريات، وبهذا يمكن خلق علاقة بين القدرات البدنية وظروف المنافسة، ويجب أن يحتوي البرنامج التدريبي في هذه المرحلة في بنائه والتخطيط له على تمرينات تحتوي على أداء مهاري وتنافسي فيها مواقف تطابق المواقف التي تحدث في المباريات، وأيضا من المهم أن تشمل هذه المرحلة الإعداد الذهني والنفسي والخططي والذي ينقسم إلى جزءين رئيسيين هما:
1 ـــ خطط اللعب الهجومية الأساسية أو التكتيك الهجومي؛ ويعتبر هو مجموعة الأعمال والإجراءات التي ينفذها الفريق الذي يملك الكرة، ويتضمن تكتيك الهجوم تنظيم الهجوم وتمهيد التهديف وتسجيل الهدف، ويتطلب الهجوم إتقان تأدية المهارات وخاصة التحرك السريع بالكرة، كما يتطلب تنظيم الهجوم الفعال للمباراة والإبداع من قبل المهاجمين، ولا يعد لاعبو الهجوم ولاعبو الوسط وحدهم أصحاب المسؤولية عن تنظيم الهجمات، وإنما أصبح على لاعبي الدفاع كذلك المشاركة في تنظيم الهجوم وإنهائه، بل إن الهجمة الصحيحية والخطيرة تبدأ فعلياً من الدفاع، وقد شاهدنا مدافعين كثيرين يحرزون الأهداف، بل منهم من يشارك المهاجمين في الظفر بلقب هداف الدوري، ولإتقان التكتيك الهجومي هنالك مبادئ للخطط الهجومية نذكر منها:
ـــــ العمق في الهجوم.
ـــــ الاتساع في الهجوم.
ـــــ السند في الهجوم.
ـــــ تبادل المراكز.
ـــــ الحركة من دون كرة.
ـــــ الاحتفاظ بالكرة لفترة مناسبة عند اللزوم.
ـــــ الزيادة العددية في منطقة الكرة.
ـــــ التغلب على مصيدة التسلل.
وهناك الخطط الهجومية العامة وهي:
ـــــ خطط خلق المساحات الخالية واستغلالها.
ـــــ الخطط الهجومية المتكررة (التحركات الهجومية المتكررة).
ـــــ الجمل الخططية الهجومية أو الجمل التكتيكية الهجومية.
ـــــ خطط المواقف الهجومية الثابتة.
2 ـــ خطط اللعب الدفاعية الأساسية وهي التكتيك الدفاعي الذي يعتبر هو مجموع الأعمال والإجراءات التي ينفذها الفريق في أي مكان من أماكن الملعب في حالة فقد الكرة وامتلاك الفريق الخصم لها.
ويهدف التكتيك الدفاعي إلى إحباط هجمات الخصم ومنعه من تسجيل الأهداف واعتماداً على الدفاع القوى والبناء يمكن للفريق تنظيم الهجوم دون تأخير وبصورة ناجحة، هذا وتتعلق الثقة بالنفس والاطمئنان اللاعبين والفريق إلى حد ما بالقوة الدفاعية للاعبين، ولا ينحصر مطلب إتقان تكتيك الدفاع في لاعبي الوسط والمدافعين وحدهم، وإنما ينطبق على المهاجمين كذلك في الحالات التي يحاول فيها إعادة انتزاع الكرة من الخصم ومن مبادئ اللعب الدفاعي نذكر الآتي:
ـــــ العمق في الدفاع.
ـــــ التحكم والتقوية في الدفاع (عدم الاندفاع ـــــ العناية بالجانب الأعمى).
ـــــ التأخير في الدفاع.
ـــــ الاتزان في الدفاع.
ـــــ التركيز في الدفاع.
ـــــ مصيدة التسلل كجزء من الخطة الدفاعية.
الخطط الدفاعية العامة وتشمل:
ـــــ دفاع رجل لرجل.
ـــــ دفاع رجل لرجل في المنطقة.
ـــــ الضغط على المهاجم لمنعه من التحكم في الكرة.
ـــــ الضغط على المهاجمين عند ضربة المرمى واستحواذ الحارس على الكرة.
ـــــ الدفاع الجماعي في أجزاء الملعب الثلاثة.
يجب أن يوضع في الاعتبار ألا يكون الدفاع بغرض تشتيت الكرة لإبعادها عن المرمى فقط (إلا في المواقف الخطرة)، وإنما يهدف الدفاع أساساً إلى الاستحواذ على الكرة من الفريق المضاد ليبدأ منها فريقه هجوماً مضاداً منظماً، ووفقاً لحسن إدراك الدفاع وتفهمه لسير المباراة يستطيع أن يقرر هل يكون الهجوم سريعاً مفاجئاً أم متدرجاً، ولا بد أن يتم التدريب على ذلك، وتشمل خطوات تدريب خطط اللعب الناحية النظرية والتطبيق العملي.
1 ـــ الناحية النظرية:
تسبق دائما الناحية النظرية الناحية العملية، ففي الناحية النظرية يقوم المدرب بشرح التمارين الخططية وشرح خطة اللعب وتحركات اللاعبين، حيث يدرك كل لاعب واجباته في الملعب ويقتنع بها تماماً عندئذ يكون لدى اللاعب وضوح رؤية لما سيقوم به، ودون هذا يصعب على اللاعب تنفيذ ما يطلب منه أداؤه في الملعب، والناحية النظرية والشرح على وسائل الشرح المختلفة ينميان قدرة اللاعب التصور الحركي التي هي من أهم العوامل في التعليم وخاصة التعليم الحركي، وأهم النقاط في التعليم النظري للخطة هي:
ـــــ عمل نماذج وأشكال للخطة وشرحها على وسائل الشرح المختلفة.
ـــــ ملاحظات تعطى أثناء التدريب العملي.
ـــــ تحليل التمرينات العملية والتعليق عليها.
ـــــ تحليل كيفية تصرف كل لاعب في مركزه حتى يمكن أن يتعلم اللاعبون حسن التصرف، وأن تخلق فيهم روح المسؤولية كي يمكنهم تأدية واجبهم كاملا تلقائياً بدون إرشاد.
ـــــ يجب أن يدرك اللاعبون تماماً الطريقة التي سيلعبون بها، فيشرح المدرب لكل مركز واجباته إجمالا مثل واجبات خط الظهر والدفاع والهجوم، وكذلك كيف يمكنهم أن يتحولوا من الدفاع إلى الهجوم، وبالعكس وكيف ينوعون طريقة لعبهم وفقا لتغير طريقة وخطة لعب الفريق المضاد، ويعطي المدرب ملاحظاته على نقاط ضعف وقوة الفريق وكذلك الفريق المنافس.
ـــ مشاهدة مباريات الآخرين وتحليلها، فيقوم اللاعب بملاحظة اللعب عامة ثم اللاعب الذي يلعب في مركزه ثم مجموعة من اللاعبين، وأخيراً يراقب بعض التحركات الخاصة التي تقوم بها بعض الفرق الممتازة، وهناك بعض الأسس التي يتوقف عليها تنفيذ الخطط الجماعية مثل:
1 ـــ اللياقة البدنية لجميع أفراد الفريق.
2 ـــ قدرة اللاعبين ومهاراتهم في التحكم في الكرة أثناء الحركة ومن جميع الأوضاع التي يتخذها الجسم، وهذا يعني أن اللاعب يستطيع أن يمرر الكرة أو يضربها أو يشتتها أو يستقبلها وهو يجري أو يثب دون تقليل من سرعته، ولذلك لزم على المدرب أن يضع هذا في اعتباره عندما يضع تدريباته.
3 ـــ أن تخدم الخطط الفردية الخطط الجماعية وهذا يعنى أن كل لاعب يجب أن يدرك أن هناك هدفاً من تحركه في الملعب، وأن هذا الهدف يخدم الخطة الجماعية، كذلك يجب على اللاعب أن يفهم ويدرك الغرض والهدف من تحرك زميله في الملعب حتى يمكن مساعدته في تنفيذ الخطة وإدراك اللاعب مدى قدرة زميله الحركية ومهاراته الأساسية، ما يساعده على أن يمرر للزميل الكرة بالطريقة التي تلائمه، وهذا ما ينقص اللاعب العربي والمدرب العربي، فمعظم اللاعبين يدخلون الملعب وهم لا يلمون بمعظم هذه الأشياء ويعتمدون على ما يحدث داخل الملعب أو بناءً على أخطاء الخصم.
4 ـــ الوعي الكامل لجميع أفراد الفريق بواجبات مراكزهم وطريقة تنفيذ الخطة من الناحية النظرية والعملية.
وهناك القواعد الأساسية عند التدريب على الخطط التي يجب أن يراعي المدرب فيها القواعد الأساسية لتنفيذ الخطط، ودون هذه القواعد يصبح اللاعب والفريق عاجزاً عن الانتشار والتنفيذ الصحيح للواجبات الخططية، والمدرب الكفء خاصة مدرب الناشئين يدرك أن واجبه الأول هو أن يقوم بتدريب لاعبيه على تنفيذ هذه القواعد أثناء تدريبهم على المهارات الأساسية أو التمرينات الخططية حتى يصبح أداء هذه القواعد آلياً، لأن من أهم متطلبات كرة القدم الحديثة أن يتحرك اللاعب دون كرة باستمرار لأخذ الأماكن المناسبة، وذلك بطريقة خططية مدروسة وبطريقة سليمة حتى يشغل الخصم ويفتح مساحات لزملائه الآخرين للتحرك.
وطرق اللعب تطورت عبر مراحل تطور كرة القدم في العالم ومع أول ظهور اللعبة بشكل متكامل بعدما وضع أول قانون لها ظهرت طرق لعب تختلف من ناد إلى ناد أو من دولة إلى دولة، فالطريقة الإنجليزية هي أول طريقة ظهرت للوجود كانت في بريطانيا أول دولة ظهرت فيها لعبة كرة القدم عام 1863، وكانت طريقة اللعب عبارة عن تنظيم اللاعبين في الملعب على الشكل التالي 1 ـــ 1 ـــ 9 أي حارس المرمى ولاعب واحد للدفاع والتسعة الباقون في الهجوم.
ثم في عام 1872 جاءت الطريقة الإسكتلندية لتحاول التحسين ولو قليلاً من الطريقة الإنجليزية التي كانت طريقة هجومية وكان تنظيم اللاعبين على الشكل التالي (1 ـــ 2 ـــ 2 ـــ 6) حارس المرمى اثنان في خط الدفاع واثنان في خط الوسط وستة مهاجمين، ثم عادت إنجلترا في عام 1890 لتقدم طريقة جديدة للعب أطلق عليها اسم الطريقة الهرمية لأن تشكيل اللاعبين في أرض الملعب يشبه هرماً قمته حارس المرمى وقاعدته خط الظهر وكان على الشكل التالي (1 ـــ 2 ـــ 3 ـــ 5) حارس المرمى، لاعبان في خط الدفاع ثلاثة لاعبين في خط الوسط وخمسة مهاجمين.
وفي عام 1925 ابتكرت إنجلترا طريقة الظهير الثالث الدفاعية وهي طريقة دفاعية بحته وهي على شكل حرفي دبليو إم WM.
ودخل النمساويين معمعة الخطط وابتكروا طريقة هجومية كان هدفها كسر قوة دفاع طريقة الظهير الثالث الإنجليزية، لأن اللاعبين يوزعون الكرة بشكل مثلثات لاختراق الدفاع.
وفي عام 1952 ـــ وذلك يعتبر العصر الذهبي للكرة في المجر ـــ قدمت طريقة رجل لرجل وهي طريقة دفاعية بحتة.
وفي عام 1958 ظهرت أول طريقة دفاعية هجومية في آن واحد، وهي طريقة 4 ـــ 2 ـــ 4 البرازيلية، التي استطاع بها البرازيليون الفوز بكأس العالم في العام نفسه فى ستوكهولم عاصمة السويد وغزت هذه الطريقة العالم العربي بالذات ولعبت بها معظم الدول العربية إن لم تكن كلها على مستوى أنديتها ومنتخباتها لأنها ناسبت اللاعب العربي في ذلك الوقت.
أما الطليان فقد ابتكروا طريقة إيطالية دفاعية بحتة (الكاتناشيو) التي وضعها المدرب الإيطالي (هيلينو هيريرا) هذا المدرب الفذ وهو مبتكر الكاتاناشيو التي كانت السبب الرئيس في فوز إيطاليا بكأس العالم 1982 بغرض سد الطريق أمام المهاجمين، وهي على شكل 1 ـــ 4 ـــ 2 ـــ 3، وقد كانت هذه الطريقة فاعلة، حيث أصبح من الصعب تخطي الطليان وحققوا بها الفوز في مناسبات عديدة.
بعد ذلك أخذت خطط اللعب تأخذ منحى آخر وهو تعديل في بعض الخطط مثل طريقة 3 ـــ 3 ـــ 4 وهي طريقة دفاعية مشتقة من طريقة قلب الهجوم المتأخر الليبرو، حيث يدافع الفريق بسبعة لاعبين بدلا من خمسة ثم طريقة 4 ـــ 3 ـــ 3 وهي طريقة دفاعية بحتة تعتمد أساسا على تحرك لاعب خط الوسط في الدفاع وفي مساعدة الهجوم.
وكان لهولندا كلمة أخرى في هذا المجال، حيث ابتكروا الطريقة الشاملة وهي الطريقة الحديثة وهي هجومية ودفاعية في الوقت نفسه، حيث تعتمد على تسعة لاعبين في الدفاع وعندما يمتلكون الكرة ينقلبون تسعة لاعبين للهجوم مع بقاء قلب الدفاع واحد في وسط الملعب وهذه الخطة تحتاج إلى لياقة بدنية عالية ومستوى مهاري فريد، ثم تطورت طرق اللعب عبر الأزمنة وظهرت طرق اللعب 3 ـــ 5 ـــ 2 وغيرها من خطط اللعب التي سنفرد لها مقال تفصيلي خاصة الخطط التي لعبت بها الأندية والمنتخبات العربية مع تحليل نجاح كل خطة على حدة.
ولا بد لنا أن نبين مفهوم طرق اللعب وهي بالطبع تختلف عن خطط اللعب، فالخطة هي تنظيم اللعب ولها طريقة إعداد خاصة، أما طريقة اللعب فتعني وضع المدرب تشكيلا خاصا للاعبي الفريق، حيث يكون لكل لاعب واجبات أساسية وواجبات إضافية يقوم بها، وفي كرة القدم الحديثة يتحرك اللاعبون دائما لشغل الأماكن الشاغرة أو خلفها وأصبح بذلك للاعبي الهجوم واجبات هجومية أساسية وواجبات دفاعية إضافية وبالعكس أصبح للمدافعين واجبات دفاعية أساسية ثم واجبات إضافية عند الهجوم.
فمتطلبات الخطط الحديثة تفرض تحرك اللاعبين وفق تنظيم معين قد يوجد اللاعب المدافع في منطقة الهجوم أو ما يسمى منطقة التهديف، وبالتالي عليه أن يقوم بالدور إلذي يقوم به المهاجم، أو ربما تستدعى مفردات تنظيم اللعب وجود لاعب مدافع يجيد ضربات الرأس أو يتمتع بقامة طويلة تؤهله للارتقاء فوق بقية اللاعبين وفي هذه الحالة يستطيع إحراز أهداف، ولنا في عدد كبير من اللاعبين في أوروبا وفي أمريكا اللاتينية بل وفي بعض دول العالم العربي لاعبين يحرزون الأهداف ومنهم من ينافس في جائزة هداف الدوري، كما تتطلب بعض خطط اللعب أن يقوم المهاجم بالواجب الدفاعي في حال وجوده في منطقة الدفاع أو متابعة اللاعب الذي يحمل الكرة.
لذا أصبح على كل لاعب القيام بواجباته الأساسية والإضافية وقد تنوعت وكثرت طرق اللعب الحديثة لأن اتساع ملعب الكرة جعل التنافس بين لاعبي الفريقين شديداً، وذلك يتطلب لياقة بدنية عالية وحركة دائبة من جميع اللاعبين وفق تنظيم وطريقة لعب مدروسة ومتدرب عليها، لأن ازدياد التنافس بين اللاعبين جعل لزاماً على كل لاعب أن يرتفع بمستواه المهاري والفني والخططي حتى يتغلب على الخصم، كما اقتضت كرة القدم الحديثة أن يجيد كل لاعب متطلبات اللعب الدفاعي، وفي الوقت نفسه أن يعرف الخطط الهجومية المدروسة، ولا تنجح طريقة اللعب لأي فريق إلا إذا أدرك كل لاعب في الفريق مهامه وكان أهلا لشغل مركزه والقيام بواجبات هذا مركز.
لذلك يتطلب من المدرب عند اختيار طريقة اللعب أن يراعى أن تكون طريقة اللعب سهلة في مفرداتها، مما يعطى اللاعب الفرصة للتركيز في تنفيذ خطط اللعب أثناء المباراة وأن يعتمد في اختياره لطريقة اللعب على استعدادات اللاعبين وقدراتهم المختلفة، ويعنى هذا أن المدرب يضع في اعتباره إضافة إلى مواطن قوة لاعبيه من حيث مهاراتهم الفنية وكفاءاتهم الخططية أن يلم إلماماً تاماً بنقاط الضعف فيهم وأن يضع في اعتباره عند اختيار طريقة اللعب طريقة التحول من الدفاع إلى الهجوم وبالعكس. ويجب هنا أن تضمن طريقة اللعب الاستفادة الكاملة من قدرات اللاعبين وأن يكون أساس العمل بها هو العمل الجماعي للفريق، كما يجب أن تعمل الطريقة على تنمية روح اللعبة وتشكيل أي طريقة من طرق اللعب الحديثة التي تعتمد على الهجوم والدفاع الذي يعتمد على المرونة في الحركة، وذلك عن طريق الجري وتبادل المراكز وتبادل اللعب بعرض الملعب وبالعمق، وأن يجعل من عنصر المفاجأة عنصرا مهما لمباغتة الخصم واختراق صفوفه وإنهاء الهجمات بالطريقة المثلى.
بلا أدنى شك أن كرة القدم تمثل قمة الفن والأداء العالي والمنافسة بين الفرق المشتركة في البطولات القارية والعالمية والمحلية، وهي عرض حي رائع للإعداد العلمي لخطط وضعها مدربون ذوو علم وخبرة، ولذلك على مدربينا في العالم العربي أن يقوموا بتحليل المباريات والأخذ بالنواحي الإيجابية التي تظهر في المباريات والابتعاد عن النواحي السلبية، وهذا التحليل وهذا الفهم لتطور اللعب هو سبب تقدم كرة القدم في أنحاء العالم المختلفة، وينعكس أثره مباشرة على فرقنا ومنتخباتنا، بل على المدرب أن يحلل خطط وطريقة اللعب التي يلعب بها من إيجاد مواطن الضعف والقوة في خطته، وبالطبع من أهم الوسائل لتطبيق الخطط هو الإعداد الجيد لها الذي يمثل 75 في المائة من قوة الخطة، وأن يراعى في ذلك التوافق التام بين خطة اللعب وطريقة تنفيذ هذه الخطة.