أكسفام.. إمبراطورية العمل الخيري !
عندما نتحدث عن تجربة العمل الخيري الغربي وبالتحديد في أمريكا وبريطانيا، فإنه ينبغي ألا نغفل الحديث عن أكبر جمعية خيرية في العالم على الإطلاق . الحديث عن هذه الجمعية حديث شائق وذو شجون، ليس لأنها أكبر منظمة خيرية في العالم بل لأنها مثال مشاهد على نجاح المشاريع الخيرية الصغيرة التي تدرجت في النمو حتى أصبحت الاسم الأول في عالم المنظمات الخيرية العالمية.
منظمة أكسفام التي نشأت عام 1942م في مدينة أكسفورد في إنجلترا هي حتى هذه اللحظة أكبر منظمة خيرية عالمية تضم تحت مظلتها 13 منظمة خيرية في أغنى دول العالم وتعمل مع قرابة ثلاثة آلاف جمعية محلية في أكثر من 100 دولة حول العالم. وقد بلغت ميزانية أعمالها الخيرية لعام 2007م أكثر من 700 مليون دولار. ومنظمة أكسفام هي التي ابتكرت محال بيع المواد المستعملة كالكتب والملابس كمصدر لتنمية الموارد المالية حتى أصبحت أكبر مالك لمثل هذا النوع من المحال في العالم، حيث تملك قرابة 15 ألف محل للمواد المستعملة موزعة حول العالم ويعمل فيها عشرات الآلاف من المتطوعين.
تأسست «أكسفام» في بداياتها بواسطة مجموعة من الأكاديميين و النشطاء الاجتماعيين بهدف إغاثة المنكوبين. ومن اسم مدينة أكسفورد Oxfam أخذت أكسفام النصف الأول من اسمها، بينما جاء نصف اسمها الثاني من طبيعة عملها الخيري وهو إغاثة المحتاجين Famine Relief .
تجربة «أكسفام» تحتوي على عدة نقاط جديرة بالإشادة. من أهمها هو استمرارها في العمل والعطاء منذ إنشائها قبل 68 سنة وهو نجاح في عالم المنظمات الخيرية إذا ما راعينا العقبات المتنوعة التي تواجه هذا النوع من المنظمات في مسيرة عملها، بالإضافة إلى أن «أكسفام» لم تكتف بالبقاء على قيد الحياة طوال هذه السنين إلا أنها نمت بشكل تدريجي حتى أصبحت بهذا الحجم وأصبحت تضم في عضويتها منظمات خيرية عملاقة تكفي إحداها أن تكون منظمة خيرية مستقلة. هذا التدرج في النمو صاحبه نمو طبيعي في القدرات والإمكانات التي مكنها أن تتواجد بشكل سريع في مناطق المنكوبين حول العالم.
تلك السنين الطويلة في عمرها ونمو حجمها وقدراتها لم يغير من مجال عملها الخيري وهو العمل الإغاثيّ . فقد نشأت «أكسفام» جمعية إغاثية محلية واستمرت منظمة إغاثية لكنها أصبحت عالمية، وهي وإن تعددت أنشطتها وتنوعت برامجها إلا أنها في نهاية المطاف تصب في مجال إغاثة المنكوبين. هذا التخصص في مسيرتها الخيرية مكّنها بعد - توفيق الله - من تركيز الجهود وبناء الخبرات واستثمار الطاقات حتى أصبحت الاسم الأول في مجال عملها. وأخيراً فإن مشاركة الأكاديميين في مدينة العلم أكسفورد في تأسيس أكسفام إشارة جميلة لدور أساتذة الجامعات في العمل الخيري.
هذه الإشادة بتجربة «أكسفام» ليست انبهاراً بما عند الغرب ولكنها محاولة صغيرة للفت الانتباه نحو التجارب الناجحة العالمية في القطاع الخيري، لعلنا نحن أهل القرآن والإحسان أن نجد ضالتنا فيها لنستفيد من مسيرتها وتجربتها في تطوير ممارستنا للعمل الخيري ولاسيما أن العالم العربي والإسلامي يخلو من منظمة إغاثية بحجم «أكسفام» وقدراتها.