مصر: تنقية الأجواء العربية تحتاج إلى شخصية تحظى باحترام عربي كبير

مصر: تنقية الأجواء العربية تحتاج إلى شخصية تحظى باحترام عربي كبير

وجدت الجولة العربية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز, تأييدا شعبيا ورسميا في البلدان العربية لأسباب وعوامل موضوعية كثيرة, أولها التحديات التي تواجه المنطقة العربية حاليا, وفي مقدمتها المنعطف الخطير الذي يواجه القضية الفلسطينية التي تحوز اهتماما كبيرا لدى الدبلوماسية السعودية. وثانيها التوتر الشديد الذي يخيم على الساحة اللبنانية في ضوء ما تواتر من أنباء عن ورود أسماء أعضاء في حزب الله ضمن قائمة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري, التي ستعلنها المحكمة الدولية أيلول (سبتمبر) المقبل, وثالثها: التهديدات التي يتعرض لها لبنان من جانب إسرائيل, وتشير إلى نيتها شن عدوان جديد عليه, رابعها ملف التدخل والتغلغل الإيراني في المنطقة العربية, وما يمثله ذلك من تهديد خطير لاستقرار الدول العربية وأمنها وسلامها الاجتماعي والسياسي, وكذلك الملف النووي الإيراني والموقف العربي من تطوراته في ضوء تطور الموقف الدولي منه, وفي ضوء العقوبات التي وقعت على إيران أخيرا, وخامسها: ملف تنقية الأجواء العربية وحل الخلافات وإجراء المصالحات, وفي مقدمتها المصالحة المصرية ــ السورية والمصالحة الفلسطينية, تعميقا للعمل العربي المشترك وتعزيزا للتضامن العربي والالتفات إلى قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.
يقول المراقبون في القاهرة إن خادم الحرمين الشريفين هو القائد العربي المؤهل للقيام بهذا الدور الحيوي في هذا الوقت بالذات لما عرف عنه من حكمة وبعد نظر وسداد الرأي ورجاحة العقل, فضلا عن ارتباطه بعلاقات طيبة مع كل القادة والزعماء العرب, قادر على إذابة جبال الجليد بين أي بلدين عربيين, وتعطي في الوقت نفسه هذه العلاقات الدفء والحيوية والنشاط.
وفي جولته يحمل خادم الحرمين الشريفين هم الأمة العربية, يقوم بهذه الجولة ليبحث مع القادة العرب سبل تصفية الأجواء من بعض الشوائب التي تعتريها تعزيزا للعلاقات العربية ــ العربية وتوحيد صف الأمة وجهودها أمام ما يواجهها من تحديات.
وأفاد المراقبون بأن المباحثات شملت كذلك الأوضاع الراهنة في العراق ولبنان والسودان والصومال، وأهمية الحفاظ على سلامة جميع الدول العربية وعلى وحدة أراضيها وتحقيق السلام والأمن لشعوبها.
«الاقتصادية» التقت في القاهرة مجموعة من الخبراء في الاستراتيجية والمتخصصين في الشؤون العربية لاستطلاع رأيهم في جولة خادم الحرمين الشريفين.
أكد لــ «الاقتصادية» السفير محمد بسيوني رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي في مجلس الشورى, أن قمة الرئيس حسني مبارك وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تأتي في إطار العلاقات القوية والمهمة والتاريخية بين البلدين لتعطي زخما ودفعة كبيرة من أجل تحقيق الوفاق الوطني والوحدة بين الدول العربية ودفع مسيرة التعاون بينها.
وقال السفير بسيونى إنه مما لا شك فيه أن مصر والسعودية لهما ثقل كبير يدفع باتجاه تعميق مسيرة العمل العربي المشترك والتضامن إزاء القضايا القومية التي تهم الأمة العربية بأسرها, وفي مقدمتها القضية الفلسطينية, باعتبارها جوهر الصراع العربي ــ الإسرائيلي, ومن دون التعاون والتشاور المصري ــ السعودي لن يكون هناك سلام حقيقي في المنطقة, ومن هنا فإن التنسيق بين البلدين في الموضوعات الإقليمية له أهمية قصوى, وبالذات الوضع المتوتر حاليا في لبنان بسبب ما يتواتر من أنباء عن إدانة المحكمة الدولية المشكلة للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري لعناصر في حزب الله, وكان لزاما الإسراع في إجراء التنسيق اللازم لنزع فتيل الانفجار, الذي كانت بعض بوادره تلوح في الأفق والتعجيل بالعمل على استعادة سريعة لوحدة الصف اللبناني والفلسطيني, ومن هنا تأتي أهمية الجولة التي يقوم بها العاهل السعودي.
من جانبه, قال لــ «الاقتصادية» الدكتور عادل سليمان مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية: إن زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر في بداية جولته العربية ولقاءه الرئيس مبارك تأتي في إطار التنسيق المستمر والمتواصل بين الزعيمين العربيين الكبيرين, حيث إنهما يقودان قوتين إقليميتين لهما وزن وثقل كبيران في المنطقة ومؤثرتين في أحداثها بشكل إيجابي وفاعل, وتكتسب الزيارة أهمية قصوى, حيث إن خادم الحرمين يقوم بزيارة لدمشق التقى خلالها الرئيس السوري بشار الأسد بعد انتهاء زيارته لمصر, وهناك معلومات عن قيام الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بزيارة للبنان اليوم, وهو ما يشير إلى أن الجولة ستحمل كثيرا من النتائج الإيجابية التي تصب في مصلحة الأمة العربية، ولربما تقود إلى مصالحة سورية ــ مصرية.
وأكد الدكتور عادل سليمان أن المنطقة تمر حاليا بتطورات مهمة ومنعطفات خطيرة في قضيتين عربيتين, هما القضية الفلسطينية وما يجري على الساحة اللبنانية من توترات تهدد السلم الداخلي, وتهديدات إسرائيلية وتصعيد خطير في لغة المواجهة قد يؤدي إلى تداعي الأمور بسرعة وانفجار مدو للوضع, كما أن مسار المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين يواجه عراقيل جمة, ما استدعى اجتماعا للجنة مبادرة السلام العربية لتقييم نتائج هذه المفاوضات ووجود تحركات وضغوط أمريكية لاستئناف المفاوضات المباشرة, ما يوجب مزيدا من التشاور والتنسيق العربي في هذا المنعطف الخطير، ومن هنا كان التحرك السريع والإيجابي للملك عبد الله لإنقاذ الأوضاع من الانهيار في المنطقة. كما أكد السفير السيد شلبي المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية, أنه من المعروف عن خادم الحرمين الشريفين حرصه الدائم على استقرار الأوضاع في المنطقة, ولذلك فهو يجد أن هناك بوادر أزمة أو مشكلة فيعمل جهده الكبير والعاجل لاحتوائها مع الرئيس مبارك, لأنه من المعروف أن البلدين يقع عليهما مسؤوليات كبيرة تتطلب التشاور والتنسيق المستمرين, وتأتي الجولة في هذا الإطار.

الأكثر قراءة