بروفيسور للمعلمين: العنف اللفظي يهدد الطالب بالاكتئاب وتدمير الذات
أنت غبي .. فاشل .. ما تفهم .. متخلف دراسيا عن زملائك .. كلمات تتردد أحيانا في فصولنا وتنطلق من ألسنة بعض المعلمين الذين قد يرونها عابرة، بيد أنها تستقر في نفس الطالب الطفل دون أن تمحى من ذاكرته بل يظل يرويها قصة من القصص المؤثرة في حياته حينما يكون شيخا هرما.
في السياق ذاته، حذر البرفيسور أحمد مهدي مصطفى أستاذ علم النفس في جامعة الملك سعود، المعلمين من قذف طلابهم بعبارات لفظية جارحة، مبينا أن تكرار العنف اللفظي يؤثر في نمو الطفل بدنيا واجتماعيا وعلميا وعلى جميع جوانب النمو في شخصيته.
وأكد الأستاذ الدكتور مهدي في حديث خاص لـ ''الاقتصادية'' أن العنف اللفظي المتكرر يظهر علامات الاضطراب الانفعالي على الطالب الطفل وقد يصيبه بالتبول اللاإرادي وتدهور التحصيل الدراسي ثم القلق والاكتئاب والعدوان.
وشدد على أن تأثير الألفاظ الجارحة أكثر إيذاء وتدميرا من العنف البدني ''الضرب''، لافتا إلى أن الطالب قد ينسى آلام الضرب بعد دقائق لكنه من الصعب عليه نسيان الإهانة اللفظية التي تترك في نفسه آثارا سيئة ''لذا فالعنف اللفظي يعد من أشد أنواع العنف خطرا على الصحة النفسية للطفل''.
وأضاف أن آثار العنف اللفظي في الطالب بالغة جدا ومتعددة بخلاف ما سبق، إذ يسهم العنف اللفظي أيضا في تدني مستوى تقدير الذات وانعدام الثقة بالنفس واكتساب تدمير الذات والسلوك العدواني بضرب زملائه الآخرين.
وأبان أن العنف اللفظي لا يكون بالصراخ على الطالب وتهديده فحسب بل قد يكون بالسخرية منه أمام زملائه أو تمني عدم وجوده في الفصل أو إلقاء اللوم البالغ عليه أو إطلاق ألقاب وأسماء عليه أو استخدام لغة سوقية ضده.
وطالب البرفيسور أحمد مهدي التربويين باستخدام أسلوب التعزيز الإيجابي مع تلاميذهم، مشيرا إلى أنه يولد حالات انتقالية سارة وعادة ما يجعل الطالب يشعر بحالة عالية من الرضا والسعادة وزيادة ثقته بنفسه.
على الصعيد ذاته، قال الدكتور أشرف عبده أستاذ علم النفس المساعد رئيس وحدة التوجيه والإرشاد الطلابي في كلية المعلمين في الرياض،
إن هذه السلوكيات من العنف اللفظي من متخصصى التربية في المجال التعليمي والتربوي تترك آثارا سلبية في البناء النفسي للطالب، ويتمثل في شعور الطالب بالإحباط النفسي الشديد نظرا لاستشعاره أن المعادلة السلوكية غير متوازنة فهو لا يملك من مقومات التوازن في هذه السلوكيات سوى الصمت مخافة الحرمان من درجات الأنشطة وأعمال السنة أو استدعاء ولي الأمر، مضيفا أن كل هذا يجعل الطالب يستشعر الظلم ويجعله كابتا لهذا الصراع غير المتوازن ما يستشعر معه رفض المدرسة واستقبال المعلومة وهي بدايات للاكتئاب التعليمي والخطوة الأولى في تدهور المستوى التحصيلى للطالب.
وأضاف الدكتور أشرف أن العنف اللفظي يلقي بظلاله على شخصية الطالب عندما يكبر، وسيتوحد بهذا العدوان ويقوم بتفريغه على الآخرين باستخدام ''آلية سلوكية التوحد بالمعتدي'' وهذه الصورة نجدها في التنشئة الأسرية فالطفل الذي أبوه يصرخ دوما في المنزل نجده يقوم بتمثيل الدور فيما بعد أثناء اللعب، ولكن في حضور أبيه مصدر العنف الأساسي فإنه يصاب بالخوف الاجتماعي (Social Phobia).
وبين أنه في حالات طلابية أخرى تعاني من كبت الإحباطات الناتجة من السلوك اللفظي العدواني من المعلم أو التربوي إلى تفعيل هذا الإحباط للخارج بدلا من طيه إلى داخله (أي الطالب)، ففي هذه الأيام تسود موجة من تبادل سلوك العنف violence سواء اللفظي أو الفيزيقي (الجسدي).
وأسدى الدكتور أشرف نصيحة للتربويين قائلا: لا ترعبوا طلابكم بالصراخ والألفاظ الجارحة واصبروا عليهم، مشيرا إلى أن أفضل أساليب العقاب التربوي من وجهة النظر العلمية هي الحرمان العاطفي التربوي للطالب، مبينا أن العملية التربوية يجب أن تقام على الحب.
وأبان أنه إذا نجح المعلم في كسب حب تلاميذه من الحصة الأولى منذ بدء العام الدراسي وحافظ على هذا الحب فهو قد نجح، ويكفي إذا أخطأ الطالب أو أهمل في واجباته أن ينظر المعلم له نظرة تفيد أنه غير سعيد بذلك، وهو أشد أنواع العقاب التربوي القائم على الحب التربوي وهو أسلوب يستخدمه المولى عز وجل يوم القيامة للذين أهملوا واجباتهم في العبادة في الدنيا (ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم).
أما المؤمنون من أهل الجنة من أصحاب الدرجات العليا فيتمتعون بنعمة النظر إلى وجهه الكريم وينعمون بنوره، هذا الأسلوب التربوي في العقاب يجب أن يستخدمه كل معلم ماهر ومتمكن من شخصيته وقدراته التربوية والتعليمية ''استخدام لغة الجسد في توصيل العقاب بأسلوب عدم الرضا عن أداء الطالب السلوكي''.