قطار المشاعر !!
يبدو أن قطار المشاعر سيظل في واجهة الأخبار، ليس بسبب تكلفته التي لا تزال محل جدل كبير، ولا بسبب عرباته "زاهية الألوان"، ولا بسبب نجاح "المفاوضات" حول تخفيض تكلفته من تسعة مليارات حسب عرض الشركة الصينية إلى 6.5 مليار، أي بمقدار 5.5 مليار عن أدنى عرض قدم وفق ما صرح به وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية.
الجديد هذه المرة في رحلة القطار؛ أن العمال الذين قاموا بأعمال الشغب قبل أيام لم تسلمهم الشركة المنفذة رواتبهم لأربعة أشهر، وكانت تعتزم تسفيرهم دون حصولهم على حقوقهم، وفقا لتصريح الناطق الرسمي باسم شرطة العاصمة المقدسة. من جهة أخرى؛ تم القبض على عاملين صينيين في المشروع أثناء بيعهما خمس شاحنات محملة بالحديد مقابل 125 ألف ريال. "الشرق الأوسط 7/11/1431". كما نشرت جريدة "الوطن" بتاريخ 11/10/2010، تصريحا لأحد الدبلوماسيين بوصفه مسؤولا عن متابعة سير المشروع في السفارة الصينية، مفاده بأن المشروع يتعرض لسرقات من قبل "مجهولين وبشكل مجدول"، وأنه تم طلب حماية مرافق المشروع خلال اجتماع مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، وتم إبلاغهم أنها؛ أي الوزارة، ليست جهة الاختصاص في الموضوع. وورد في التصريح ما نصه: "إن هناك إمكانية لتكرار هذا الوضع مما يزيد من تكاليف المشروع التي تعد مرتفعة في وضعها الحالي".
حديث الدبلوماسي الصيني، يطرح عددا من التساؤلات، ويعمق الجدل الدائر حول هذا المشروع. وفي ثنايا هذا التصريح تلميح إلى زيادة في تكاليف المشروع، ولا أعلم هل يقصد زيادة تكاليفه على الشركة المنفذة أم زيادة تكاليفه علينا نحن؟.. ثم ماذا يقصد بقوله إن مجهولين يسرقون المشروع؟ هل هم مجهولون من داخل المشروع أم مجهولون من خارجه؟ الواقعة التي ضُبطت تشير إلى أن عمال المشروع يسرقونه؛ لذا فإننا سنحمل معنى الجهالة على الداخل وليس الخارج.
لا يمكن بأي حال قبول أن شركة "يفترض" أنها عالمية في صناعة القطارات تنفذ مشروعا حيويا ومرتقبا بمليارات الريالات، داخل المشاعر المقدسة؛ لكنها لم تسلم رواتب لمدة أربعة أشهر، وبعض عمالها يسرقون حديد المشروع ويبيعونه في شاحنات، ويتفاوضون مع شركتهم بتحطيم سيارات المشروع. هذا قطعا لا يحمل سمات العالمية، ويشير حتما إلى أن هناك خللا جسيما في إدارة الشركة وإدارة المشروع على حد سواء.
إذا لم تكن هذه الشركة قد وفّت بحقوق العمال الذين يعملون لديها، فكيف لها أن توفي بحقوقنا معها؟ كيف نضمن مصداقيتها وهي لم تعط عمالها أجورهم؟ وإذا كانت هذه عينة من ذمم عمالها، فكيف نفذت أو ستنفذ دقائق المشروع؟
نحن، مع تقديري للجميع، لم نكن لندفع كل هذه المليارات لنسمع بهذه القصص في مشروع بهذه الأهمية والحساسية والجدل. إذا كان هذا ما طفا على السطح؛ فمن المؤكد أن ما خفي أعظم. ولا بد من التحقق مما ورد في تصريح الدبلوماسي الصيني في جريدة "الوطن" من جهة حكومية "مستقلة" عن الجهة المشرفة على المشروع. نريد أن نعرف ماذا يقصد بالسرقات المجدولة لمرافق المشروع من قبل مجهولين، باختصار.. مَن يسرق مَن؟!