من أسرار نجاح الإمارة في الإدارة

أعمل منذ قرابة عشرين عاما في مجال الإدارة وفي كل يوم أشعر بأنني ما زلت أتعلم فهناك كثير من الأحداث والمواقف والكتب والمقالات والقصص المفيدة ، التي تقدم الكثير والكثير من الدروس، بحيث تجعل الإنسان يشعر باستمرار بأنه في حاجة ماسة إلى مزيد من التطوير والتعلم.
هناك الكثير والكثير من الدروس الإدارية التي تمر علينا في كل يوم ولكن في اعتقادي أن من أهم هذه الدروس، التي تعد أحد أسرار نجاح القائد الإداري هو المتابعة، فعندما يحرص القائد على المتابعة فهو بذلك يقدم كثيرا من الدروس الثمينة لمن حوله من أعضاء فريق العمل فهو يشعرهم بأنه قريب منهم وأنه يرى أعمالهم وأنه يعرف من خلال متابعته طاقة كل فرد منهم فيحرص على تشجيعهم ومكافأة المتميز منهم ومعاقبة المتخاذل والتأكد من قيام كل فرد بدوره ومتابعة الإنجازات ونسبة تحقيق الأهداف، إضافة إلى اهتمامه بتوفير سبل الدعم الممكنة، وفي حالة وجود أفراد في الفريق من ذوي النفوس الضعيفة فهو يعلم أن هناك من يتابع ويراقب فيكف أذاه عن الآخرين ويحفظ يده أن تمتد إلى حرام ويمتنع أن يلجأ إلى مخالف فيجعل منه مستشاراً أو فاسد فيجعل منه أميناً.
ولأهمية المتابعة عمدت بعض الجهات إلى استحداث إدارات متخصصة وبمسميات مختلفة مثل دائرة المتابعة الإدارية أو برنامج المتابعة الإدارية، بل إن بعض الدول حرصت على تأسيس أجهزة مختصة شغلها الشاغل هو المتابعة الإدارية والتأكد من قيام الأجهزة الحكومية بالأعمال المطلوبة منها وتسعى إلى تحقيق الأهداف المنشودة.
وهناك فرق بين المتابعة والمراقبة فمن يتابع يحرص على أن يكون الإنجاز هو هدفه وأن يكون تحقيق الأهداف هو غايته وأن يصل إلى نهاية الطريق مع فريق عمله لينتقل بعد ذلك إلى طريق آخر جديد ليحقق إنجازاً آخر، أما المراقب فهو ينظر إلى الأمور بعين الناقد الحريص على أن يجد خللا ويكتشف موطن الفساد ليقضي عليه فغايته ليست الإنجاز بقدر معرفة أماكن الخلل.
تذكرت هذا الدرس وأنا أستمع إلى أمير منطقة مكة المكرمة خلال حفل توقيع سموه لعشرة مشاريع تطويرية لشرق محافظة جدة، إذ أشار سموه في كلمته إلى (أنه شخصياً سيقوم بالمتابعة والإشراف وسيقوم بذلك بكل مسؤولية واهتمام وسيطلب من محافظ جدة تقريراً شهرياً عن سير العمل بهذا المشروع)، فالمتابعة والإشراف المباشر من قبل القيادات هما ما تحتاج إليهما مشاريع المنطقة اليوم لكي تنجح، فالمشاريع الموجودة لا ينقصها المال ولا ينقصها الدعم ولا ينقصها توافر المقاولين، بل تنقصها المتابعة والتأكد من تحقيق الأهداف التي يتم اعتمادها، ولو نظرنا إلى العشر سنوات الماضية وقمنا بحصر المشاريع التي أعلنت ومقارنتها بما هو موجود اليوم على أرض الواقع فسنجد أن هناك فرقاً كبيراً، أحد الأسباب الرئيسة لهذا الفرق في اعتقادي كان في ضعف المتابعة.
ولذلك فإنني أؤكد على مفهوم المتابعة وعلى أهميتها وعلى أنها أحد الأسباب الرئيسة لنجاح كثير من مشاريع المنطقة، كما أؤكد على ضرورة رفع التقارير الشهرية للمشاريع الحيوية في كل مرافق المنطقة ، وكم أتمنى أن يكون هناك تقرير شهري تصدره الإمارة من خلال متابعتها المتواصلة عن إنجازات المنطقة ليس فقط لشرق جدة بل لجميع مشاريع المنطقة.
إن المتابعة في اعتقادي أحد الأركان الرئيسة لنجاح أي إدارة في أي منظمة تسعى وتأمل في أن تحقق إنجازاً يستفيد منه أبناء هذا الوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي