Author

الجيل الجديد .. ومعالم عالمه الرقمي

|
إنه الوقت الأنسب للتأمل في واقع جيلنا الجديد من أحبابنا صغار الشباب.. أبناؤنا وبناتنا.. وطلابنا أو من ولانا الله أمره.. هذا الجيل الشاب الذي يمثل النسبة الأكبر في كل المجتمعات العربية، جيل تربى على تقنيات العالم الرقمي فبات يتأثر بها ويؤثر من خلالها حتى أصبحت جزءا منه ومن شخصيته وحقا مكتسبا لا يمكن انتزاعها منه، مضى على دخول تقنيات الجوال والإنترنت أكثر من عشر سنوات، حتى في البلاد العربية التي ترددت وتروت كثيرا قبل فسحها وإدخالها في مجتمعاتها، وهذا عمر طويل في حياة الشباب، فمن كان طفلا عمره بين الثماني والعشر سنوات تربى على هذه التقنية حتى تجاوز عمره اليوم 18، حتى نوعية الرسوم المتحركة التي يفضلها أطفال اليوم اختلفت فأصبح يتوق إلى مغامرات الآليات وقصص الخيال العلمي المرتبطة بإيحاءات العالم الرقمي ومؤثراته وما فيه من حقائق وأوهام تخضع للمنطق السليم أو لا تخضع! معظم جيل الشباب اليوم يختلف في طريقة تفكيره وتواصله وتعاطيه مع قضاياه يتأثر بالبعيد قبل تأثره بالقريب، يتواصل بالساعات مع العالمين الخارجي والداخلي عبر شبكات اجتماعية افتراضية Virtual Social Networking في الإنترنت والجوال، وهي مجتمعات واسعة ومترابطة ولا يمكن السيطرة عليها مركزيا، تتيح لهم التحدث واللعب والتعلم والعمل وتبادل الملفات النصية والصور ومقاطع الفيديو، ومن أمثلة هذه المواقع Facebook, Twitter, Linkedin, Myspace, Bebo, Flickr, YouTube ومن التقنيات الأخرى في هذا السياق تقنيات Per2Per وAd Hoc، وهي تتيح التواصل والترابط المباشر بين أجهزة المستخدمين بشكل لا مركزي، ولا تنس التواصل عبر منتديات الإنترنت وأنظمة المحادثة بشكلها التقليدي أو ثلاثي الأبعاد، وكذلك أنظمة التراسل عبر أجهزة الجوال، ثم لا تنس القنوات التلفزيونية العالمية التفاعلية والتقليدية.. هكذا يتأثر جيلنا الجديد اليوم والأجيال المقبلة ستكون أكثر تأثرا وتأثيرا بهذه التقنيات سريعة التطور. هذا الواقع الجديد يحتم التعامل مع هذا الجيل من أطفال وشباب بطريقة مختلفة.. طريقة حديثة تقوم على أساس الشفافية والمصارحة واحترام العقول والتحاور بالحسنى وعدم التصادم المباشر أو محاولة التسفيه أو العزل عن الواقع وخنق حريات التعبير.. فأدق الأسرار وأكثر الوثائق سرية ستصل إلى هذا الجيل بصور مختلفة وأشكال متنوعة، فإن انعدمت الشفافية من أي جهة كانت في إيضاح حقيقة الواقع كما هو دون تحوير، بدت الصورة متناقضة أمام هذا الجيل بين ما يسمعونه من تصريحات، وما يعيشونه هم من واقع، وما يصلهم عبر عالمهم الرقمي من حقائق أو أكاذيب أو خليط من كليهما، لقد آن الأوان لنا أن ندرك هذه الحقيقة في تعاملنا مع هذا الجيل بحكمة بالغة، فلا سبيل للرجوع إلى الوراء، ولا سبيل لتجاهل حقيقة الواقع وشكله الجديد. ختاما، إن شباب اليوم، وإن بدا لنا أكثر انعزالية وأقل تواصلا في مجتمعه وأكثر رضوخا واستسلاما لما نُمليه أو نفرضه عليه، فهو في حقيقة الأمر يعيش عالمه الجديد وينسج علاقاته مع الآخرين ضمن شبكة واسعة هي أكثر حبكةً وأبلغ تعقيدا من شبكات العنكبوت، إن لم نتصارح معه ونفسح له المجال ليلتقط أنفاسه ويعبر عن نفسه ونساعده في تحقيق طموحاته ونشاركه في حل مشكلاته بصدق وشفافية، ثم نصعد معه تدريجيا إلى عالمه فسيعزلنا هو عن واقعه وينبذنا من مجتمعاته ويصبح هو في عالمه.. بينما نحن معزولون غرباء! ودمتم بخير وسعادة.
إنشرها