منتدى الرياض الاقتصادي والبعد التنموي

للتنمية أساسات وقواعد ومحفزات, وما لم يتم تدعيم وصيانة وتطوير تلك الأساسات والقواعد والمحفزات فإنه لا يمكن استدامة التنمية, فالتنمية المستدامة تعتمد أولاًَ على إسهام الجانب الاقتصادي بما ينتجه المجتمع من سلع وخدمات لخدمة الجوانب الأخرى للتنمية, فبدون شريان الحياة للتنمية (الاقتصاد) لا يمكن للجوانب الأخرى للتنمية أن تؤدي دورها المتوقع في خدمة أفراد المجتمع. فالاقتصاد هو القاعدة الأساس التي تنطلق منها فعاليات التنمية في جوانبها الأخرى ( التعليمية، الصحية، الاجتماعية، ... إلخ). ولاستمرارية التنمية في جميع جوانبها لا بد من استمرار النمو والتطور والتقدم الاقتصادي في المجتمع، وحيث إن النمو الاقتصادي مر بمراحل عديدة بدأها بمرحلة الإنتاج الزراعي، ثم مرحلة الإنتاج الزراعي الصناعي التي تعتمد على إنتاج السلع , وانتقل بعد ذلك إلى مرحلة الإنتاج الزراعي والصناعي والخدماتي, حتى أنه في الوقت الحاضر في الدول المتقدمة ما يزيد على 60 في المائة من القوى العاملة تقوم بإنتاج الخدمات, والـ 40 في المائة الباقية من القوى العاملة موزعة بين الزراعة والصناعة. وقد برز نوع آخر من الاقتصاد يعتمد على الإنتاج الفكري بالإبداع والابتكار والاختراع لأنواع من السلع والخدمات, واستطاع هذا النوع الجديد من الاقتصاد أن يحول دولاً من دول نامية فقيرة إلى دول متقدمة غنية, ألا وهو اقتصاد المعرفة الذي يعتمد على تنمية العقل البشري وعلى جودة البحث العلمي, واستخدام التقنية الحديثة والبيئة الملائمة لنمو وتطور هذا النوع من الاقتصاد. وقد أثبت الواقع أن الدول التي تبنت اقتصاد المعرفة قاعدة لتنميتها الاقتصادية استطاعت في فترة وجيزة من القفز لمصاف الدول المتقدمة الغنية. ولم تحقق ذلك الأمن خلال استراتيجية واضحة وخطط وبرامج وآليات محددة عملت تلك الدول على تحقيقها هادفة إلى الوصول بمسيرتها الاقتصادية إلى اقتصاد المعرفة, متجاوزة في ذلك التفكير النمطي, ومتجاوزة آلية البيروقراطية في المسيرة للوصول إلى الهدف.
ومنتدى الرياض الاقتصادي حينما يتم النظر في الدراسات والأبحاث التي قام بها في دوراته الثلاث, وما قام به من دراسات وأبحاث في دورته الرابعة الحالية, إنما يدل على توجه المنتدى نحو بحث ودراسة محددات اقتصاد المعرفة بصفة شمولية على مستوى المملكة, وذلك لنقل المملكة من اعتمادها على الاقتصاد الرّيعي الذي يعتمد على إنتاج ودخل البترول إلى اقتصاد يعتمد على إنتاج الفكر والإبداع والابتكار, اقتصاد يعتمد على عقول أبناء الوطن, وقد خصص المنتدى في دورته الرابعة دراسة هادفة إلى بحث موضوع الاستثمار في رأس المال البشري ومدى توجهه نحو اقتصاد المعرفة لإكمال عقد الدراسات والأبحاث التي تعنى بأركان هذا النوع من الاقتصاد, ليكون منتدى الرياض هادفاً إلى تأسيس أرضية لانطلاق أركان اقتصاد المعرفة على أسس علمية مبنية على الدراسة والبحث ومشاركة عديد من العلماء والخبراء والمهتمين في توجيه اقتصاد المملكة إلى اقتصاد القرن الواحد والعشرين, لتحتل المملكة مكانتها بين الدول التي حققت قفزة في التحول من الاقتصاد الرّيعي إلى اقتصاد المعرفة، ومنتدى الرياض الاقتصادي ينطلق نحو هذا الهدف, تمشياً مع متطلبات العصر وما حققته المملكة من إمكانات ومقدرات مادية وبشرية تؤهلها لتحقيق هذا الهدف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي