تكامل حقوق الإنسان وترابطها

كنا في المقالة السابقة نختم حديثنا عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بموجز عن ذلك الإعلان وأهم أهدافه والرسالة العالمية التي يحملها للدول والشعوب بما في ذلك الشعوب التي ما زالت مستعمرة ولم تستقل بعد، وأهم ما ذكرناه في الموجز يمكن حصره في ثلاثة أهداف الأول: تحقيق أعلى مستوى لسعادة الإنسان، الثاني: الحفاظ على حريات الإنسان وأخيراً: الحفاظ على كرامة الإنسان، وأشرنا في المقالة السابقة إلى الوسائل والأساليب والطرق التي يمكن أن توصل لتحقيق الأهداف الثلاثة التي أشير إليها في الإعلان، والآن مع موضوع جديد هو:

المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان
يمكن أن نحصر المبادئ الأساسية - حسبما وردت في كتاب (دليل البرلمانيين إلى حقوق الإنسان الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والاتحاد البرلماني الدولي - إلى (3) مبادئ، الأول: أن حقوق الإنسان عالمية، الثاني: إنها غير قابلة للتصرف، الثالث: إنها غير قابلة للتجزئة وهي مترابطة، وإليكم التفاصيل، 1- عالمية حقوق الإنسان، عالميتها تأتي بسبب أن كرامة كل إنسان في العالم هو شيء أساسي وضروري لحياة الإنسان بغض النظر عن العنصر أو اللون أو الجنس أو الأصل أو الدين أو الوضع الاجتماعي أو اللغة والجنسية أو السن أو الميل الجنسي أو الإعاقة أو أي سمة أخرى مميزة، وأكبر دليل على تلك العالمية - التي لا يختلف فيها اثنان - أن جميع الدول التي سمعت أو شاركت في اتفاقيات حقوق الإنسان وكذلك الشعوب رحبوا بتلك الحقوق وتحمسوا لها كثيراً لأنها تنبع من فطرة وحاجة الإنسان التي تتعارض تماماً مع الإهانة والاحتقار، لذلك فإن عالمية تلك الحقوق تتطلب انطباقها على بني البشر بقدر متساو دون تمييز على أي شخص ولا تتغير من شخص لآخر أو من مكـان لآخر، وقد سبـق أن أعلن كوفي عنان الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة - أعلن في عام 1997م قائلاً (إن حقوق الإنسان ليست غريبة على أي اتفاقية وهي متأصلة في جميع الأمم إذ إنها عالمية)، وقد سبق أن ظهرت بعض اعتراضات على عالمية حقوق الإنسان باعتبار أن الفكرة غريبة وأنها تمثل اتجاها استعمارياً وأن تلك الحقوق لا يتمتع بها إلا الرجل الأبيض، وقد قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) في عام 1968م بدراسة أوضحت أن الآمال التي تستند إليها حقوق الإنسان تتماثل وتتشابه مع كل الحضارات الإنسانية وهي مفاهيم إنسانية عالمية مثل العدالة وسلامة الإنسان وكرامته وحريته ومحاربته للقمع والاضطهاد والإرهاب والمشاركة الفردية في الجهود الجماعية ومما يزيد ويؤكد عالمية حقوق الإنسان أن أغلب الأمم تمثل التقاليد والعادات والثقافة الإنسانية والدينية والسياسية، وتلك الأمم قد اعتمدت الصكوك الأساسية لحقوق الإنسان وصدقت عليها، 2- حقوق الإنسان غير قابلة للتصرف، وهذا يعني أنه لا يجوز تجريد أي شخص من حقوقه إلا في ظل ظروف محددة تحديداً واضحاً بموجب القانون فعلى سبيل المثال يجوز تقييد حق الشخص في الحرية (حرمانه مؤقتا من حريته) إذا توصلت محكمة قضائية إلى إثبات جريمة من الجرائم لأن تقييد حرية المجرم هو احترام لحرية الآخرين وهم الأكثرية وأن تجريد حقوق شخص مجرم هو لقاء ما قدمت يداه من اقتراف جريمة مثبتة عليه انتهك فيها حرية أو مصلحة الآخرين وأن عقابه ضرورة ليكون عبرة لغيره وفي الحلقة القادمة (139) نتحدث عن المبدأ الأخير وهو أن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة وأنها مترابطة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي