مخصصات أو منافع البطالة
العاطل عن العمل هو الشخص الذي ينشط في البحث عن عمل ولا يجد عملاً. وينقسم العاطلون عن العمل بصورة رئيسة إلى نوعين، فهناك الداخلون الجدد في سوق العمل والذين لا يجدون عملاً وهم في العادة شباب ونساء، أما الفئة الأخرى وهي فئة العاملين الذين سبق لهم العمل ولكن فقدوا وظائفهم. وتؤثر البطالة بدرجةٍ أكثر سلبية على فاقدي وظائفهم، حيث إن هؤلاء أكبر سناً وأكثر خبرةً ولديهم في الغالب أسر تعتمد على دخولهم والكثير منهم أمضى فترات طويلة في العمل.
ويؤدي نقص المعلومات لدى العمالة ومشغليها عن فرص العمل والعمالة المناسبة إلى مرور وقت قد يطول أو يقصر لمواءمة وتشغيل العمالة في الوظائف المناسبة. وتطول فترة التوقف عن العمل أو البطالة كلما تضاءلت فرص الحصول على عمل. ويفقد العامل خلال فترة البطالة الدخل من العمل الذي يمكنه من تلبية احتياجاته واحتياجات أسرته إن وجدت، كما يفقد القدرة على تغطية تكاليف البحث عن عمل جديد مما يستدعي توفير دخل ولو يسير لمساعدة العمالة على خفض تكاليف البطالة.
وللتخفيف من التأثير السيئ الذي تحدثه البطالة في حياة الأفراد والمجتمعات تبنى عدد كبير من دول العالم أنظمة لمخصصات البطالة يتم بموجبها تحويل مبالغ نقدية إلى العاطلين لفترة محدودة من الزمن لتعويضهم عن جزء من دخولهم الوظيفية ولتمكينهم من البحث عن عمل خلال فترة معقولة من الزمن. وتختلف أحجام هذه التحويلات وشروطها ومصادر تمويلها حسب الدول. وتحدد مخصصات البطالة كجزء من أجور آخر أو أواخر أسابيع أو أرباع سنوية في العمل السابق ولكن بحدود عليا ودنيا. وقد توزع مخصصات البطالة في بعض الدول عبر الاتحادات العمالية.
وتحاول الدول تقديم مخصصات البطالة للعاطلين عن العمل للحد من آثار التراجع والهزات الاقتصادية. وتنتج بطالة كبيرة بسبب الأزمات الاقتصادية والتي تتسبب في إحداث تراجع في الناتج المحلي يرفع معدلات البطالة لأسباب خارجة عن إرادة العمالة وموظفِيها ويستدعي تدخل الدولة للتخفيف من آثارها. وقد نتج عن الأزمة المالية العالمية الأخيرة تراجع قوي في الناتج المحلي للدول المتقدمة مما دفع عديدا منها إلى وضع إجراءات استثنائية لمواجهة البطالة، لعل من أبرزها إطالة مدد مخصصات البطالة. وقد أضاف الرئيس الأمريكي أوباما مثلاً 52 أسبوعاً لمخصصات بطالة استثنائية إضافة إلى 26 أسبوعاً التي يعمل بها تحت الظروف الاعتيادية. ومن ضمن أهداف مخصصات البطالة المساعدة في مواجهة الفقر وتأمين السلام الاجتماعي بين فئات المجتمع المختلفة أثناء فترة المصاعب الاقتصادية.
ويرى عديد من الاقتصاديين أن مخصصات البطالة تعد أحد أدوات أو سياسات جلب الاستقرار الاقتصادي. حيث تقوم برامج مخصصات البطالة بادخار الموارد المالية أثناء فترات النمو الاقتصادي وذلك عند خصم مخصصات البطالة من إيرادات الدولة أو بفرض ضرائب على العاملين وموظفِيهم أثناء فترات الرواج الاقتصادي مما يحد من الطلب الكلي في الاقتصاد. وتنخفض مصروفات مخصصات البطالة خلال فترات الرواج الاقتصادي مما يوفر هذه الأموال لفترات التباطؤ الاقتصادي. وعند حلول التباطؤ الاقتصادي ترتفع مصاريف برامج مخصصات البطالة مما يدعم الطلب الكلي ويخفف من آثار الركود. وإضافة إلى ذلك توفر تحويلات مخصصات البطالة مصدراً لشراء السلع والخدمات الأساسية مما يسهم في بقاء الطلب على هذه السلع والخدمات ويدعم أنشطتها خلال فترات التباطؤ الاقتصادي.
وتساعد مخصصات البطالة في توزيع الدخول بين فئات المجتمع، حيث توفر في أوقات الشدة دخولاً تلبي الاحتياجات الأساسية للعاطلين عن العمل وأسرهم مما يسهم في محاربة الفقر ويجنب عددا كبيرا من الأسر الآثار السيئة لتوقف الدخول من العمل. ويرى الداعمون لفرض مخصصات البطالة أنها تسهم أيضاً في دعم مواقف العمالة الساعية لرفع دخولها، فعند فقدان العمالة لوظائفها يوفر الدخل المؤقت من مخصصات البطالة دعماً قوياً يمكِن العمالة من الصمود لفترة من الزمن ويمنحهم فرص الحصول على عمل أكثر ملاءمة لمؤهلاتهم مما يخفض تكاليف البطالة التي يعانون منها. وهناك شواهد عملية على أن كل ما يخفض تكاليف البطالة يسهم في رفع مستويات الأجور بعد فترة البطالة. ويمكن إدراك ذلك من خلال قدرة العمالة على تحمل البقاء خارج العمل مما يجبر أصحاب الأعمال على رفع عروض الأجور المقدمة، وبالتالي يسهم في رفع مستويات الأجور. وعندما لا يقبل العامل بأول عرض من عروض العمل أو الحد الأدنى للأجور فستكون هناك بطالة بحث عن العمل تستغرق بعض الوقت وهذا يستدعي توفير دخل لدعم سعي الأشخاص الجادين الباحثين عن عمل في الحصول على أجور أعلى.
وكما هو الحال في كل قضية يوجد معارضون لمنح العاطلين مخصصات مالية، حيث يرون أنها ترفع تكاليف التوظيف كما أنها قد تشجع العمالة على البقاء دون عمل. وللحد من سوء استغلال مخصصات البطالة تحيط معظم دول العالم هذه المخصصات بشروط تحد من استغلالها كجعل منافعها مؤقتة وجعل مقاديرها أقل بكثير من الدخول المتحصل عليها من العمل. ويرى المؤيدون لمخصصات البطالة أنها تساعد العمالة في الحصول على أجور أعلى، ووظائف أفضل، وترفع درجة مواءمة الوظائف مع مهارات العمالة. كما تساعد برامج مخصصات البطالة في توفير معلومات عن العاطلين بما في ذلك مؤهلاتهم وخبراتهم مما يساعد الأجهزة الرسمية في إيجاد الحلول المناسبة للبطالة كما يوفر معلومات للباحثين عن العمالة. وتوفر الجهات المنوط بها إدارة برامج مخصصات البطالة معلومات للعمالة عن الوظائف الموجودة في المناطق الجغرافية التي يقطنون فيها. وتدفع أيضاً برامج مخصصات البطالة العاطلين عن العمل إلى البحث عن عمل من خلال اشتراطها استمرار العاطل في البحث عن عمل وتعتبر رفضه لفرص العمل المناسبة التي تجدها له وتراها مناسبةً لمؤهلاته تقصيراً يوجب وقف المنافع. وعلى الرغم من بعض الآثار الجانبية غير المرغوبة فيها، إلا أن برامج مخصصات البطالة أثبتت جدواها في تحسين بيئة العمل ودعم العمالة في رفع أجورها والحصول على وظائف أفضل.