الكتل الباردة المصحوبة بضغط جوي تجلب الثلوج للسعودية

الكتل الباردة المصحوبة بضغط جوي تجلب الثلوج للسعودية

إن تساقط الثلوج القطنية المتطايرة على مرتفعات شمال غرب السعودية والمنطقة الشمالية بشكل عام يعتبر أمرا وارد الحدوث ويتم تسجيله ما بين ثلاث وعشر سنوات فلا يكاد تمر هذه الفترة إلا ونسمع ونشاهد أو نقرأ عن تساقط الثلوج على أحد هذه الأطراف.
وتعتبر جبال شمال غرب المملكة العربية السعودية الأوفر حظا بذلك نظراً لقربها من خطوط التجمد في طبقات الجو العليا مثل جبل اللوز الذي يتجاوز ارتفاعه 2400 متر فوق مستوى سطح البحر وبعض جبال حائل والجبال الواقعة شمال غرب منطقة المدينة المنورة. ونعلم أن الغلاف الجوي يكون أكثر دفئا كلما اقتربنا من خط الاستواء ومدار السرطان ويكون أكثر برودة كلما اتجهنا شمال ناحية القطب.
ولهذا السبب ينعدم أو يندر تساقط الثلوج المتطايرة كلما اتجهنا إلى وسط وجنوب البلاد على اعتبار أنها مناطق قريبة من مدار السرطان وكذلك انخفاضه بالنسبة لمستوى سطح البحر، لكن هذه القاعدة قد تنكسر وتتساقط الثلوج بالفعل وتسجل على أنها حالات نادرة مثلما حدث في شتاء عام 1376 هجرية على القصيم وقال عنها ابن عبيد رحمة في كتابه تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان (لما كان في 21/6 الموافق ليوم الثلاثاء اشتد البرْد وتراكم السحاب ثم نزل في غده جليد وبرْد ( بسكـون الراء) لم يعهد مثله ثم في 4/7 تراكمت الغيوم وهطلت أمطار واشتد البرْد ثلاثة أيام ، فشهران سوى يومين لم تر الشمس فيها).
وبعد الرجوع إلى أرشيف وكالة الأرصاد العالمية نوأ (GFS) للنظر في درجات حرارة طبقات الغلاف الجوي في ذلك اليوم اتضح وجود أخدود بارد جداً بلغت فيه درجة الحرارة على ارتفاع خمسة آلاف متر عن مستوى سطح البحر أقل من 30 درجة مئوية تحت الصفر فوق القصيم وشمال شرق البلاد.
وفي شتاء عام 1392 هجرية المصادف الثاني من كانون الثاني (يناير) 1973 ميلادية تعرضت مدينة الرياض لموجة باردة جداً مصحوبة بالأمطار والثلوج بلغت سماكة الجليد نحو 20 سم شمال الرياض وتعطلت الدراسة بسبب هذه الموجة الباردة وتم نشر الخبر في الصحف المحلية.وبعد الرجوع لدراسة هذه الحالة من خلال الأرشيفات المناخية لاحظنا وجود أخدود بارد جداً ممتد من روسيا حتى جنوب المنطقة الوسطى بلغت فيه درجة الحرارة على ارتفاع خمسة آلاف متر فوق مستوى سطح البحر أقل من 15 درجة مئوية تحت الصفر.
كذلك عاود تساقط الثلج على شمال غرب المنطقة الوسطى وبالتحديد على الجبال الواقعة غرب القصيم في شتاء عام 1407 هجرية واكتست بحلة بيضاء ثم عاود تساقط الثلوج مرة أخرى بعد انقطاع طويل غرب منطقة الرياض وبالتحديد على أجزاء من محافظة الدوادمي وكان ذلك في شتاء عام 1413 هجرية وهذه نماذج تدل على أن تساقط الثلوج قد يحدث بمشيئة الله إذا توفرت الظروف المناخية المناسبة وهي تتمثل في كتلة باردة رطبة تسيطر على مستويات الغلاف الجوي العليا والقريبة من السطح تكون مصحوبة بضغط جوي منخفض تنخفض فيها قيم درجات الحرارة إلى مرحلة التجمد كما حصل في ظروف السنوات المذكورة.
كما أن هناك عاملا آخر لندرة تساقط الثلوج وهو أن أغلب الكتل الباردة التي تتعرض لها وسط البلاد تكون جافة جداً وهي نتيجة لسيطرة مرتفع جوي وليست جبهات باردة رطبة كما يحدث في شمال البلاد في بعض السنوات لذلك تبقى نظرية تساقط الثلوج على وسط المملكة العربية السعودية واردة وليست معدومة ـ بإذن الله تعالى.

الأكثر قراءة