"التمييز" ضد الكوريين في اليابان يضرب بجذور عميقة في التاريخ
في وقت سابق من الشهر الجاري ، اعتقلت الشرطة اليابانية أربعة من أعضاء جماعة "زايتوكوكاي" ، التي تصف نفسها بأنها "رابطة مناهضة لإعطاء امتيازات خاصة للكوريين في اليابان" ، على خلفية مضايقتهم لبعض التلاميذ في مدرسة ابتدائية خاضعة لإدارة كورية. ونظم أعضاء ما يصفها المعارضون بأنها "جماعة عنصرية" مسيرة أمام المدرسة التي تتخذ من مدينة كيوتو مقرا لها ، ووصفوها بأنها "مركز كوري شمالي لتدريب الجواسيس" ، ووصفوا تلاميذها بأنهم "أطفال العملاء الكوريين الشماليين" قائلين إنه ينبغي طردهم من اليابان. وقال مامورو سويموتو ، أحد أعضاء جماعة من المواطنين تدعم المدارس الكورية: "إنهم يستهدفون أطفال المدارس الذين ينتمون إلى جماعة أقلية ، ويوجهون إليهم كلمات بذيئة.. ذلك أسوأ ما يمكن فعله".
ويتساءل كانج دوك سانج ، الأستاذ المتقاعد المتخصص في التاريخ الكوري المعاصر بجامعة شيجا في اليابان: "امتيازات خاصة؟ أي امتيازات خاصة لدينا؟" ، مضيفا: "إننا نعرف سكانا كوريين تعرضوا للتمييز طيلة هذه السنين". يعيش ما يقرب من 580 ألف كوري في اليابان ، ويمثلون ثاني أكبر جماعة من الأجانب المسجلين بعد الصينيين ، بحسب ما أفادت به الحكومة اليابانية. غير أن خبراء يقولون إن عددهم أكبر بكثير ، نظرا لأن اليابان لا تحتفظ بإحصائيات بشأن الخلفية العرقية.
ولم يعد الكوريون الحاصلون على الجنسية اليابانية يدرجون ضمن "الأجانب المسجلين". ويقول المعارضون والسكان الكوريون إن المسيرة التي نظمت أمام المدرسة الابتدائية تشير إلى أن الجماعة العرقية لا تزال تتعرض للتمييز ، في الوقت الذي احتفلت فيه اليابان منذ أسابيع بالذكرى المئوية لضمها شبه الجزيرة الكورية.
وفي ظل الحكم الاستعماري الياباني ، قدم ما يربو على مليوني كوري إلى اليابان ، سواء قسرا أو طواعية ، وعمل العديد منهم في المناجم والموانئ ومصانع الذخيرة ومواقع البناء ، ونقل بعضهم إلى جزيرة ساخالين الخاضعة للسيطرة اليابانية وجزر جنوب الهادئ. ويقول المعارضون إن قصص كراهية الأجانب لها صداها الذي يتردد عبر التاريخ.
ففي أيلول/سبتمبر من عام 1923 ، عندما دمر زلزال طوكيو الشديد العاصمة اليابانية وأودى بحياة ما يزيد على 140 ألف شخص ، راجت شائعات بأن الكوريين في البلاد يضرمون النيران ويضعون السموم في الآبار.
وقد لاحقت الشرطة والجيش ولجان الأمن الأهلية في اليابان الكوريين ، مما أسفر عن مقتل ما يقدر بستة آلاف شخص. يقول كانج ، مدير المتحف التاريخي للكوريين العرقيين في اليابان في طوكيو ، إنه ينبغي على اليابان التحقيق في قضايا القتل هذه ، وعلى الحكومة الكورية الجنوبية حث طوكيو على فعل ذلك ، بيد أن اليابان لا تفعل ذلك ، حيث "لا تقر بها الحكومة ، ولا تدرسها للطلاب في المدارس". بعد الحرب العالمية الثانية ، عاد ما يقرب من 3ر1 مليون كوري إلى بلادهم. أما من بقي من الكوريين في اليابان فقد تم تجريدهم من الجنسية اليابانية التي حصلوا عليها في ظل السياسات الاستعمارية. وحرم هؤلاء من الحصول على الخدمات العامة كالرعاية وخدمات الإسكان الحكومي ، مما فاقم من تدهور وضعهم العسير بالفعل.
وبينما اعتذر رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان لكوريا الجنوبية في وقت سابق الشهر الجاري عن الحكم الاستعماري الياباني خلال الذكرى المئوية لضم شبه الجزيرة الكورية ، قال السكان الكوريون في اليابان إنه لم يساعدهم في مواجهة مصاعبهم. وأوضح كانج قائلا: "هناك أيضا ضحايا للاستعمار الياباني بين الكوريين في اليابان.. فقليل من الناس من يدرك مدى معاناة الكوريين من تلك الحرب". وقال رئيس الوزراء إن الكوريين "حرموا من بلادهم وثقافتهم ، وتضرر اعتزازهم العرقي كثيرا من الحكم الاستعماري الذي كان جاء ضد إرادتهم في ظل الظروف السياسية والعسكرية".
وأضاف: "أما عن الآثر الهائل والمعاناة الشديدة الناجمة عن هذا الحكم الاستعماري ، فأعرب هنا مجددا عن شعوري بالندم الشديد وعن خالص اعتذاري". ويشير المعارضون أيضا إلى إن اليابان لم تعوض العديد من الضحايا الكوريين حتى الآن ، وبينهم ضحايا "العبودية الجنسية" في وقت الحرب والناجين من القنبلة الذرية ، إلى جانب أولئك الذين تركوا على جزيرة ساخالين بعد الحرب.
وقالت كيم هي جونج ، المتحدثة باسم الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونج باك ، إن الأخير أشار إلى "صدق البيان الياباني ، وقال إن المهم هو كيف ستنفذه اليابان من الآن فصاعدا". من جانبها ، طالبت كوريا الشمالية بالتعويض عن الاستعمار الياباني بعد اعتذار كان لكوريا الجنوبية وحدها.
وقال سويموتو: "لقد فعل رئيس الوزراء ذلك نظرا لأن الإدارة الحالية تريد تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع كوريا الجنوبية". وأضاف: "غير أنه كان ينبغي عليه الاعتذار لسكان شبه الجزيرة الكورية بأكملها التي استعمرتها اليابان".