Author

أزمة دبـي والعقار

|
ذكرنا في الأسبوع الماضي محدودية تأثر الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية بأزمة “دبي العالمية”, وذكرنا أسباب عدم التأثر. ومع قناعتنا بعدم التأثير المباشر لهذه الأزمة أصلاً في الاقتصاد السعودي، إلا أنه من المحتمل تأثر قطاع العقار – وإن شئت فقل الشركات العقارية - في الخليج بشكل عام. وبشكل خاص، فإن الشركات العائلية العاملة في قطاع العقار هي أكثر المتأثرين بالأزمة الأخيرة في دبي. والواقع أن قطاع العقارات في دبي تأثر كثيراً بالأزمة المالية العام الماضي، إلا أن إرهاصاتها بدأت تظهر على السطح أخيرا، ومن المتوقع أن نشاهد تأثيرات هذه الأزمة في بعض الشركات العائلية التي استثمرت وبقوة في دبي خلال العقد الأخير. وبحكم أن الأزمة الحالية في دبي هي استمرار للأزمة المالية التي هزت العالم، فليس من المستغرب أن تعاني الشركات العقارية في المنطقة أزمة الائتمان وقلة السيولة. ومن المتوقع أن يأتي التأثير من خلال الركود في النشاط العقاري الذي يؤدي بدوره إلى مشكلات ائتمان وسيولة في الوقت نفسه. ووفقا لتوقعات أولية، ستبقى الأزمة المالية العالمية ضاغطة على قطاعي العقار والمقاولات في دبي. التوقعات تشير إلى مزيد من هبوط الأسعار، وتوقف المشاريع، وشح السيولة، وتأجيل المشاريع, ما سيؤثر في العائد الاستثماري العقاري الذي سيتراجع بحدة بعد أن وصل عامي 2006 و2007 إلى 100 في المائة في بعض المشاريع. ومن جانب آخر، فإن كثيرا من الشركات العقارية ستتعثر في سداد الدفعات المستحقة عليهم لعدم توافر السيولة اللازمة لسداد الدفعات الشهرية. هذا في دبي، لكن السؤال المهم هو: ما تأثير ذلك فينا في السعودية؟ والواقع أن التأثير نسبي من شركة إلى شركة، وإن كنت أرى أن التأثير في غالبه سيكون في الشركات العائلية التي اندفعت إلى دبي وضخت استثمارات هائلة هناك. وبما أن الاستثمارات السعودية في دبي تعد الأولى على مستوى دول مجلس التعاون، فإن الانكماش الاقتصادي في دبي وانخفاض أصول هذه الشركات بفعل الأزمة المالية العالمية سيجعلان هذه الشركات ترجع إلى استثماراتها في السوق السعودية لحل أزمتها الائتمانية ولاستمرارية العمل في النشاط الأساسي في السعودية. وحتى نكون أكثر دقة، فإن أغلبية الشركات المتأثرة هي الشركات العائلية غير التقليدية، فالعائلات التقليدية التاريخية معروف عنها التشدد في دخول أسواق العقار خارج المملكة. وبالتالي فإن العائلات الحديثة نسبياً في مجال الأعمال ستعاني أكثر من أزمة دبي، خصوصاً الشركات التي لا توجد لها أصول كافية في المملكة لتغطية خسائرها في دبي. وفي كل الأحوال فإن تأثر الشركات أمر طبيعي، بل إن كثيرا من التقارير تتخوف من عام 2010 على مستوى الشركات المتوسطة بسبب الركود المحتمل. لذا فإن قلة التدفقات النقدية المتوقعة وحلول آجال القروض من المشكلات الآنية لكثير من الشركات العائلية التي قد تتفاقم مستقبلا. حتى لا تكون النظرة تشاؤمية، فإن قوة الاقتصاد السعودي وضخامة الإنفاق الحكومي, ما يقلل من إرهاصات الأزمة ـ بإذن الله. أما على مستوى أسعار الوحدات العقارية هنا في المملكة، فالأمر مختلف تماماً – ولست من المختصين فيه - حيث تمتاز سوق العقار في المملكة بخصوصية تامة ومزايا لا يتمتع بها أي مستثمر عقاري في العالم سواء على مستوى التشريعات والأنظمة المرنة جداً أو على مستوى المزايا الضريبية والزكوية, ما يجعل الاستثمارات العقارية في مأمن من الأزمات المالية، وما يجعل الأسعار غير حساسة للأزمات. ولعل السؤال الذي يبحث عن إجابة من المختصين هو: ما مدى استفادة المواطن العادي من الأزمة في تخفيض تكلفة السكن؟
إنشرها