تحميل المسؤولية بداية تلافي الأخطاء

لا أعتقد أن هناك شركة في العالم تتمنى أن تكون في الوضع الذي تعيشه المجموعة النفطية البريطانية العملاقة بريتش بتروليوم بعد التسرب النفطي في خليج المكسيك، فهذه الشركة العملاقة والمؤثرة تحولت عقب انفجار بئر ماكوندو في خليج المكسيك، والذي تسبب في أضرار بيئية بالغة إلى شركة تلاحقها الخسائر بسبب ارتفاع تكاليف معالجة هذا التسرب، وتحميل الحكومة الأمريكية هذه الشركة جميع تكاليف معالجة الأضرار.
وقد كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما حاسما في تحميل هذه الشركة كامل المسؤولية حينما قال: ''فلتكن الأمور واضحة ــ بي بي ــ هي المسؤولة عن هذا التسرب و ــ بي بي ــ ستدفع تكاليفه''.
وهذا ما جعل الشركة تتعهد بدفع تكاليف معالجة البقعة النفطية، ودفع مطالب التعويض القانونية كافة التي يتم التأكد منها كخسائر أو أضرار ناجمة عن البقعة النفطية.
تحميل شركة بريتش بتروليوم مسؤولية معالجة هذا الخطأ الفادح دفع بها إلى بيع عديد من أصولها، وتغيير مديرها العام، ودخولها في خسائر تحتاج إلى سنوات لتعويضها.
ما أوردته في هذه المقدمة ليس للحديث عن وضع شركة بريتش بتروليوم، أو عن تأثير البقعة النفطية في البيئة في خليج المكسيك، فهذا أمر معلوم للجميع، إنما أردت ذلك مدخلا للحديث عن أمر مهم يغفل عنه كثيرٌ من منفذي المشاريع، صغيرها وكبيرها، ولا يلقون له أهمية، وهو أنه مثلما أن من حقهم تحقيق أرباح عالية من المشاريع التي ينفذونها، فهم مسؤولون مسؤولية كاملة عما ينتج عن تقصيرهم في تنفيذ هذه المشاريع، أو عدم اتخاذهم الاحتياطات اللازمة حين التنفيذ من خسائر، سواء أكانت خسائر مادية أم بشرية.
ومع الأسف الشديد أن هذا الجانب شبه غائب لدى كثير من الشركات والمؤسسات، خاصة ما يعمل منها في مجال المقاولات، بسبب عدم التأكيد عليه من قبل الجهات الرسمية، وبسبب طول الإجراءات التي تتخذ لتحصيله، وأحيانا ضعفها، وتساهل المجتمع في متابعة من يتسبب في أخطاء ينتج عنها أضرار مادية بالغة.
ولهذا نرى أن هناك من يقوم بتنفيذ مشروع فلا يوفر حماية للناس، أو من يترك بقايا معداته في الطريق فينتج عنها حوادث، كما نرى من يتسبب في أعطال في شبكات المياه أو الكهرباء أو الهاتف حين تنفيذه مشروعا من المشاريع، فيتضرر من ذلك كثير من الناس ماديا ومعنويا، وتكون النتيجة تحمل الجهات الرسمية، أو المؤسسات العامة اللوم من قبل المواطنين، دون أن تكون الشركة المنفذة للمشروع طرفا في تحمل هذه المسؤولية، رغم أنها السبب المباشر المسؤول عن الخطأ.
إن عبارة ''وقد تم تنبيه الشركة المنفذة لتلافي هذا الخطأ مستقبلا'' يجب أن تغيب عن البيانات التي تصدر من عديد من الجهات لإيضاح أسباب سوء خدمة أو تعثرها، فطالما أن الشركة المنفذة تتسلم مستحقاتها غير منقوصة، فعليها تحمل ما ينتج عن عملها من أخطاء، فهذه الشركات والمؤسسات مثلما لها مغنم من المشروع، فإن عليها مغرما يجب أن تدفعه في حال إخلالها بشروط التعاقد، أو تسببها في خطأ ينتج عنه إضرار بالمجتمع، ودون ذلك فلن تفيد المناشدات شيئا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي