تجريم تمويل الإرهاب يرسم خريطة جديدة للعمل الخيري

تجريم تمويل الإرهاب يرسم خريطة جديدة للعمل الخيري
تجريم تمويل الإرهاب يرسم خريطة جديدة للعمل الخيري
تجريم تمويل الإرهاب يرسم خريطة جديدة للعمل الخيري
تجريم تمويل الإرهاب يرسم خريطة جديدة للعمل الخيري

أكد عدد من العلماء والمشايخ في المملكة أن الفتوى القاضية بتحريم التمويل للإرهاب لا تعد جديدة إلا من حيث إنها صدرت في بيان جماعي يضم تحته جميع أعضاء هيئة كبار العلماء، مفيدين بأن التحريم لمثل تلك الأعمال الإجرامية مغروس في ذهن كل سوي معتدل، وفي كل قلب مؤمن بالله ويتعاون على البر والتقوى.

وأشاروا خلال أحاديثهم لـ «الاقتصادية» إلى أن الفتوى أكدت أيضا أنه لا يصح الخلط بين الأعمال الخيرية والأعمال الإفسادية، وإنما يجب أن تبقى وتدعم تلك الأعمال الخيرية, وهي أصل من أصول المجتمع المسلم, والدولة ممثلة في ولاة الأمر هم أكبر داعم للأعمال الخيرية, ولذلك من أراد العمل الخير فإن الوسائل المشروعة متاحة أمامه فلا يضطر إلى أن يبحث عن طرق أخرى, قد لا يعلم أين تذهب الأموال التي يدفعها.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

أكد عدد من العلماء والمشايخ في المملكة أن الفتوى القاضية بتحريم التمويل للإرهاب لا تعد جديدا إلا من حيث إنها صدرت في بيان جماعي يضم تحته جميع أعضاء هيئة كبار العلماء، مفيدين بأن التحريم لمثل تلك الأعمال الإجرامية مغروس في ذهن كل سوي معتدل، وفي كل قلب مؤمن بالله ويتعاون على البر والتقوى.

وأشاروا خلال أحاديثهم لـ«الاقتصادية» إلى أن الفتوى أكدت أيضا على أنه لا يصح الخلط بين الأعمال الخيرية والأعمال الإفسادية، وإنما يجب أن تبقى وتدعم تلك الأعمال الخيرية, وهي أصل من أصول المجتمع المسلم, والدولة ممثلة في ولاة الأمر هم أكبر داعم للأعمال الخيرية, ولذلك من أراد العمل الخير فإن الوسائل المشروعة متاحة أمامه فلا يضطر إلى أن يبحث عن طرق أخرى, قد لا يعلم أين تذهب الأموال التي يدفعها.

#4#

وقال الدكتور صالح بن عبد الله الفريح وكيل التطوير في كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى: «إن هذه الفتوى أتت موافقة لما هو متكرر بشكل دائم ومستمر سواء كان من المفتين في المملكة أو من الأئمة أو الخطباء لتأكيد بيان حكم تمويل مثل هذه الأعمال التي بها إفساد وتدمير لممتلكات الدولة أو إزهاق للنفوس المحرمة سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة, فالنفس المسلمة أيضا محرمه وفق الضوابط التي جاءت بها الشريعة الإسلامية فهي ليست دينا عشوائيا همجيا إنما دين منظم منضبط بضوابط بينت حكم النفس الإنسانية».

وأضاف الفريح أن الفتوى أشارت إلى قضية الخلط بين ما قد يحصل عند البعض بين العمل الخيري والإرهاب والإشكال هنا أن الذين يجمعون الأموال ينتمون لمثل هذه الأعمال الإرهابية أحيانا يأتون بصفة داعمين للعمل الخيري ومطالبين بالتبرعات لمثل تلك الأعمال, ومن ثم يكون هناك التباس على الداعمين أنفسهم, وعلى عوام الناس أيضا, فيبذلون أموالهم إلى من لا يوثق به,
وللمجهولين أحيانا فتدفع الأموال مما يأخذه هؤلاء ويستغلونه في الأعمال الإرهابية, ولذلك تؤكد هذه الفتوى قضية مهمة جدا وهي أنه لا بد من التثبت, و أن يعرف الإنسان إلى من يدفع هذه الأموال قليلا كان أو كثيرا, فلا يدفع المال إلا لمن كان مأمونا في صرفه أو معروفا ومزكى أو ممثلا لجهة رسمية معتمدة عند الدولة, فليس كل من زعم أو كان مظهره مظهر أهل الخير هو صادق في دعواه, وهذا لابد من التنبيه له.

وأبان الفريح أن الدولة ممثلة في ولاة الأمر هم أكبر داعم حقيقة للأعمال الخيرية, ولذلك من أراد العمل الخير فإن الوسائل المشروعة متاحة أمامه فلا يضطر إلى أن يبحث عن طرق أخرى, قد لا يعلم أين تذهب الأموال التي يدفعها, ولا شك أن هذه الفتوى أتت في بيان هذه القضايا, وكونها تصدر من أعلى جهة دينية في المملكة, وهي هيئة كبار العلماء فإن هذا يعطيها زخما كبيرا, ولا بد من الجميع التقيد بهذا الأمر, والتأكيد على المضامين الموجودة لدى الشعب السعودي التي تكررت كثيرا من العلماء والأئمة والخطباء.

وتابع الفريح قائلا: «إن الفتوى صدرت لتجريم الدعم المالي لأي عنصر أو جماعة أو فعل إرهابي، أو عمل ينطوي عليه سلوك غير شرعي.

وقد أضافت مستنداً قضائياً لعمل المحاكم الشرعية، لأن نص الفتوى انصب حول تمويل الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، ثم أحالت الحكم إلى الجهات القضائية، وأنها المنوطة بتحديد العقوبة على من يقع في هذا الجرم بعد استيفاء الإجراءات القضائية، والاستماع إلى آراء التحقيق ودفاع المتهم، وهذا تأكيد للنظام الأساسي للحكم الذي نص على أن هيئة كبار العلماء هي المرجعية الشرعية, أما المواجهة الفكرية للفئة الضالة والفكر الإرهابي فلا شك أنها جاءت بعد المواجهات الأمنية الناجحة، والآن الحرب تحولت إلى حرب أفكار على الشبكة العنكبوتية، ولا يغفل وجود أصحاب هذا الفكر فيها وترويجهم لأفكارهم الضالة، ومن ثم فإن هذه الفتوى تعد انطلاقة شرعية قوية للمواجهة وكشف زيف من يشرعون لأعمال هذه الجماعات على ضلالة وفساد في الاستدلال ولي عنق النصوص واتباع الهوى.

وأضاف أن المشايخ وطلبة العلم في لجان المناصحة تجاوزوا موضوع إزالة الشبهات، والآن يحتاج هؤلاء الذين يتم تأهيلهم إلى إحساس بالطمأنينة وتقبل المجتمع لهم بعد إعلان توبتهم وتصحيح مفاهيمهم المغلوطة، وهذا ما تقوم به الجهات المختصة في دمج المفرج عنهم في المجتمع وتأهيلهم وتوظيفهم، كما أن الرافد المالي كان بلا شك عنصر قلق للجميع لأن وجود هذا الرافد يعني استمرار الفئة الضالة، ولذلك سيكون لهذه الفتوى مردودها في تجفيف منابع الإرهاب.

من جهته قال الدكتور إبراهيم بوبشيت الداعية الإسلامي «إن هذه الورقة الرائعة التي صدرت من هيئة كبار العلماء بتجريم وتمويل الإرهاب, كشفت الغمام والضباب عند كثير من الناس, وما هي إلا والله قرار مبارك مليء بالعدل والإنصاف, لأن الواقع من تمويل الإرهاب عموما اختلط فيه الحابل بالنابل, والإنسان لا بد أن يدرك أن تجفيف منابع الشر في جميع أشكاله, ولا سيما الشر العظيم وهو إفساد الناس وقتل الأبرياء هو مقصد مبارك, وهذا القرار أوضح الصورة التي كانت غامضة عند الوجوه, وفيه بيان أيضا أن تمويل الإرهاب وما يقوم عليه من أشخاص وغيرهم, كشف زيف الذين يتغطون بغطاء الخير, وأسال الله أن يقوي هيئة كبار العلماء, والمقام السامي الذي يعين على مثل هذا ويساعد على ضبط الأمور, وعلى وضع القوانين لها، فالله تعالى قال « ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة».

#2#

وأضاف بوبشيت أن المجتمع كان بحاجة إلى مثل هذه الفتوى, ليعلم العالم كله أن هذه البلاد ليست بلد إرهاب أو بلداً يدعم الإرهاب, كما لفق من لفق أو أعلن من أعلن, لا والله بل هو بلد يعين على لم الشمل والأمن, والسلامة وهذا هو ديننا, عندما امتن على قريش عندما قال تعالى «أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» فكيف يسعى هؤلاء إلى إزالة الخوف وإزالة الأمن عن هذه البلاد المباركة.

من جهته قال الشيخ أحمد المزروع القاضي في محكمة التمييز في مكة المكرمة «إن هذه الجرائم والدعوة إليها والفساد في الأرض وإرهاب وإرعاب وإخافة الآمنين مما حرمه ديننا الحنيف من نصوص واضحة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, ينبغي على كل ذي عقل أن يتأملها وألا ينجرف أو ينخدع وراء كل ناعق, فكثير من الناس يكرهون الإرهاب ولله الحمد، كما أن مجتمعنا ينبذ مثل هذه الظواهر التي تهدم المجتمعات وتعوق البناء والتطور، وهو مفطور على المحبة والسلام، وبالنسبة للإرهاب فليس له جذور في مجتمعنا ولكن ما حدث يشير إلى أن هناك فئة ضالة وهي محدودة وشاذة ولا تشكل نسبة تذكر في المجتمع السعودي، ولكن مثل هذا البيان الذي جاء في مثل هذه المرحلة سيكون منقذا لتلك الفئة التي التبست عليها الأمور وسقطت في الشبهات، وأن البيان سيكون رادعا لمن قد تلبست عليه الأمور ويقع في شراك الأعمال الإرهابية أو تمويلها.

وأضاف المزروع أن هذه الفتوى أتت لتبيان خطر مثل هذه الجرائم, وآثارها, فضلا عن تمويلها ودعمها, وكل ذلك من السعي في الأرض فسادا, والنصوص واضحة في ذلك, فموضوع التمويل من باب أحرى تحريمه لأن من سعى إلى إعانة ظالم على ظلمه, ومن دعى لإعانة مفسد على فساده, أو نحو ذلك كإعانة مجرم على جريمته, فإنه في ذلك مشارك معه في الإثم, ويأخذ حكمه في العقاب, معتبرا اتهام الإسلام بأنه دين إرهاب هو اتهام عار من الصحة وباطل، إذ إن كل التعليمات الإسلامية تنص وتدعو إلى وسطية الدين وتقبله للآخر عن طريق حوار حضاري إسلامي ينبثق من مشكاة السنة النبوية، كما أن الإسلام ينهي عن قتل الشيخ والمرأة والطفل وسفك دماء الأبرياء في الحروب حسبما جاءت به توجيهات نبي الأمة محمد ـ صلي الله عليه وسلم، إذ إن نبي الأمة عندما نهى أصحابه عن التمثيل بالجثث أو قتل مسن أو عاجز أو امرأة أو طفل أو قلع الأشجار أو حرقها, فهذا أمر يشدد على أن الإسلام دين سلام لا دين إرهاب.

من جهته قال الدكتور خالد الشمراني عميد المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جامعة أم القرى «إن هذه الفتوى صدرت من هيئة علمية رفيعة المستوى وهذا بلا شك يكسبها ثقلا ووزنا, وثانيا أنها صدرت في موضوع خطير وله شأن ويتعلق بضرورة من الضرورات الخمس, التي سبقت الشرائع السماوية كلها, وهي ضرورة النفس, ولا تتم إلا بعد أن يشيع المجتمع جواً من الاطمئنان والأمن والأمان, وتمويل مثل هذه العمليات الإرهابية لا شك ِأنه يؤدي إلى الإضرار بالنفس, وهذا من الوسائل المحرمة ولا أظن أن هناك أحداً يجادل أو يشكك في قوام هذه الفتوى وأهميتها.

#3#

وأضاف الشمراني أن هذه الفتوى تتحدث عن موضوع محدد وهو دعم وتمويل العمليات الارهابية, وموضوع الارهاب إذا أطلق لدينا فهو يقصد به الأعمال غير المشروعة التي يقصد بها إزهاق الأنفس وترويع الامنين, وزعزعة الأمن والاستقرار في البلاد, وكما معلوم لدينا أن هناك جهات وجماعات معينة تسعى لهذا الأمر, وواضح أن تمويل أي جماعة تسعى لزعزعة الأمن أو الإخلال بثروات البلد أمر مجرم ومحرم, فهذا الأمر ينبغي أن يكون واضحاً للعيان, وتوسيع هذا الأمر وتوظيف هذه الفتوى توظيفا خاطئا هو من باب الاحتياط أن الإنسان قد يحجم عن عمل الخير والتبرع للمشاريع الخيرية وهذا أمر غير وارد وغير مقصود من مصدري الفتوى, فهذه الفتوى موجهة لشيء معين وهو تجريم تمويل الأعمال الإرهابية.

وقال عميد المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جامعة أم القرى إن المأمول من هيئة كبار العلماء، المسارعة بإصدار البيانات والفتاوى الفاصلة في كافة القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالمنظار الشرعي ليقطع الطريق على المرجفين والصيادين في الماء العكر وجهال الخلق، فكم سارع البعض لإصدار الأحكام الشرعية، وإحداث البلبلة بين أفراد المجتمع، فيعظم الأمر فيعسر على الحكماء إخماد نار فتنتهم.

كذلك المأمول من كافة الجهات الدينية المختصة في العالم الإسلامي من المجامع الفقهية ورابطة العالم الإسلامي والجامعات الإسلامية المسارعة بإصدار مثل هذه البيانات، قياماً بالعهد مع الله تعالى وتكون تثبيتاً لقلوب المؤمنين، ودفعاً للتهمة عنهم، وقطعاً لطريق المشككين.

وتابع الشمراني حديثه « أن هناك جهات واضحة رسمية ومأذوناً لها كالجمعيات الخيرية وجمعيات البر واللجان المخصصة, فكل هذه الجهات يجب على المتبرع أن يتوجه إليها للتبرع بأمواله, لكي تذهب إلى مستحقيها بدلا من أن يدفعها إلى غير أهلها من هؤلاء الناس الذين يمولون الإرهاب وبالتالي يكون ساهم في زعزعة أمن البلاد وساكنيه».

يذكر أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وجه أخيراً خطاب شكر وتقدير للشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإلى أعضاء الهيئة رداً على كتاب المفتي المرفق به قرار هيئة كبار العلماء المتضمن تجريم تمويل الإرهاب لما فيه من الإفساد وزعزعة الأمن والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة.

وكانت الهيئة قد قررت تحريم «تمويل الإرهاب» باعتبار الإرهاب جريمة تستهدف الإفساد بزعزعة الأمن، والجناية على الأنفس والأموال والممتلكات الخاصة والعامة، كنسف المساكن والمدارس والمستشفيات والمصانع والجسور ونسف الطائرات أو خطفها والموارد العامة للدولة كأنابيب النفط والغاز، ونحو ذلك من أعمال الإفساد والتخريب المحرمة شرعاً، وأن تمويل الإرهاب إعانة عليه وسبب في بقائه وانتشاره.

وقررت الهيئة بعد النظر حينها أن تمويل الإرهاب أو الشروع فيه محرم وجريمة معاقب عليها شرعاً، سواء بتوفير الأموال أو جمعها أو المشاركة في ذلك، بأي وسيلة كانت، وسواء كانت الأصول مالية أو غير مالية، وسواء كانت مصادر الأموال مشروعة أو غير مشروعة، مشيرة إلى أن من قام بهذه الجريمة عالماً فقد ارتكب أمراً محرماً، ووقع في الجرم المستحق للعقوبة الشرعية بحسب النظر القضائي.

وأكدت الهيئة أن تجريم تمويل الإرهاب لا يتناول دعم سبل الخير التي تعنى بالفقراء في معيشتهم، وعلاجهم، وتعليمهم لأن ذلك مما شرعه الله في أموال الأغنياء حقاً للفقراء.

الأكثر قراءة