البدر «يؤنسن» الشعر ويمنح سماء الرياض «ومضاً» استثنائياً

البدر «يؤنسن» الشعر ويمنح سماء الرياض «ومضاً» استثنائياً
البدر «يؤنسن» الشعر ويمنح سماء الرياض «ومضاً» استثنائياً
البدر «يؤنسن» الشعر ويمنح سماء الرياض «ومضاً» استثنائياً
البدر «يؤنسن» الشعر ويمنح سماء الرياض «ومضاً» استثنائياً
البدر «يؤنسن» الشعر ويمنح سماء الرياض «ومضاً» استثنائياً
البدر «يؤنسن» الشعر ويمنح سماء الرياض «ومضاً» استثنائياً

لم تكن ليلة الثلاثاء عادية في مساء الرياض، الذي شهد افتتاح محفل ''ومض'' ذي الفعاليات المتنوعة الذي يذهب ريعه بالكامل إلى الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام ''إنسان''، وكما توقع الجميع فقد جاء الاستهلال رائعاً من خلال الأمسية الشعرية التي أقامها الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن عائدا بها مجددا إلى أذهان محبيه ومستعيدا مراحل شتى من قصائده التي حفظتها الذاكرة الثقافية والفنية ومثلت في مجملها مشروعا تجديدياً رائداً على مستوى الأدب في المملكة، غير أن الجديد الذي احتفى به البدر هذه المرة هو أن يكرس مشروعه الإبداعي لخدمة عمل الخير وتفعيل القيم الإنسانية التي لا تنفصل عن شفافية روح المبدع ورهافة حسه.
جمهور كامل من الذين تحولوا بمجرد حضورهم إلى فاعلي خير، ملأ القاعة مبكرا بانتظار إطلالة البدر التي اشتاق إليها كثيرون بعد عامين تقريبا على عودته بعمل وطني كبير تمثل في أوبريت الجنادرية ''وطن الشموس''، وكان الانتظار بحجم روعة المناسبة التي حضرها عدد من الأسماء الأدبية والشعرية والإعلامية المعروفة ، لتنطلق الأمسية بتقديم من الصوت الإذاعي الشهير أحمد الحامد ، وبعد أن شاهد الحضور فيلما وثائقيا تضمن نبذة عن نشأة جمعية ''إنسان'' وما تقوم به من أدوار خيرية مهمة في رعاية الأيتام وتأهيلهم علمياً وعملياً، بجانب إسهامها في تسهيل حياتهم وتعزيز قدراتهم ودمجهم في النسيج الاجتماعي، وتضمن الفيلم إشارة إلى التوسع الذي شهدته الجمعية لتصل إلى عشرة فروع خلال عشر سنوات من عمرها.

#2#

ولم ينقطع هذا السياق حين جاء دور البدر، ليعلن انطلاق الأمسية مستهلا بالترحيب ومؤكدا '' أن الهدف الذي قصدناه هو فعل الخير وما توفيقنا إلا بالله'' واعتبر البدر أن المردود الذي سيعود على الجمعية هو الفيصل الحقيقي لتقييم المحفل من حيث النجاح أو الفشل، ويضيف ''لقد أتيت لأقدم أفضل ما لدي، وأتمنى لو كان لدي ما هو أفضل منه لأقدمه..فمن الشرف لي أن جمعية إنسان قد وجدت في شخصي حافزاً لدعمها ، في هذه الليلة كل طفل أو شاب من الجمعية هو نجم الحفل، هم من كتبوا الشعر ورسموا اللوحة وألفوا الكتاب، ولولاهم لم يكن هذا كله ليكتمل''، قبل أن ينتقل الأمير بدر ليتناول دور الثقافة في تقدم الأمم وتخليد منجزات الشعوب ، معتبرا أن الشعب المثقف هو القادر على حماية عقيدته واستشراف الأحداث والتأثير فيها، وقال البدر إن فعالية ''ومض'' تأتي تجسيدا لفكرة استخدام الثقافة المتمثلة بالأدب والفن كوسائل لتحقيق غاية فعل الخير..دون أن ينس توجيه الشكر إلى الشاعرين نايف صقر ومساعد الرشيدي والشعراء الناشئين الذين سيكون لهم فقرات خلال الأمسية.
بدأ البدر بإحدى قصائده الوطنية الجميلة عن خادم الحرمين الشريفين الذي وصفه بـ''مليك كل عربي حر عزيز''، وعلى تصفيق الجمهور تحية للقائد المحبوب كانت تلك الهدية الأكثر ملاءمة لذكرى البيعة التي تزامن توقيت الأمسية المشتركة بين الخير والشعر، يقول فيها :
كل شمس وكل ديم
وكل نور في عتيم
اجتمع في إنسان واحد
خلقه ربي عظيم
هذا عبد الله وكافي
هذا معشوق الفيافي
فيه يكتبني قصيدي
فيه تطربني القوافي

#3#

أما القصيدة الثانية فجاءت من إلهام سلطان الخير الذي التقى البدر فعاتبه على فترة غيابه ، ليسطر البدر إجابته في أبيات اعتزاز شجية تستعذب العتاب إجلالا لصاحبه، وتفرح بالغياب الذي يضع للغائب مكانة في فكر شخص كريم.، وحينها لا يملك البدر إلا أن يستزيد ..ليستزيده محبوه ''حضورا''.
يا سيدي زدني غضب منك وعتاب
....ترى الحظيظ اللي يهمك عتابه
تقول غبت وغيبتك مالها أسباب ...
والغايب اللي سيدي مادرى به

#4#

ليستمر إبداع البدر منهمرا على أسماع جمهوره ومحبيه الذين كانوا يقابلون كل مطلع قصيدة بعاصفة تصفيق تعود لتهب مجددا لأكثر من مرة داخل نصوص البدر المملوءة بالتفرد الجمالي والبصمة الفنية الخاصة، فجاءت قصيدة ''خالد الحب''، التي كتبها الأمير بدر بمناسبة الندوة التي أقامتها دارة الملك عبد العزيز لدراسة تاريخ وسيرة الملك خالد بن عبد العزيز، أعقبتها قصيدة ''ثقلت خطاي''، التي تضم بوحا وجدانيا شفيفا لا يخلو من لمسة الحزن ولا تنقصه حكمة التجارب في مشهد شعري يتوحد فيه الشاعر والإنسان وقوفاً عند رب العالمين ورجاء لفضله وكرمه.
ثقلت خطاي وكن الأيام فوقي
وصخر الجبال وتحتي الريح والعج
لا والله الا صار ماارجيه عوقي
غير الذي عن طلبته ما اتحرّج
وبعد أن رحب البدر بحضور الأمير الشاعر سعود بن عبد الله وأشاد برائعته ''مولد أمة''، التي قدمت في مرحلة مبكرة من عمر الجنادرية، جاءت مشاركة الشاعر نايف صقر الذي أكد أن البدر يستحق احتفالية خاصة بتجربته الرائدة، وأضاف ''لقد أنسن الشعر وصدّرنا كقيم ثقافية بشكل راقٍ ، نحن الشعراء ممتنون لوجوده بيننا'' قبل أن يلقي صقر قصيدة ''البتول'' التي وصفها بأغنية الموسم في إشارة إلى طرحها أخيرا عبر صوت الفنان راشد الماجد ، كما ألقى قصيدة البدر الشهيرة ''في دربكم يار احلين مناكيف''، التي جرت بعض أبياتها مجرى الأمثال لما فيها من حكمة.
ليعود البدر مجددا لمعانقة أسماع عشاقه بصوته، ومن خلال قصيدة مباغتة الرقة ، ونص يتهادى كأرجوحة ويختزل في كل بيت منه قصيدة كاملة ، فيقول
لعيونك املا صوتي أغلال حنطة ....
واظهر لكل الناس مكسور الأغلال
اطعم طيور الحزن نور وغبطة .....
واقول كل الصبح لأهدابك ظلال

#5#

ومع النصوص التي شكلت جزءا مؤثرا في تاريخ الأغنية السعودية، كان للبدر تاريخه المرتبط بشغف البدايات وتميز الأسلوب، حتى أصبحت أعماله علامة فارقة في شكلها ومضمونها، وهنا يستحضر البدر نصاً من ذاكرة تمتد ثلاثين عاماً ، لم يحتج سوى أن يقوله أول كلمة فيه حتى تأتي تحية الجمهور ملؤها الإعجاب.
التفت ...
وتوها ... توها ما اختفت ...
ماكساها الليل ... باللون الحزين ...
التفت ... وتعالت صرخته ...
في نظرته ...
صاح ... لكن بالنظر ...
وانكسر .... شوفه عثر ...
حسايف .. تذبل الضحكة وهي بين الشفايف ..
تذبل الفرحة وتضيع ...
ويصبح الكون الوسيع ...
مايكفي خطوتين .. لاكساه الليل باللون الحزين

#6#

تبعها الأمير الشاعر بقصيدتي ''يا صاحبي طالت علي المسافة'' و''نش غيظي'' قبل أن يمنح دفة الأمسية لربان موهوب يملك إلقاء رائعا شهد له كثيرون، والحديث عن الطفل محمد الجبرين الذي أوفى وعده للبدر حين ألقى قصيدته الوطنية عن ظهر قلب فردد الجميع معه ''يا وطن من سوى ربك عظيم''.
غادر الطفل المسرح دون أن ينسى أن يختم القصيدة بعبارة ''مهندس الكلمة الأمير بدر بن عبد المحسن'' قبل أن يعود فارس الأمسية ليواصل انطلاقته الرائعة في إحدى أجمل أمسياته تجلياً ومتعة شعرية ، فعاشت ذائقة الجمهور لحظات رائعة وهي تستمع على التوالي
عـن كـل نجـم ظهـر باسـدل أجـفـاني ...
لاعـل ماأعـيش حـزني لحـظه غروبه ...
وعـن كـل خـل حزين الصمت كـفاني ...
الصاحـب اللي قـليل الهـرج عـذروبه
**
تاقف على طرف الهدب ماتلمحك عيني..عاتبتني وكن العتب ماكان يعنيني
سلم ابارّد السلام، وهذا ترى كل الكلام اللي بقى بينك وبيني ..تخيل!
**
يذكرني القمر ظلك عجب ياللي ظلالك نور
أنا اللي ماعرفت الليل لولا عتمة أهدابك
حبستك في السما شمس وعلى وجه السحاب طيور
ونخيلٍ باسق يشرب رضاك ويعطش عتابك
وفي جولة جديدة، تأتي قصائد البدر بصوت الجيل الواعد مرة أخرى فيطل الأمير خالد بن محمد من خلال نص ''كثرة عذاريبي''، الذي يعلق عليه قائلا ''هذه القصيدة جعلتني أعرف أن أبوي بدر شاعر عظيم''، وكان ذلك الظهور الأول للأمير خالد الذي ألقى باعتزاز يليق بحفيد شاعر بحجم بدر بن عبد المحسن.وهو اعتزاز لا يقل عما تحتويه القصيدة، ومنها:
يا صاحبي كيف أنا كثـرت عذاريبـي
أو هو الزمان الذي كثـرت عذاريبـه
وكان الليالي مثـل عرفـي وتجريبـي
جرحٍ لفت به وجـرحٍ بـد تاتـي بـه
لتستمر رحلة التجلي مع أمير الكلمة واللون، في إبداع لوحاته الأدبية التي تحلق حينا في رحاب العاطفة وتعود حينا لأحضان الشجن، دون أن تفتقد في كل الأحوال صورها المحلقة وفلسفتها العميقة وخيال الفنان الذي يحضر داخل القصيدة فينسج المشاهد من خلالها ويمنحها كل سيناريوهات الجمال الممكنة.. تتأكد من ذلك وأنت تسمع البدر يلقي على التوالي:
الشمس طاحت وبردت ورمد الشفق في حجر الأرض
من يشتهي يدوس باقدامه على هالرماد كله ..
يا عابرٍ على المدى من السراب الى الندى ..
قلبي سقط فوق التراب شله ..
او لا تدوس القلب خله كل يوم له شمس
وانا مالي سوى قلبي
****
صياح الباب يكفي لا ظهرت وبكتم صياحي
لك الله لو تبيني اصرخ حبيبي لاتهج الباب
تكلم واحرق بنار العتب طيني والواحي
عيوني لك مرايا لو تبي وافتح ضلوعي كتاب
وبعد قصيدته الشهيرة ''ابعتذر عن كل شي الا الهوى'' التي تفاعل معها الجمهور على نحو لافت ، قدم الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن صاحب الفقرة الرابعة في الأمسية وهو الشاعر خالد السبهان الذي يتوقع له البدر مستقبلا باهرا ، حيث ألقى الشاب الذي اعتبر هذه الأمسية وساماً لحياته، نصين أحدهما للبدر بعنوان''دمع السحاب'' والآخر له يتناول فيه منطقة ''نجد''، عادت الكلمة بعدها لفارس الأمسية وضيفها الكبير الذي قدم قصيدتي ''خدود الرمل''و''المحبة أرض'' قبل أن يسمح لإحدى أكثر لحظات الأمسية تشويقا، التي تمثلت في مشاركة الشاعر مساعد الرشيدي .. حيث تحدث عن محفل ''ومض'' واصفا إياه بالكرنفال الشعري الجميل، وقال إن من بواعث الشرف والفرح أن يتم توظيف إبداع البدر في مساعدة المحتاجين وكف دموع اليتامى، وعاد الرشيدي إلى بداياته الشعرية مبينا أن للبدر دورا كبيرا في ظهور موهبته حين توقع لها البروز في الساحة، وقال ''أنا فخور لأنني ألقي قصائد البدر، وبين جمهور البدر، إن بدر بن عبد المحسن هو أحد منجزات هذا الوطن وأحمد الله أن وهبنا إياه شاعرا وإنساناً''.
وبعد ان ألقى الرشيدي قصيدتين شهيرتين للبدر هما ''تعبت أسافر في عروقي ومليت'' و''يطيح جفن الليل واهز كتفه'' آثر أن يلقي نصاً خاصاً ويهديه لمهندس الكلمة وعنوان أمسية الخير والشعر، فقال:
ليلة ثلاثا عنود مترفات الليال .....ومض لمع في ضفايرها وشعشع بدر
فيها من الحلم ماجاوز حدود الخيال....وفيها من الشيح وأنفاس الخزامى عطر
ياسيدي بدر يالزيزوم ياشيخ الرجال...طابت لياليك وأيامك وطاب الشعر
طل المسا والرياض الفاتنة ماتزال ...عند المرايا تنقى لك ثياب السهر
ما الومها عقب ''هام السحب'' بنت الحلال...''عطني المحبة'' ''زمان الصمت''''قلت المطر''

وبعد تصفيق كبير من الجمهور للقصيدة التي ألقاها الرشيدي وبايع فيها البدر بلقب''صاحب سمو الشعر''، اختتم البدر أمسيته الاستثنائية بقصيدة ''أنا يا سيدي'' مخاطبا فيها الوطن وقيادته ، ليسدل الليل جفنه – إذا صح لنا استعارة تعبير البدر- على اليوم الأول من محفل''ومض''، الذي سجل نجاحا لافتاً في ظل وجود بدر بن عبد المحسن شاعراً وفناناً ، يسخر الكلمة للخير ، واللون للعون، ليثبت ما عرفه عنه الجميع دوما .. مبدعٌ في سمو ذاته الإنسانية .. وإنسان في كل حالاته الإبداعية.

الأكثر قراءة