الدَّافورَة
* أهلا بكم في مقتطفات الجمعة رقم 333.
***
* حافزُ الجمعة: أصواتنا أمضى أسلحتنا قوة، علينا ألا ندّخرَها، بل أن نطلقها تلقائياً متى اقتنعنا بكل كلمةٍ سيحملها ذاك الصوتُ. وهناك أصواتٌ متباينة لمواقف متباينة: الصوتُ الصافي القويُ الذي يعلن الحقَّ والحقيقة والعدل، والصوتُ الجهْوري المدوِّي الذي يقاوم الطغيانَ والشرَّ والفسادَ والظلم، والصوتُ البرّاقُ المنيرُ الذي يعزّز الإيمانَ والثقة بالنفس وفي الآخرين، والصوتُ الدافئ الذي يعطي الحمايةَ والاطمئنانَ والمشاركة الوجدانية، والصوتُ الصادقُ والعميقُ الذي يعطي الناسَ حقـَّهَم في الثناءِ والتشجيع .. أصواتٌ لا تحمل هذه المعاني هي صراخٌ وزعيق، وصوتٌ يُمْنـَع من البوح بهذه المعاني هو اغتيالٌ علني لأهم ممارساتنا العليا التي ترفعنا عن باقي مملكةِ المخلوقات.
***
* قضية الأسبوع: الابتعاث: وافق الملكُ عبد الله بن عبد العزيز على تمديد الابتعاث لمدة خمس سنوات أخرى، وهذه مرحلة ستُذكر في تاريخ الأمة الحضاري للملك. على أن مرحلة الابتعاث لن يكون تأثيرُها لخمس سنوات أو عشر، وإنما لنهاية لا نراها في أفق الزمن. إن الابتعاثَ غيّر وسيغير في البلاد تغييرا دائما. جموعٌ ستأتي بعشرات الآلاف بعلم جديد، وبيئة فكرية مستجدَّة، وتجارب مفتوحة على مفاهيم وآداب وأفكار وعوالم أخرى، وهنا سيكون الأثرُ الحقيقي، والتحولُ الزمني والظرفي والموضوعي. وزراة التعليم العالي هي المشرفة على خطة الابتعاث، ولكن من يشرف على الباقي؟ هنا في رأيي لبّ المسألة، إن القادمين هم كنوزٌ يجب أن تُستغـَل، أو ستصبح شيئا آخر لا نريد أن نصفه هنا وأتركه لخيالكم، إن لم نحسن بناء الخطط الكاملة لاستيعابها ودمجها واحتضانها وإعداد الأدوات التي ستصنع حزاما تجميعيا لهذه الأفكار والخبرات القادمة لإخراج منتجاتٍ نهائية لمصلحة الأمة.. أولُ هذه الأمور، وأكبرها، وأهمها، ما الخطة التي أعددناها لتوظيفهم؟ سؤالٌ، له قصة مستقلة.
***
* وصلتني تساؤلاتٌ ومساءلاتٌ عما حسبه البعضُ معارضة أو تلكؤاً في الموافقة على منح زيادة على المعاشات التقاعدية بواقع نسبة 5 في المائة، كما دار لغطٌ ونقاشٌ وتتابعتْ مقالاتٌ عن موقف مجلس الشورى حول المسألة. بعضها نقلها صحيحة وفسّرها خطأ، وبعضهم نقلها خاطئة فأتى الاستنتاجُ بالتتابع خاطئا. وأنا هنا أتكلم بصفتي الفردية، وكشاهدٍ حضرَ النقاش، حيث إن لبّ الموافقة من الجانب الساحق من الأعضاء هو الموافقة بلا مواربة على منح الزيادة، بل إن زميلا هو الدكتور «زامل بن زنادة» طالب بزيادةٍ أكثر من 5 في المائة.. ولكنه إجراءٌ منصوص عليه في المجلس، أنه في حالة موافقة المجلس على رأي يعارض الرأيَ الذي خرجت به اللجنة المختصة، فإن الأمرَ يُحال إلى لجنةٍ جديدةٍ غير اللجنة الأصلية لإعادة استعراض الموضوع. قد يسأل سائلٌ: «طيب، ما دام هناك موافقة كبيرة؛ ألا تكون اللجنة هي من تحصيل الحاصل وإطالة الإجراء؟»، أقول: «ربما. ولكن هذا هو الذي يحصل». وفي توقـّعي من المشاهد الواقعية، ومن معرفتي بآراءِ كثير من الأعضاء، فإن المشروعَ سيمر، إن شاء الله، كما تم الاتفاقُ عليه: بإقرارِ الزيادة.
***
* شخصية الأسبوع: قرأتُ لصاحبي في المستشفى ما قالته «الدافورة» في إثنينية خوجة بجدة، عن توقعها بإيجادِ حلٍّ نهائيٍّ لمرض الرحمة (السرطان) في عام 2015م.. فبكى. وهو مصابٌ بمرض الرحمة، وفي طريقه للتعافي بإذن الله. و»الدافورة» واحدة من أكبر دوافير الأمة، وفي مقدّمة دوافير الدنيا. وجاء الوقتُ كي نحتفل بالاصطلاح الدافوري إن كان صفةً للعباقرة المتميزين، اصطلاحٌ لا يعني الذكاءَ فقط، ولا الاجتهادَ، ولا الانضباط، ولا التحدّي، ولا التصميم.. بل كلّها معا، زائدا قطرة من السماء: الإيمان. «الدافورة» ضمن الفريق الأعلى على الكوكب الذي يواجه أشدّ أعداء البشريةِ على الإطلاق، وإن أُعلِنـَتْ هزيمتُهُ بعد سنواتٍ، فإننا سنمسيهِ إذن «انتصارُ الدوافيرِ الأمجد».. وسيكون كاملُ القرن الحادي والعشرين هو «القرن الدافوري».. سنبدأ عصراً وتأريخا جديدا للبشريةِ بعد العصور التسلسلية، هو «العصر الدافوري». الدوافيرُ عناصرُ بشريةٌ نادرةٌ كندرةِ أثمن الأحجار في الأرض، يتوافرون بقلة في العالم، ويندرون أكثر عندنا، ليس لأنهم غير موجودين، بل لأننا لا نبحثُ عنهم، حتى يبزغ أحدٌ، أو واحدة، منهم من تلقاء ذاته. ودافورتُنا التي كرّمها عاهلُ البلاد صارت اسماً يدور في سماءِ الأمّة، كان يجب أن نعرفها من قبل، ليس من أجلها بل من أجلنا نحن .. فكم من دافورٍ ودافورةٍ يتوقدون وراء الحُجُب؟.. دافورتُنا اليوم رفعتْ غطاءً عن الهواء لتتوهج الشعلة.. وهي التي أطلقتْ على نفسِها صفة الدافورة: «الدكتورة خولة الكريع».
***
* كتابُ الأسبوع: أترك المنصة هنا لقارئي الناجح عالم الفيزياء الدكتور «خالد اليحيا» ليقدم كتابَ اليوم:».. كتابٌ يسجل ثلثَ قرن من التأريخ الثقافي السعودي، كتاب «السعودية سيرة دولة ومجتمع/ قراءة في تجربة ثلث قرن من التحولات الفكرية والسياسية والتنموية»، للدكتور «عبد العزيز الخضر»، كتابٌ حافلٌ بالتوثيق ومزدحم بالمعلومات ومُهَيكل بطريقةٍ ممتازة..
رغم أن ميزة الكتاب الاولى هي التوثيق والتأريخ إلاّ أن فيهِ تحليلات وملاحظات مثيرة، وجهدا كبيرا للغاية. أعتقد أنه كتابٌ سيُحدِث الكثيرَ من الاثارةِ والجدل لمدةٍ طويلة».
***
* لغز الجمعة: «يُطلق عليهم متربِّحو الصدمات. يدورون أرجاءَ الأرض بلا ولاءٍ إلا لصنع الصدمات، ربحوا البلايين من الدولارات في كوارث مثل «التسونامي» ، وفي نهبِ روسيا، واستغلال العراق .. الذين يصنعون مصائدَ الموت للملايين.. فمن هم؟».
في أمان الله..