أوبريت "وحدة وطن" ..إنجاز يكلل القلوب بالفخر

أوبريت "وحدة وطن" ..إنجاز يكلل القلوب بالفخر
أوبريت "وحدة وطن" ..إنجاز يكلل القلوب بالفخر
أوبريت "وحدة وطن" ..إنجاز يكلل القلوب بالفخر
أوبريت "وحدة وطن" ..إنجاز يكلل القلوب بالفخر
أوبريت "وحدة وطن" ..إنجاز يكلل القلوب بالفخر
أوبريت "وحدة وطن" ..إنجاز يكلل القلوب بالفخر

كان أوبريت الجنادرية البارحة مشغولا بشكل راق, يستحق الفخر والتباهي, لأنه حاول بكل جهد أن يترك بصمة في ذهن كل من يشاهده أو يسمعه, البارحة شاهد الجميع أوبريتا كتب بإحساس شاعر يعي مسؤوليته تجاه أمته, وطرز بلحن يفهم هذه المسؤولية ويعي حجم التشريف وعظم المهمة عبر الأصوات الأكثر قربا لقلوب الناس, لوحات أوبريت وحدة وطن كانت مرسومة بعناية ودقة بحيث راعت عاملي الزمان والمكان والمفاهيم العلمية الدقيقة لشمولية الأوبريت, عشر لوحات متكاملة من العرض, كل لوحة تقدم رسالة

#2#
إنسانية صادقة, والرسالة الصادقة عندما تنبع من القلب تصل إلى القلب دون تكلف, لذلك وصل أوبريت وحدة وطن إلى قلب كل من شاهده, لم يكتبه ساري بطريقة متكلفة ولم يزايد على غير الصدق منهجا في كتابة نص شعري سيظل صداه طويلا, اللوحة الأولى استهلت بكلمتين شاملتين لكل ما يمكن كتابته عن الإخلاص "أنت الوطن", تبدأ من خادم الحرمين الشريفين ملك قلوبنا عبد الله بن عبد العزيز وتنتهي بآخر طفل سعودي سجل اسمه ضمن شرف الانتماء إلى المملكة العربية السعودية, "أنت الوطن" مطلع يختصر كل ما يمكن أن يقال حول الإخلاص والولاء, فليس هناك أخلص ولا أكثر وفاء من أن تكون أنت الوطن ويكون الوطن هو أنت, قبل أن تنطلق حناجر الفنانين سبقهم تمهيد موسيقي مكتوب بنوتة موسيقي محترف مناصفة بين ماجد المهندس وناصر الصالح, تمهيد موسيقي يشبه الحديقة الغناء التي تجعل أنفاسك تنسل بعمق من الأعماق, اللحن اعتنى بأدق التفاصيل الصغيرة التي قد تغيب عن مؤلفي نوتة الأوبريت, وضح حرص جميع فناني الأوبريت على إظهار قوة طاقاتهم الصوتية وما يملكونه من طبقات صوتية, ملحنو الأوبريت كانوا منصفين جدا بتوزيع المقاطع الغنائية على حناجر الفنانين, وقد تجاوز ماجد المهندس صعوبة كونه أحد ملحني الأوبريت بعدم الاستئثار بغناء أقوى المقاطع بل حاول بكل روح فنية راقية توزيع جميع المقاطع بشكل لا يغلب فنانا على آخر, ظهر جميع الفنانين في أقوى حالاتهم الفنية المعروفة عنهم, تجلت القدرة الرهيبة لدى فنان العرب محمد عبده في المزج بين الطرب
#3#

والأداء بإحساس ليذكر متابعيه أنه لا يزال الرقم الأصعب والأثمن في تاريخ الغناء الوطني, حيث كان أداؤه في الأوبريت أداء فخما وأنيقا وسط منافسة كبيرة من أقوى الأصوات الطربية كصوت عبد المجيد عبد الله الذي هو الآخر لم يقل أناقة ولا تطريبا عن صوت فنان العرب, تقاسم ماجد المهندس وراشد الماجد وعباس إبراهيم وخالد الجيلاني ويارا وفدوى المالكي نجومية الأداء بإحساس ورقي حيث لم تسجل أي ملاحظة تخص مخارج الحروف التي دائما ما تهمل في مثل هذه الأعمال الفنية الضخمة المصحوبة بحضور جماهيري كبير, شمولية كلمات الأوبريت وتعدد لوحاته الفنية أعطيا الفنانين فرصة الأداء بارتياح كبير, بينت اللوحة الأولى مفهوم الوطن, رسالة الوطن التي تعادل النفس, مع التأكيد على مفهوم الدولة المتحضرة التي قامت على سواعد حضرها وبدوها منذ عهد المؤسس وباني النهضة الأول الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ـ طيب الله ثراه, لوحة الوطن كانت لوحة تختزل سيرة طويلة من الكفاح والصبر لبناء وطن يدعو للتفاخر به والمباهاة, بعد لوحة أنت الوطن دخلت لوحة مفهوم المواطن, ركزت بشكل جلي على وحدة المصير التي لا تتحقق دون ولاء وحب وأطلقت ومضة الحقيقة التي لا جدال عليها " إما كذا وإلا فلا تحيا الشعوب".

#4#
ثم دخلت اللوحة الثالثة التي حملت وصية الأجداد, وهي فعلا وصية كل جد عاصر نهضة وبناء هذا الوطن من البداية, وصية تكاد تسمعها في كل بيت سعودي من لسان الأجداد, وهي لوحة صادقة تمثل مشهدا يوميا يتكرر في جميع أحاديث الأجداد ووصاياهم الصادقة" قال جدي يا ولد أنتم في نعمة.. ادعو رب الكون ليّاها تزول" , تدخل اللوحة الرابعة مدخلا مؤثرا وحاسما لبيان مفهوم الجهاد, حيث الغدر الذي عاناه جميع من ينتمي إلى هذا الوطن المسلم وليس هناك أبلغ من أن يقال: "من لبس ثوب الديانة..غدر وإرهاب وخيانة .. خاينٍ خان الأمانة .. ما يدنس سورنا". لوحة أطفال أكبادنا كانت لوحة جديدة لم يسبق لأوبريت أن تطرق لها, وهي الفكرة الأكثر إنسانية ورقيا في إدخال الطفل السعودي كجزء من المشهد الوطني والحرص على حضوره وعدم تغييبه كثروة غالية من ثروات الوطن, لوحة "أطفالنا أكبادنا" أبدع الطفل خالد الجيلاني في أدائها مبشرا بموهبة فذة وصوت سيكون له شأن كبير, خصوصا بعد أن اختصر الطريق نحو النجومية بالمشاركة جنبا إلى جنب مع أقوى الفنانين السعوديين,
#5#

ثم أتت أقوى اللوحات وأصدقها كتعبير يختصر حديث القلوب السعودية نحو مليكهم المحبوب "هذا ملكنا من يباهينا بملك.. وهذي قلوب الشعب صارت منزلك", ثم تبدأ لوحات الأوبريت تتسلل نحو القلوب, والدهشة, الرسائل الشعرية في هذا الأوبريت نسجت من الشعر السهل الممتنع, ساعدت ملحنيه على صياغة جمله الموسيقية صياغة راقية تجعلك لا تشعر بالوقت وأنت تستمع إليه وتشاهد لوحاته, ساعد على ظهور الأوبريت بهذا الجمال وهذه السلاسة تصميم المسرح وأعمال الديكور المبتكرة في أكثر لوحاته, وشاشة العرض في آخر المسرح كانت تعطي بعدا فنيا يختصر الكثير من الجهد والوقت, وضح أيضا إصرار جميع أفراد الفرق الشعبية على الظهور بشكل لائق, فلم يلاحظ المشاهد أي خطأ استعراضي قد يشوه منظر وجمال الأوبريت, وهذا نجاح آخر لا سيما مع هذا العدد الهائل من المشاركين على خشبة مسرح واحدة, لأول مرة في تاريخ أوبريت الجنادرية يشارك الراقصون في أداء لوحة فنية دون غناء مع مصاحبة الموسيقى فقط, كانت لوحة مبتكرة وفريدة يؤدي فيها العارضون حركات راقصة مستوحاة من الحركات العسكرية. مجسم الصقر الذي ظهر على المسرح وهو يفرد جناحيه كان أحد نجوم العرض ورمزا مهما أعطى المسرح هيبة غير مسبوقة في ظل حضور النخيل عن يمينه ويساره.

#6#

قراءة مسرح أوبريت وحدة وطن تحتاج إلى كثير من الوقفات والتأملات لاعتنائها بالتفاصيل الصغيرة وعدم ترك أي مساحة خالية من المسرح دون شغلها بلفتة فنية مدروسة, كذلك يجب ألا ننسى الظهور الدرامي للدكتور الفنان راشد الشمراني كإضافة كبيرة للعرض, تكامل عناصر العمل في أوبريت وحدة وطن أعطى العمل تشويقا بدا على محيا جميع الحاضرين جميعهم بلا استثناء, نجح أوبريت وحدة وطن وسجل نفسه ضمن سجل تاريخ أوبريت الجنادرية, سجل نجاحا يصعب المهمة على من يأتي بعده, انتهت ليلة ما قبل البارحة وبقي صقرها فاردا جناحيه في قلوبنا, شكرا من الوطن لكل من ساهم في هذا العمل الأسطوري.

الأكثر قراءة