15 شهرا تهز العالم وصراع علني بين الدول المتقدمة والنامية تكشفه قمة كوبنهاجن
15 شهرا تهز العالم وصراع علني بين الدول المتقدمة والنامية تكشفه قمة كوبنهاجن
أكد أيان بريمر الخبير الأمريكي ورئيس مجموعة يورو آسيا التي اتخذ من واشنطن ونيوريورك مقار لنشاطات في مجال الأبحاث الاقتصادية والسياسية أن العالم شهد في العام الماضي لحظات تغيير تاريخية لم يشهدها العالم من قبل، حيث عانى العالم خلال عام 2008 أزمة مالية خانقة لم يشهدها العالم من قبل.
وقال في محاضرة نظمها نادي «الاقتصادية» الصحفي مساء الثلاثاء الماضي، إنه خلال الـ 15 شهرا الماضية شهد العالم تغيرا جذريا لم يشهد في زمن من الأزمان أو في سنة من السنين وحتى الفترة التي شهدت انهيار الاتحاد السوفيتي أو التغيرات التي شهدتها اليابان أو أي دولة أخرى من دول العالم.
وقد ركز معظم الدول في هذه الفترة الكبيرة منها الولايات المتحدة، الصين، الهند، بريطانيا، على إعادة الاقتصاد الوطني في وضعه الطبيعي ووتقوية عناصره من أجل الثبات تجاه هذه الأزمة.
كما شهد العالم خلال فترة الـ 15 شهرا الماضية صراعا قويا بين الدول المتقدمة والنامية لم يحدث من قبل، وهذا لما لاحظه في وجهات النظر المختلفة التي شهدت قمة كوبنهاجن من أجل المناخ، وعكست فشل العالم في إيجاد تسوية هذه المشكلة ووضع معالجات ترضي الدول المتضررة من الانبعاث الحراري. فيما يلي ملخص المخاطر الرئيسية التي تحدث عنها الخبير أيان بريمر في هذه المحاضرة.
منها الأخطار العشرة، التي تمثلت في علاقة أمريكا بالصين، الوضع في إيران، الانحراف المالي الأوروبي والتغير السياسي في اليابان، أزمة المناخ، البطالة في أوروبا الشرقية، الإرهاب في باكستان، والمخاطر التي تحيط بتركيا.
#2#
#3#
أمريكا والصين
وأوضح في معرض حديثه عن العلاقات الصينية الأمريكية حيث يتوقع أن يتسبب ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة ونمو الصين القوي في زيادة التوترات على صعيد أهم علاقة ثنائية في عام 2010 . فبالنسبة لبكين، تعتبر الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة أقل جاذبية بكثير مما كانت منذ عامين فقط.
وفي هذه الأثناء، سوف تشعر الولايات المتحدة بخيبة الأمل عندما تفشل الصين في البرهنة على مزيد من الزعامة العالمية (والزعامة المسؤولة) بشأن القضايا الرئيسية مثل التغير المناخي، وعدم انتشار الأسلحة النووية، والتجارة الدولية، وأمن الإنترنت، والصراعات المسلحة حول العالم.
وذكر بريمر أنه مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية الأمريكية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، سنشهد مزيداً من تسييس سياسة تحويل العملة والتوترات المتعلقة بالسياسات الاستثمارية في الولايات المتحدة والصين على حد سواء، وسترد الصين بعنف عندما يدفع الرئيس أوباما بمشروع قانون السقف والإتجار الخاص بالانبعاثات الكربونية في مجلس الشيوخ وسنرى تنامياً للتوترات التجارية، خاصة فيما يتعلق بالصلب وقضايا تتعلق بأمن الإنترنت.
أما فيما يخص إيران أنه بعد تزايد الضغوط المحلية بعد الانتخابات، فقدت طهران قدراً كبيراً من النفوذ على الصعيد الإقليمي، أما على الصعيد الدولي، فتواجه جولة جديدة من العقوبات الأممية.
وفيما يتعلق بالانحراف المالي الأوروبي كشف بريمر أنه سنشهد عدم وضوح في التمييز بين الأسواق الناضجة والناشئة في منطقة اليورو هذا العام. ويشهد التنسيق على صعيد السياسات المالية تآكلاً منذ بعض الوقت، كما أن العمليات السياسية الخاصة بالدول الأعضاء متفاوتة جداً. وتواجه اليونان، إيرلندا، وإسبانيا، البرتغال، وإيطاليا بشكل خاص تحديات مالية معقدة، وسيكون لما يتلو ذلك من تغيير في السياسات تداعيات واسعة المدى.
وشدد على أن تنظيم القطاع المالي الأمريكي لن يؤتى قدرا كبيرا من خطر السياسات المحلية من الولايات المتحدة في هذا العام، غير أن تنظيم القطاع المالي يعتبر استثناء رئيسياً من ذلك. وستكون حزمة الإصلاحات أوسع مدى من أي شيء شهدناه منذ الكساد العظيم، ومن المرجح جداًَ أن تتم إجازة هذه الحزمة. وسوف تعمل الانتخابات النصفية المقبلة على تشجيع النهج الشعبوي، ورغم إدراك الكونغرس لمخاطر الإسراف في تنظيم القطاع المالي وفرض الضرائب عليه، إلا أن المصالح السياسية المحلية سوف تتعارض مع الحاجة إلى إصلاحات فعالة.
#4#
#5#
التغيير السياسي في اليابان والتحول الديمقراطي
واشار إلى أن التغيير السياسي الكاسح عمل على تحويل اليابان من دولة يحكمها حزب واحد إلى دولة من دون أحزاب. وقد يكون البلد مهيأ لاستمرار تعاقب الحكومات الضعيفة عليه بعد عهد كويزومي، ولكن هذه المرة من دون ميزة وجود بيروقراطية موحدة قوية لتقود السياسات واستمرار الوضع الاقتصادي المقلق جداً. ويشكل النهج المناهض للشركات الكبرى تهديداً للثقة على الصعيد المالي، الأمر الذي يعمق المتاعب الاقتصادية.
التغير المناخي
وذكر أن النتائج التي تمخضت عنها قمة المناخ العالمية في كوبنهاجن تقلل تماماً من احتمالات موافقة الكونجرس الأمريكي على تشريع السقف والتجارة خلال عام 2010. ويبدو كذلك أن من المحتمل أن تلجأ دول أخرى إلى خيارات مناخية أقرب إلى «الملاءمة الوطنية»، وذلك على سبيل الإجراءات التي تؤدي إلى التخفيف من الانبعاثات الغازية. وهذا أمر من شأنه إيجاد المزيد من التحديات التي تقف في طريق التنسيق الدولي. ويضاف إلى ذلك أن عدم وجود إطار عمل دولي بهذا الخصوص سوف يعمل على تعقيد جهود الالتزام بالقرارات المناخية من جانب الشركات الكبرى متعددة الجنسيات التي تتسبب بالكثير من الانبعاثات الغازية في عدد كبير من البلدان.
#6#
النمو الاقتصادي في البرازيل
وثمن وضع البرازيل في الوقت الراهن الذي يمكنها من اكتساب ارتداد اقتصادي إيجابي قوي على صعيد النمو خلال عام 2010. غير أن الوفرة الاقتصادية البرازيلية الجديدة سوف تؤدي إلى تراجع في صنع السياسة الاقتصادية على صعيد سياسة الاقتصاد الكلي، وبصورة أوسع نطاقاً، من خلال زيادة الاعتماد على الشركات التي تمتلكها الدولة. وبالتالي، فإن عام 2010 سوف يتسم بمخاوف المستثمرين المتزايدة فيما يتعلق بسياسة الاقتصاد الكلي، والسياسة القطاعية، كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول (أكتوبر).
باكستان وملاحقة الإرهابيين
واوضح بريمر أن قرار باكستان بملاحقة الإرهابيين محلياً يزود المتطرفين الإسلاميين بحوافز قوية لتوسيع هجماتهم المنسفة على مراكز المدن الباكستانية، ومحاولة إعادة إشعال الصراع الهندي – الباكستاني. وتظل قدرة الهند على مكافحة الإرهاب مكشوفة، بحيث أن من شأن أي هجمات جديدة توجيه الضغوط على الهند لاتخاذ موقف أكثر تشدداً تجاه باكستان. وستمكن زيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانستان، الولايات المتحدة من تأخير اتخاذ القرارات الاستراتيجية الصعبة هناك حتى عام 2011. ولكن هنالك عوامل خطيرة تدفع الحكومتين الهندية، والباكستانية، نحو المواجهة مجدداً.
أوروبا الشرقية والانتخابات والبطالة
وأكد أن ارتفاع معدل البطالة يعتبر قضية ملحة وحرجة في كثير من الاقتصاديات، ولكن جانب المخاطر السياسية لذلك يعتبر الجانب الأشد بعثاً على القلق في أوروبا الشرقية، إذ إن عدداً من الانتخابات المنتظرة سوف يزيد من احتمالات عدم الاستقرار. وسوف تكون حكومات أوكرانيا، وهنجاريا، ولاتفيا، على الوجه الخصوص، حساسة بصورة متزايدة إزاء الدوائر الانتخابية اقتصادياً، واجتماعياً، كما أنها سوف تغريها الخيارات الحمائية، والوطنية المتشددة، والشعبوية. وسوف يحاول المرشحون إيجاد طرق لتنفيس إحباط وغضب العاطلين عن العمل، الأمر الذي ينعكس سلبياً على الأسواق، وعلى الاستقرار المالي.
المخاطر تحيط بتركيا
وبين أيان أن المخاطر تحيط بتركيا من كل جهة تقريباً، حيث يتورط حزب العدالة والتنمية غير الشعبي بعدد من الصراعات مع الجهاز القضائي، والصناعيين، والجيش. وقد فشلت محاولات الحزب للتقرب من أكراد البلاد، كما أن المنطقة الكردية العراقية ليست مستقرة. وأما على الصعيد الدولي، فإن تركيا سوف تزداد ابتعاداً عن أوروبا، وسوف تسعى إلى مزيد من التقارب مع سورية، وإيران. ما يسمى بـ «الهلال الخصيب» وإذا كانت عملية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي لن تشهد تقويضاً قاتلاً في عام 2010، فإنها كذلك لن تشهد الكثير من التقدم.
إضافة إلى كل هذه المخاطر الرئيسية، يحدد الدكتور بريمر قضايا أخرى تعتقد مجموعة يورو آسيا أنها لن تكون أسباباً لعدم الاستقرار الجيوبوليتيكي. ويتضمن ذلك المراكز المالية الأمريكية، والبريطانية التي تمت مبالغة كبيرة حول موتها. وهنالك كذلك قضية العراق، حيث يكون الاستثمار، والنفط الجديد، أمراً أهم من المخاطر الأمنية. وهنالك كذلك أمور تتعلق بالخليج، ولكن الأوضاع تميل إلى الهدوء نوعاً ما، رغم مشاكل دبي. وأخيراً هنالك قضايا متعلقة بالدولار، حيث ما زالت الجهات الأبطأ بالفعل، والأكثر ثباتاً، تفوز بالسباق.