في المستقبل .. ماذا ينتظر الشباب من فرص؟
■ نعم .. ماذا ينتظر الشباب ..
مَن يتأمل حجم المشاريع التي يجري العمل عليها بالذات في مجالات التعليم العام والعالي والتدريب الفني والمهني يدرك أن المستقبل هو للشباب، بالذات لمن هم بين (الثانية عشرة والثامنة عشرة)، هؤلاء هم في كل بيت، ينتظرهم الأمل والفرص .. وطبعاً التحديات.
في مجال التعليم العام، الآن بدأت الدولة عبر المشاريع الواسعة استرداد هذا القطاع بقوة بعدما كاد يجنح للقطاع الخاص، فالمدارس تبنى بالآلاف، وبدون شك سوف تكون نقلة جديدة للتعليم بعد التخلص من المدارس المستأجرة الرديئة في الإمكانات، والتي لا توفر بيئة تعليمية سليمة ومناسبة لمتطلبات التعليم الحديث.
وزارة التربية والتعليم تقوم بمراجعة آليات عملها واهتماماتها حتى تتجه إلى خدمة البيئة التعليمية الجديدة، ولديها العديد من المشاريع التي تحتاج إلى الوقت لتثمر، ولعلها مناسبة هنا أن ندعو سمو وزير التربية الأمير فيصل بن عبد الله إلى أن يفرغ الوزارة من عبء المناهج، ويحيل هذه المهمة إلى (الهيئة المستقلة) التي أجاز مشروعها مجلس الوزراء قبل سنوات عديدة .. فلا يمكن أن تكون الوزارة هي الخصم والحكم في إعداد المناهج وتنفيذها، الوزارة تنفيذية، مهمتها الأولى والأخيرة هي.. المدرسة، ليت سموه ينقذ الوزارة من هذا الهم الذي أربك دورها في التعليم العام!
أما التعليم العالي فإنه يحقق مشروع توسع جديد للدولة، مشروع بناء وطني أطلقه خادم الحرمين الشريفين، مشروع (يدعم الشرعية للدولة)، إنه الرابط والمحفز والمعزز للوحدة الوطنية، فكما كان الدين هو رابط القلوب وموحد الصفوف، وهو بلا شك الذي جمع الناس بمرجعياتهم الاجتماعية والمناطقية المختلفة، جمعهم ليكونوا تحت سقف واحد، لا أحد يعلو عليه.. الآن يأتي دور العلم.
مشروع الدولة الكبير لتعزيز التعليم له أهدافه الوطنية الأساسية، فكما وحد (الدين) القلوب ووطن النفوس، (العلم) أيضاً يوطن العقول ويؤسس للتفكير العلمي ويساعد الناس على ترويض الذات ويدفع إلى تصغير وإغلاق الجانب المظلم في النفس الإنسانية، فكلما انحسر هذا الجانب المظلم أصبح الإنسان أكثر صدقاً مع الآخرين، وأكثر شفافية حتى يراه الناس، وأكثر واقعية ليقدر المصالح والمكاسب، وأكثر إدراكا ليعرف حقوقه وحقوق غيره.. إنها رحلة لمعرفة الخطوط والمناطق العازلة بين الأشياء.
تعميق التعليم وتوسيعه هو المشروع الذي يعد الناس لمرحلة مهمة وهي مرحلة (إنتاج الثروة)، لذا تسعى الدولة لكي يحصل الشباب على أفضل التعليم، وأفضل المهارات، والمملكة ربما هي الدولة الوحيدة التي تضع للطالب ضمانا ماليا مفتوحا، فالطالب أمامه فرصة للالتحاق بأرقى الجامعات وبأهم التخصصات، بل الطالب يُدفع إلى ذلك دفعاً، والطالب الذي يحصل على قبول في جامعة عريقة وفي تخصص مهم هذه تعتبر (بشرى) يفرح بها المسؤولون في وزارة التعليم العالي.
كما قلت سابقاً، إننا في دولة تُشغل شعبها بما ينفعه، والملك عبد الله وضع همه الأول في التعليم، لذا ليس غريباً أن تجد الشباب هم الأكثر احتفاء بالملك عبد الله والأكثر فرحاً بعودته، لماذا وصلوا إلى هذه القناعات؟
لأن هذا مشروع الدولة، إنها تهيئ الفرصة للشباب، ويبقى الدور المهم على الأسر وأولياء الأمور لكي يساعدوا أبناءهم وبناتهم على تطوير آليات (التفكير الإيجابي) في الحياة وفي المستقبل، يجب على الآباء أن يقضوا وقتا أطول مع الأبناء، فمشكلة الشباب ليست في قلة الفرص أو تراجع المميزات، مشكلتهم أن لا أحد يقودهم إلى فرص الترقي وبناء الذات واستثمار ما هو متاح من فرص في التعليم والتجارة، ظروف مجتمعنا الآن تبعد العائلة عن بعضها .. الأب، الأم، والأبناء كل له عالمه الخاص.. ولعلنا نتبنى مشروعا وطنياً هو: كيف نعيد الأسرة السعودية إلى ذاتها؟ نعيدها إلى ساعات اللقاء الممتدة، نعيدها لتجلس كل يوم على مائدة واحدة، وبلا شك تدركون ماذا يعني هذا.
الشباب ينتظرهم الكثير في مجتمعنا، المستقبل لهم، ولكن لا أحد يخبرهم ويقدم لهم الشواهد!