الصكوك الدولية لحقوق الإنسان (140)

تطرق حديثنا في المقالة السابقة عن النظام الدولي لحقوق الإنسان وكيفية نشأته والأسباب الرئيسة التي كانت وراء ظهوره للعيان في القرن التاسع عشر متأثراً بما ورد من جمل في القانون الدولي عن النواحي اللاإنسانية التي تعرضت لها بعض الشعوب من قبل الدول التي تحكم تلك الشعوب ولا تتردد في استخدام العنف والاضطهاد والقهر ضد شعوبها، ونادى القانون الدولي بضرورة الوقوف في وجه تلك الدول الظالمة التي تنتهك حقوق الإنسان بجانب ظهور الصليب الأحمر والاتفاقيات الدولية لحماية العمال الصناعيين - كل ذلك أسهم مساهمة كبيرة في نشأة القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما أشرنا إلى أننا سنستعرض للكتابة عن مجموعة من المعلومات والمصطلحات المهمة التي ستثري وتنمي ثقافة حقوق الإنسان - بعون الله تعالى، وها نحن نستعرض الآن:
الشِرعَة الدولية لحقوق الإنسان
عندما نتحدث عن الشِرعَة المذكورة فلا بد أن نتحدث أولاً عما يسمى الصكوك الدولية لحقوق الإنسان وكلمة الصك حسبما ورد في (المنجد) و(الموسوعة العربية) هو القرار المكتوب أو الوثيقة الرسمية أو الشرعية التي تحتوي على ممتلكات أو مسؤوليات أو أصول أو حقوق وواجبات يراد تثبيتها وإقرارها لمصلحة جهة أو شخص أو أشخاص معينين وعادة ما يصدر الصك من محكمة أو سلطة رسمية أو شرعية متعارف عليها وكل ما يسرد في الصك من معلومات تكتسب الاحترام والالتزام بها من قبل الدولة والأطراف ذوي العلاقة وكلمة صك وردت في مراجع الأمم المتحدة باسم INSTRUMENT، أما كلمة الشرعة الدولية فيقصد بها الترابط الشديد بين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين وهما (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) و(العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، يضـــاف إلى ذلك كله ( البروتوكولان الاختياران للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية) الصادران في عامي 1966م و1989م، لذلك فإن الشرعة الدولية المذكورة هي سلسلة تحتوي على مجموعة من المواثيق المهمة المرتبطة ببعضها البعض وعدد المواثيق خمسة وهي (الإعلان العالمي + العهدان الدوليان + البروتوكولان المذكورين)، ومن ناحية أخرى وللأهمية الكبرى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين المذكورين تعتبر هذه المواثيق الثلاثة هي الصكوك الدولية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ، ومن خلال ما ذكر يتضح أن الأمم المتحدة استخدمت كلمة (الشرعة) لتوضيح أهمية المواثيق المشار إليها باعتبارها أموراً مهمة تصل لمستوى القوانين والأنظمة والمواثيق الدولية التي شُرعت لتعزيز ما ورد فيها من حقوق أساسية تستحق الاحترام والالتزام بها من قبل جميع الأطراف ذوي العلاقة الذين وقعوا وأقروا بما ورد في تلك المواثيق، كما أن استخدام كلمة (صك) يعطي الأهمية والمفهوم نفسه مع العلم أن الصكوك التي أشير إليها لم تصل إلى مستوى الصك إلا بعد أن مرت على تلك الصكوك مدة لا تقل عن 50 عاماً، وخلال تلك الفترة الطويلة اكتسبت تلك الصكوك احترام الدول وموافقتها على تطبيقها لتأكدها من أهميتها وتطلع شعوبها للأخذ بها وتطبيقها بدقة بجانب الحوار والمناقشات التي تمت على (الشِرعَة) و(الصكوك) المذكورة - بين الدول وذلك أثناء الاجتماعات المتعددة التي تتم في مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف بمشاركة جميع الدول الأعضاء في ذلك المجلس وبمشاركة مجموعة كبيرة من منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية (NGOs)، مع العلم أن كلمة (الشِرعة) تعني بالإنجليزية BILL التي يقترب معناها من الميثاق أو القانون أو المدونة المقدسة، وفي الحلقة القادمة (141) نكمل ما تبقى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي