Author

غزال 1 .. 2 .. 3 .. سعودية!

|
حقيق على الكتاب ورواد الفكر أن يرفقوا بالمجتمع وأن يؤدوا الأمانة والرسالة المتوقعة والمنتظرة منهم ويستثمروا براعة أقلامهم وإبداع عقولهم في توعيته ونشر الفضيلة والحقيقة ورسم الإيجابية بين أفراده. من الظلم للمجتمع أن تتاح الفرصة لكتاب من نوع آخر يطلقون العنان لأقلامهم وليسهموا في تعزيز صور ذهنية خطرة وخاطئة محصلتها في المجتمع سلبية 100 في المائة. وقد لا يتصور الكثير خطر تلك الأقلام التي تنقل أخبارا مليئة بالتهم والطعن على عواهنه وأشكاله وأثرها في الشباب بشكل خاص ومساهمة تلك الأقلام في ترسيخ السلبية وتحجيم الإيجابية وحب الإنجاز والتميز. كنت أتابع ما يُكتب عن السيارة غزال1 المبادرة الرائعة من قسم الهندسة الصناعية في جامعة الملك سعود وأبحث في الإنترنت ''جوجل يعني'' لعلي أتعرف بشكل أكبر عن تفاصيل هذا المشروع وذلك لاهتمامي بالتقنية وطرق نقلها إلى وطننا المعطاء بشكل عام الذي يعتبر ضمن اهتمام الجمعية السعودية لنقل وتطوير التقنية التي أتشرف بعضوية مجلس إدارتها, وإذا بي أجد مقالة منشورة في جريدة ''الرياض'' تحت عنوان ''حقيقة السيارة السعودية'', للكاتب فارس بن حزام, حيث يقول: ''إن الحديث، الذي يدار في الخفاء، أن الحكاية تجميع في تجميع، ولا فضل لجامعة الملك سعود في المنجز، سوى دفع المال وتوفير المكان، وجمع عدد من أعضاء هيئة التدريس والطلبة، لتسجيل الحضور''. ولي مع ما ذكره الأستاذ فارس بخصوص مشروع السيارة غزال1 وقفات عديدة منها ما يلي: أولاً: تعتبر هذه المبادرة مبادرة وطنية من جامعة عريقة وفي موضوع مهم وممكن التطبيق وليس من المواضيع التي يصعب تخيلها وتصورها على غير المختصين مثل تقنية النانو والتقنية الحيوية أو غير ذلك وهذا النموذج ''غزال1'' مثال لكثير من المبادرات التي يمكن عرضها للمجتمع وتحفيزه لأخذ زمام المبادرة وبدء التصنيع والإنتاج فيه. ولن يعذر الكاتب في التقليل من شأن هذه المبادرة والمفترض عليه زيارة الورشة التي تم تصنيع السيارة بها والتعرف عن قرب على دور الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في هذا الإنجاز المتميز. ثانياً: لا أرى أي مبرر يدعو الكاتب إلى التشكيك في دور الجامعة مهما كان مستواه فالجامعة مؤسسة تعليمية بالدرجة الأولى وليست مطالبة بإنشاء المصانع والمؤسسات الإنتاجية وما قامت به من مبادرة يعتبر عملا رائعا وجادا في صنع نموذج أولي بأيدي طلاب وبإشراف أساتذة يمكن تطويره لمنتج وطني ويسهم في إيجاد قاعدة ورأس مال بشري يهتم بهذه الصناعة ويسعى لنقل الخبرات وتطويرها وتوطينها في المستقبل. ثالثاً: جميعنا يعلم أن أغلب الأعمال والمشاريع الكبيرة من صناعة وتجارة تبدأ بأفكار ومحاولات ومبادرات تعقبها قرارات تصنع منها مشاريع وتكون واقعاً بعد حين, وما شركة سابك والصناعات الوطنية إلا مثال حي لتلك الأعمال التي بدأت بمبادرة وانتهت بمنجز وطني كبير. وبحكم تخصصي فقد عاصرت وأنا طالب ظروفاً وبيئة بحثية رائعة في قسم الهندسة الكيميائية بجامعة الملك فهد نتجت عنها فكرة مصانع الفوسفات التي تتولاها شركة معادن في حزم الجلاميد ورأس الزور الآن والتي تعتبر من أكبر المشاريع الصناعية الناشئة حالياً في المملكة. رابعاً: من متطلبات نقل أي تقنية أن تبدأ بمراحل ولن يكن بالإمكان وفي وقت قصير أن تقوم الجامعة بتصنيع نموذج ''غزال1'' دون الاستعانة بخبرات ومستشارين عالميين ولو كان الهدف من هذا المشروع إنشاء ورشة تصنيع تهدف إلى تعليم الطلبة والأساتذة لكان تحقيق هذا الهدف إنجازا بذاته. كما ويعذرني الكاتب أن أقول له إن هذا جهل منه بأبجديات نقل التقنية والتصنيع والمفترض أن يستشير أهل الخبرة. فالمتعارف عليه في عقود نقل التقنية والاستحواذ الدخول في اتفاقيات مع مالكي التقنيات تتضمن متطلبات وشروطا زمنية طويلة الأمد لتوطين التقنية والحصول على منتج وطني ولن يمكن الاستغناء عن دور الخبرة والاستفادة من الخبرات العالمية والدخول بعقود وشراكات مع الشركات المالكة للتقنية. خامساً: إن ما قامت به الجامعة يعتبر ذكاء منها وتصرفا حكيما حيث لم تدخل مع أي شركة تصنيع سيارات عالمية مثل تويوتا أو فورد أو مرسيدس وتطلب منها صنع هذا النموذج أو المساعدة في إنشاء هذه الورشة أو تدريب الطلاب على ذلك وكان بإمكانها ولكن قامت بالاستفادة من نسيج من الخبرات العالمية وذلك حتى تضيف هذا الإنجاز إلى حسابها هي فقط وجعل فريق العمل في وضع قيادي يتيح له أخذ القرار والمساهمة في التخطيط والتطوير والتحكم في مسار تصنيع النموذج ''غزال1'' وهذا بلا شك جعل القائمين على المشروع والطلاب يشاركون وبشكل عملي في التصميم والتحليل والاختيار من البدائل ومن ثم التنفيذ وقد حدث هذا في ورشة شهدناها جميعاً ونقلت على شاشات التلفزيون ولعلي هناك أبارك عمل وتوجه الفريق وأقول لهم أكملوا المسيرة بارك الله فيكم وإلى الأمام لإنتاج غزال 2 ... 3 ... بعقولكم وبأيديكم السعودية. سادساً: يُعذر العامي في نقص تصوره عن مثل هذا الإنجاز ولكن لا يعذر كاتب يتصدر مقاله صحيفة من أهم وأكبر الصحف اليومية في المملكة والتي تساهم في صنع وتعميق الصور الذهنية في المجتمع ولا أعذره أن يقع في مثل هذا الخطأ أو أن يتكلم فيما لا يعلم. والدور المنوط بمثل هذا الكاتب كبير ولا أظن أن إثارة مثل هذه الأقاويل, التي ليس لها رصيد من الصحة, تخدم هدفا وطنيا وتقدم حلولاً بديلة ونقداً بناءً أو تعديلا لمسار أو نصحا وإضافة تفيد الجامعة. بل ربما يفهم من هذا شيء آخر ليس متعلقا بموضوع السيارة أصلا. سابعا: إن التطور الذي يحصل في جامعة الملك سعود هذه الأيام وبقيادة الدكتور عبد الله العثمان يعتبر أمرا استثنائيا بلا شك والذي مكن الجامعة من تحقيق إنجازات نوعية على مستوى عالمي وفي زمن قياسي، وجعل الجامعة ورشة عمل ضخمة قد لا ترى منها جزءا ساكنا بل كلها تتحرك وأكثرها يعيش مراحل إنشائية جديدة. وخلاصة الأمر، والحق أن الدكتور عبد الله العثمان استطاع تحقيق هذا الإنجاز وكانت الجامعة حاضرة إعلاميا لما فيها من حراك و تطور. وأرجو ألا يكون في هذا أمرٌ يثير حفيظة بعض الناس بل يجب مباركة وتشجيع مثل تلك المبادرات. ثامناً: لدي ثقة بأن الذين لا يعلمون ولا يتكلمون وأمورهم تمشي في الخفاء بسلام ''قضابة القش'' كما يقولون هم الذين يخرجون سالمين من النقد وكيل التهم. وإن أصحاب الإنجاز والمبادرة هم أكثر الناس لوكاً في الألسنة, ونحن نعلم أن كثيرا من الجامعات فيها حراك وتطور ولكن ليس بحجم ما يحدث في جامعة الملك سعود ولا مثيل له. ولقد نالت الجامعة بأعمالها تلك رضا المجتمع ورجال الأعمال الذين استثمروا معها ودعموا برامجها وأوقافها ومبادراتها التي أسهمت بشكل فعلي ومباشر في تحقيق الجامعة لأهدافها التعليمية والبحثية ورفع مستوى رأس المال البشري والمعرفي الوطني. في الختام أسأل الله أن يسدد خطى القائمين على مشاريع وبرامج التطوير والبناء ويكثر منهم في هذا الوطن المعطاء إنه جواد كريم. عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية لتطوير ونقل التقنية
إنشرها