كأس العالم.. استثمارات في التنمية والخدمات

تفوَّقت قطر على نفسها، واستطاعت أيضا أن تتفوق على أقوى المنافسين لها في استضافة كأس العالم 2022، وحتى ذلك الوقت سيكون هناك الكثير من الأعمال المطلوب إنجازها، وهي في معظمها أعمال إنشائية وخدمية، وتطوير للبنية التحتية في الدولة المستضيفة، رغم ما تم إنجازه من أعمال ونهضة كبيرة في دولة قطر يقف عليها من يزور الدوحة ويتجول في أحيائها وضواحيها، وهي إنجازات تمثل توجها في استثمار الثروة في تحقيق الرفاهية للمواطن ولمرافق الدولة، وتحدي الذات، والبحث عن مركز في عالم يحتدم فيه التنافس على الحضور في المحفل الدولي، وهو تنافس لم يعد يرجح الكفة فيه سوى الإرادة والإدارة. إن أول القطاعات التي ستكون محل قفزة في حجم الأعمال، هو قطاع المقاولات، حيث تدور رحى مسابقة الزمن في التشييد بأفضل المواصفات العالمية للملاعب والفنادق وشبكة الطرق وسائر المنشآت المساعدة على توفير تسهيلات السكن والانتقال والخدمات الأساسية والترفيهية. وهذا سيؤدي بدوره إلى مرحلة جديدة من التنمية العمرانية ونهضة غير مسبوقة على الإطلاق، فضلا عن الآثار الإيجابية المتوقعة في الاقتصاد القطري، الذي يبحث عن إبهار العالم بالأبنية الحديثة والتقنيات المتقدمة، وما سيتم تجهيزه لتكون قطر تحفة معمارية وفنية ترقى إلى مستوى الحدث من المنظور القطري المتميز في طرح رؤيته، كما عكسها الملف الذي حاز ثقة "فيفا".
لقد بدأت بوادر الانتعاش تحرك السوق العقارية القطرية بيعا وشراء، كما أن عقود الإنشاء والبحث عن فرص للاستثمار أصبحت من العوامل التي تحفز حركة تداول الأموال لوجود أعمال مؤكدة. وهذا واضح التأثير في توجه كبريات الشركات الخليجية، ومنها السعودية المعروفة بالتخصص في الإنشاءات، حيث لن تقتصر الاستفادة على الاقتصاد القطري، فهناك مشاركة حتمية في تحقيق الأهداف المرسومة بدقة سيكون للشركات السعودية والخليجية عموما دور فيها، كما أن جهود الشركات العالمية لا يمكن استبعادها، فهي شريك استراتيجي في تقديم الخبرة، وتسخير التقنية بأفضل ما توصلت إليه. إن الثقة التي يحظى بها الاقتصاد القطري على مستوى العالم، قادت عديدا من الشركات العالمية إلى فتح فروع لها في الدوحة، والاستفادة من الطفرة التي تشهدها البلاد والمشروعات العملاقة المطروحة، ولأن هناك سباقا على حصة الاستثمارات الأجنبية في العالم، فإن تشرف قطر باستضافة كأس العالم هو عامل جذب كبير، بل يحقق تفوقا لوجود مؤشرات اقتصادية قوية تدعم الرغبة في تحقيق العوائد المالية الجيدة وصافي أرباح مغر. وهذا سيجعل السوق القطرية من أفضل الأسواق في معدل الربحية، وضمان تنفيذ الأعمال، وتحصيل الحقوق، فضلا عن اكتساب رصيد من السمعة التجارية بما تم تنفيذه من أعمال. إن معظم الشركات المستفيدة من الأعمال المطلوب إنجازها، هي شركات مساهمة ستضيف إلى موجوداتها الكثير من الإمكانات المالية التي تعزز سعر أسهمها في السوق، أما الاقتصاد القطري فإنه من أهم مكونات الاقتصاد الخليجي، وهو داعم له، وسيكون له تأثير كبير في قوة الاقتصاد الخليجي وصلابته، وسيصبح لاعبا أساسيا ضمن الاقتصادات الإقليمية.
إن الشركات الخليجية هي الأقرب إلى أن تكون بمثابة المستثمر الأجنبي الذي يسهم في إنجاز ما هو مطلوب من أعمال. ولقرب المسافة بين دول المجلس وتماثل البيئة التشريعية والثقافية، ووجود الصلات القوية بين رجال الأعمال والقيادات في الشركات والمؤسسات، فإن كل هذه الإمكانات يجب أن تكون في خدمة نجاح استضافة المونديال، الذي هو مونديال عالمي بملامح خليجية وعربية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي