واشنطن تؤجل الضربة العسكرية ضد طهران عامين
أكد الخبير الأمريكي تريتا بارسي مؤسس ورئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، أن أمريكا لن توجه ضربة عسكرية ضد إيران في الوقت الراهن، قبل أن تستنزف كل الحلول السلمية والدبلوماسية والمفاوضات المستمرة بين جميع الأطراف.
وتوقع الخبير الأمريكي أنه في حالة حصول عملية عسكرية فإنها لن تتم قبل عامين، ولن يكون هناك استعجال في التنفيذ، بغية الاستفادة من العمليات العسكرية التي قامت بها أمريكا في دول مختلفة سابقا.
ونبّه تريتا بارسي الذي حل ضيفا على نادي الاقتصادية الصحفي للحديث عن «العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية ومستقبل الملف النووي الإيراني»، إلى أن القضية الإيرانية تعد من القضايا السياسية الساخنة والمعقدة في مسرح السياسة العالمي ومرتبطة بمصالح كثير من الدول، من بينها وأهمها الدول المجاورة لإيران التي تعنيها في المقام أمن المنطقة وسلامتها وحرية الحركة الاقتصادية والتجارية فيها.
ورفض تريتا بارسي خلال اللقاء الذي حضره نخبة من الشخصيات الإعلامية المهتمة بالشأن الاقتصادي والثقافي والقضايا الدولية، ربط القضية الإيرانية ومقارنتها بالخلاف الكوري الشمالي والصيني مع أمريكا, وذلك لاعتبارات كثيرة بحكم الوضع الجغرافي والتاريخي والاقتصادي للمنطقتين.
وقدم بارسي أمام حضور اللقاء تمهيدا مختصرا عن محاور محاضرته التي تركزت على تاريخ العلاقات الأمريكية ــ الإيرانية منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 مرورا بمراحل من الفتور منذ ذلك الوقت حتى عهد الإدارة الأمريكية في فترة الرئيس بارك أوباما. وتناول ما شهدته هذه الفترة من تغيير في مصطلحات إدارة أوباما لدى التعاطي مع إيران، في ظل عدم وجود ما سماه «خطوط حمراء» ملموسة بالنسبة لإيران، كتغيير مباشر عن إدارة بوش.
وقال: «إن الولايات المتحدة تراجعت عن حدتها خلال الانتخابات الإيرانية، ويمكن أن تكون القضايا المحلية بالنسبة إلى إيران أكثر إلحاحاً من القضايا الدولية، مشددا في مضمون حديثه على أن البلدين يمتلكان قدرة أعلى في التصعيد، لكن ليس بالقدر ذاته لتخفيف حدة التصعيد».
وطرح تريتا بارسي عددا من النقاط خلال محاضرته التي منحت الفرص للعديد من المشاركين لتوجيه أسئلتهم والتعليق.
ومن أهم الأسئلة التي وجهت إليه، كانت حول كيفية تعامل المجتمع الدولي مع إيران وهل بالإمكان وقفها بكل الطرق؟ كما طرح سؤال إن كانت هناك أجندة خفيفة بين إيران وأمريكا حول هذه القضية لتحقيق مكاسب ثنائية بين البلدين على حساب دول المنطقة وتصفية حسابات، خاصة فيما يتعلق بما إذا كان هناك تعاون بين الولايات المتحدة وإيران في العراق، فهل من الممكن أن يكون التوتر بين البلدين مجرد واجهة؟ وهل هناك أجندة خفية؟
كما طرح الكتاب محمد فهد العمران سؤالا إن كانت الولايات المتحدة وإيران تتلاعبان بشعوب المنطقة لإبقاء النزاع بين الشيعة والسنة في المنطقة مستمراً؟ في حين سأل الدبلوماسي منصور المنصور عن كيفية التعامل مع إيران في ظل الخيارات المطروحة من عقوبات اقتصادية ودبلوماسية، إضافة إلى التصعيد الداخلي وما الحل الأنسب مستقبلا؟ فيما اعتبر الدكتور عبد الله القويز أن الأطروحات الإيرانية تعد معالجات غير مقبولة لدى الدول المجاورة كافة.
#2#
وفي السياق ذاته, علق الدكتور عبد الرحمن الطريري إذا كانت توجد علاقة أو تنسيق مع أمريكا وإيران حول زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد التي قام بها إلى لبنان. كما تساءل عن السلاح النووي الإسرائيلي, وهو يعتبر تهديدا لدول المنطقة, حيث لا انتقادات ضد هذا الوضع الذي يعد غريبا ضد منطق السلم والاستقرار. كما طرح الدكتور عبد الرحمن الحميد وأمجد شاكر سؤالين حول القوتين الإسرائيلية والإيرانية حول شرعية حصولهما على القوى النووية, أما شاكر فركز على الوضع داخل إيران وقضية اهتمام الحكومة بالفساد والاضطهاد والمناخ الأمني غير المستقر داخل البلاد، والتحركات الديمقراطية خاصة المشكلات والمواجهات التي شهدتها إيران عقب الانتخابات ومسألة الانفتاح الذي ينشده الشعب الإيراني. وماذا إذا حدث تغيير في النظام الإيراني الحالي, فهل سيحدث هذا الوضع اختلافاً من النظام الحالي؟
من هو تريتا بارسي؟
تريتا بارسي مؤسس ورئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، وهو خبير في العلاقات الأمريكية ــ الإيرانية، والسياسة الإيرانية، وميزان القوى في الشرق الأوسط، إضافة إلى أنه مؤلف كتاب «التحالف الغادر .. الصفقات السرية لإيران وإسرائيل، والولايات المتحدة» (مطبعة جامعة يال،2007)، حيث أجرى أثناء إعداده أكثر من 130 مقابلة مع عدد من كبار صانعي القرار في إسرائيل وإيران، والولايات المتحدة. وحصل هذا الكتاب على الميدالية الفضية في جائزة آرثر روس للكتاب التي يمنحها مجلس العلاقات الخارجية.
ولد بارسي في إيران, لكنه انتقل مع أسرته إلى السويد وهو في الرابعة من عمره هرباً من القمع السياسي في إيران. وكان والده أكاديمياً مفوهاً، وغير مسلم، حيث أدخله شاه إيران السجن، وكذلك فعل معه نظام الخميني. انتقل إلى الولايات المتحدة في سن البلوغ، ودرس السياسة الخارجية في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، حيث حصل على الدكتوراه. وأسس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، وذلك كمؤسسة غير حزبية، وغير ربحية يستطيع من خلالها الأمريكيون من أصل إيراني المساهمة في الحياة المدنية الأمريكية.
#3#
إن هذا المجلس داعم قوي للحوار والمحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، حيث ظل بارسي يجادل بأن هذا الأمر سيعزز أمننا القومي من خلال المساعدة على استقرار الشرق الأوسط ودعم المعتدلين في إيران. تابع بارسي الشؤون السياسية للشرق الأوسط من خلال العمل الميداني، والخبرة المكثفة في الكونجرس وفي الأمم المتحدة، حيث كثيراً ما تستشيره الحكومات الغربية والآسيوية في شؤون السياسة الخارجية. عمل بارسي في البعثة السويدية الدائمة في الأمم المتحدة، حيث كان يعمل في مجلس الأمن، ويتولى الشؤون المتعلقة بأفغانستان والعراق، وطاجكستان والصحراء الغربية، كما عمل في اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ كان يعمل على معالجة شؤون حقوق الإنسان، في أفغانستان وماينمار والعراق.
أشرف على دراسة بارسي في الإعداد للدكتوراه فرانسيس فوكوياما في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز. ويحمل إضافة إلى الدكتوراه شهادة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة أبسالا، وأخرى في الاقتصاد من كلية استكهولم للعلوم الاقتصادية.
عمل أستاذا للشؤون الدولية في جامعة جونز هوبكنز, وهو حالياً أستاذ محاضر في معهد الشرق الأوسط ، كما كان أستاذاً باحثاً في السياسة العامة في مركز وودرو ويلسون الدولية للأساتذة في صيف عام 2010.
يتقن بطلاقة اللغات: الفارسية، الإنجليزية، والسويدية. وتم نشر مقالاته حول الشرق الأوسط في «وول ستريت جورنال»، و»الفاينانشيال تايمز»، وتقرير جين للمعلومات، ومجلة «الأمة»، وكذلك «الأمريكان كونزيرفاتف»، وفي «جيروزالم بوست»، ومجلة «فوراوارد»، وجهات أخرى. وهو كذلك ضيف كثير الظهور على قنوات CNN، وبرامج «ساعة إخبارية» في قناة PBS الذي يقدمه جون لهرر، إضافة إلى ظهوره في محطات NPR، وهيئة الإذاعة البريطانية، و«الجزيرة».