في الضفة الغربية.. فندق بلا اسم ولا نزلاء

في الضفة الغربية.. فندق بلا اسم ولا نزلاء

أسرة الفندق جديدة, وفي البهو رتب النادلون طاولات القهوة بشكل جميل. وفي المطبخ جهز الطهاة الكفتة في صلصة الطماطم.
وفي مكتب الإستقبال يقف فخري علام متأهبا للترحيب بالضيوف رغم أن الشاب الذي يرتدي قميصا ناصع البياض يعرف أن أحدا لن يأتي. لا اليوم ولا غدا وكما هو الحال في الـ 42 عاما الماضية .
ولا بد أن هذه حالة من أكثر الحالات الفريدة في أي مكان في الشرق الأوسط, فندق بلا اسم ولا نزلاء. وهو يضم 60 غرفة وتتراوح خدماته من المطبخ إلى عمال نظافة الغرف وفوق ذلك تاريخ لا يصدق.
ويبدأ تسلسل الأحداث بإشادة كبيرة عند إفتتاح الفندق يوم 10 مايو عام 1967 . وكان العاهل الأردني الراحل الملك حسين متواجدا هناك وقام 18 طباخا بتقديم الطعام لـ300 ضيف.وضمت المناضد 300 كيلوجرما من اللحوم و200 كيلوجرما ىمن الأرز.
ويتذكر مصري تميمي "كان الفندق يعني إستثمارا في المستقبل".وكان من المقرر أن تذهب الأرباح للمساعدة في تمويل دراسة الشباب الفلسطيني والأردني في مدرسة خاصة للتدريب المهني ملحقة بالفندق. ولا يزال المعهد التعليمي قائما حتى اليوم وتميمي هو مديره.
إلا أن حلم وجود فندق ناجح قد تبخر بالفعل بعد شهر من حفل المأدبة الملكيةو وقال تميمي "لقد بدأت حرب الأيام الستة" في إشارة إلى حرب يونيو عام 1967 , وأضاف "كان هناك 22 مدرسا من ألمانيا غادروا المدرسة".
وأثناء دورياتهم ، كان الضباط الإسرائيليون يأتون يقرعون الباب. ويوضح مدير المدرسة "تقع المدرسة أعلى تل ومن وجهة نظر عسكرية يعد المكان موقعا إستراتيجيا لأنه من هناك تستطيع أن تراقب المنطقة كلها حتى مدينة القدس". وأضاف "لقد طلبنا من الحكومة الألمانية حماية المدرسة".
وقد ساعد ذلك في تسيير الأمور والإتصالات بألمانيا منذ ذلك الحين لم تتوقف. وتدعم وكالة مساعدات التنمية الألمانية حاليا المشروع وتوفر أثنين يقومان بالتدريب وخبير إستشاري.
ولكن ماذا عن الفندق؟ بالنظر إلى بعيد تجد هناك مطارا ولكن بعد الإحتلال الإسرائيلي لم يعد كافة رجال الأعمال والسياح العرب الذين كان مؤسسو الفندق يعتمدون عليهم يأتون. ونتيجة لذلك يعبث التميمي بفكرة تكررت دوما وهي تحويل الفندق إلى نزل للنزلاء الأقل ثراء.
ويعترف "ولكن كان ذلك مجرد حلم جميل". وذلك لشئ واحد وهو إنه لا يستطيع أبدا سداد الضريبة المقدرة من مكتب الضرائب وهي نحو 50 ألف دولار شهرياو ولشئ آخر وهو الجدار الفاصل الذي أقامته إسرائيل وأقتطع الفندق الواقع في الضفة الغربية من منطقته الفلسطينية الداخلية, والآن فإن مبنى المدرسة الواقع وسط منطقة صناعية إسرائيلية كبيرة على قمة تل هي اليوم الحصن الفلسطيني الأخير.
وما بقي من المشروع الأصلي للفندق ليس مجرد موقع يطل على منظر واسع من شرفة علوية على سطح الفندق. ولقد قام أصحاب الفندق المكون من أربعة طوابق ولا يحمل أسما بتحويله إلى فندق للتدريب المهني. وفي تلك اللحظة هناك 54 من الشباب الفلسطيني كلهم رجال بتعلم مهنة الفندقة من البداية.
ويقول كبير المدربين أنور الشمسنوع "السياح سوف يعودون فقط إذا كانت النوعية جيدة", وهكذا يجهز الطباخون وجباتهم ويختبرون نتيجة وضع الكفتة في صلصة الطماطم. وفي خمس غرف مجهزة تجهيزا كاملا بالفندق ، يتعلم شبان خدمة الغرف كيفية ترتيب الاسرة بدقة. وفي البهو يقدم النادلون ذو الزي الأنيق الشاي والفطائر.
وفي مكتب الإستقبال يقف فخري علام (16 عاما) وشعره مصفف جيدا يتدرب على رسم إبتسامة مشرقة على وجهه من أجل وقت لاحق عندما يكون في العمل بفندق حقيقي.

الأكثر قراءة