وادي حنيفة يتهيّأ لإطلاق فرص استثمارية بقيمة ملياري ريال
أوشكت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض على إنهاء المرحلة الحالية من مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، والتي تمتد بطول يبلغ نحو 80 كيلومترا من طريق العمارية شمالاً إلى منطقة البحيرات جنوب الحاير, حيث يجري العمل حالياً في الأشغال الأخيرة من المشروع، الذي يعد أحد أكبر المشاريع البيئية في المنطقة، وأثمر عن تحويل الوادي إلى منطقة جاذبة للسكان والمتنزهين، واعدة بالفرص الاستثمارية، محافظة على المتطلبات البيئية والطبيعية.هذه المرحلة من المشروع تمكنت بعد إزالة جميع المظاهر السلبية القائمة في الوادي، وإعادته إلى وضعه الطبيعي كمصرف للمياه، وإعادة تصميم الخدمات والمرافق بما يتناسب مع بيئته، من تهيئة الوادي لإطلاق سلسلة من برامج التطوير المختلفة، التي من شأنها بمشيئة الله جعل الوادي أكبر متنزه طبيعي يحيط بمعظم أحياء المدينة وضواحيها، ومنطقة جذب للفرص الاستثمارية في قطاعات الترفيه والسياحة والزراعة، حيث توقعت دراسات الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض أن يجتذب مشروع التأهيل بعد اكتماله، استثمارات من القطاعين الخاص والعام تقدر بملياري ريال في هذه القطاعات، إلى جانب ما يسهم به المشروع من رفع القيمة الحضرية لمحيط الوادي وللمدينة بشكل عام. ويعمل هذا المشروع على محورين أساسيين، يرمي الأول إلى إعادة وادي حنيفة إلى وضعة الطبيعي كمصرف لمياه الأمطار والسيول وللمياه دائمة الجريان الواردة إلى الوادي من عدة مصادر من المدينة، وجعل بيئته الطبيعية خالية من الملوثات والمعوقات التي تحول دون إطلاق آليات التعويض الطبيعية في الوادي، وازدهار بيئته النباتية والحيوانية, وإعادة تنسيق المرافق والخدمات القائمة بحيث تتناسب مع بيئته. فيما يعمل المحور الثاني على توظيف الوادي بعد تأهيله ليكون إحدى المناطق المفتوحة المتاحة لسكان المدينة، الملائمة للتنزه الخلوي من خلال إضافة الطرق الملائمة والممرات وبعض التجهيزات الضرورية.
#2#
وقد اشتمل المشروع على تسوية مجاري المياه وفق ثلاثة مستويات مختلفة من تصريف المياه الجارية، وهي:( مستوى المياه دائمة الجريان) و(مستوى السيول الموسمية) و (مستوى الفيضانات التي تحدث في الدورات المناخية كل 50 سنة تقريباً).
كما استحدث المشروع آلية جديدة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط لمعالجة المياه الجارية في الوادي، تستند إلى نظام معالجة طبيعي غير كيميائي يعتمد على إيجاد البيئة المناسبة في المجرى المائي لتواجد وتكاثر الأحياء الدقيقة التي تستمد غذاءها من المكونات العضوية وغير العضوية في المياه، وشيد في منتصف مجراه ''محطة للمعالجة الحيوية تهدف بشكل رئيسي إلى زيادة طول جريان المياه وتزويدها بالهواء لزيادة نسبة الأوكسجين فيها، ومن ثم المساهمة في نمو الكائنات الحية التي تتخلص من ملوثات المياه.وبما ينسجم مع اسم المشروع الذي يتضمن لفظ ''الشامل'' ظهر التنوع الذي تضمنه اللفظ من أعمال وبرامج عمل وتطوير ضمن المشروع، امتدت إلى إعادة تنسيق المرافق العامة في محيط الوادي لتحسين وضعها بما يتلاءم ووضعه الجديد ومتطلباته البيئية الحساسة، بما اشتمل على تحويل جميع خطوط المرافق الهوائية إلى خطوط أرضية بالتنسيق مع الجهات المسؤولة عنها، وتحديد منطقة ممتدة بطول الوادي، تكون ممراً لخطوط المرافق المحلية المارة عبر بطن الوادي، وتغذي الجهات المستفيدة بالخدمات عبر هذا الممرّ بحسب مواصفات محددة، ووضع استراتيجية للنقل والحركة في الوادي تقوم على الحيلولة دون تكوّن طريق رئيسي في الوادي كممر للحركة المرورية العابرة الكثيفة, حيث جرى إنشاء طريق في الوادي بطول 70 كيلومترا محاذياً لممرّ الخدمات ويتعرج بانسيابية مع قناة المياه الدائمة رصفت أكتافه بطبقتين من الصخور الطبيعية. أما الجوانب الترويحية في الوادي, فقد جرى تغطيتها في معظم المناطق الجمالية المفتوحة المناسبة للتنزّه، فأقيمت ممرات للمشاة في أبرز المناطق الجمالية المتوافرة على طول الوادي، وبشكل خاص في محيط التكوينات الصخرية البديعة والمناطق المشجرة، بالقرب من مجاري المياه، مع مراعاة سهولة الوصول إلى هذه الممرات عبر مواقف السيارات المنتشرة حول الضفتين، فيما انطلقت عملية إعادة الغطاء النباتي في الوادي عبر إعادة غرس النباتات التي سبق أن كانت من مكونات الوادي في السابق، واعتماد مستوى تشجير بكثافة يمكن الحفاظ عليه بقدرات الوادي الطبيعية الذاتية من مياه سطحية وجوفية.
وفي الجانب التنظيمي، دعم المشروع الأنشطة الزراعية في معظم أجزاء الوادي من خلال قصر استعمالات الأراضي على هذا النشاط، واعتماد مناطق التصنيف البيئي باعتبار بعض أجزاء الوادي محميات طبيعية نظرًا لما تحويه من حياة فطرية نادرة، حيث جرى تحديد ثلاث مناطق محمية في منطقة الوادي، تشمل محمية وادي الحيسية التي تقع في أعالي وادي الحيسية جنوب منطقة سدوس وتبلغ مساحتها 130 كيلو مترا مربعا، ومحمية أعالي وادي لبن وتقع في الأجزاء العليا من وادي لبن وتبلغ مساحتها 150 كيلو متراً مربعاً، ومحمية جنوب الحاير وتقع جنوب بلدة الحاير وتبلغ مساحتها نحو 30 كيلو مترا مربعا.ويندرج مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة ضمن البرامج التنفيذية التي تجسدت على أرض الواقع من مخرجات المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض الذي وضعته الهيئة، إضافة إلى كون المشروع أحد برامج الخطة التنفيذية لحماية البيئة في مدينة الرياض التي تقوم على تنفيذها الهيئة بالاشتراك مع الجهات المعنية بالشأن البيئي في المدينة في تنفيذها بعد إقرارها من اللجنة العليا لحماية البيئة في مدينة الرياض، وتشتمل هذه البرامج على 46 برنامجاً بيئياً موزعة على خمسة محاور هي: التلوث والنفايات وموارد الميـاه والموارد الطبيعيـة والمناطق المفتوحة والحياة الفطرية والإدارة البيئيـة.