على «زند» هنري

إنها حادثة معقدة تلك التي حدثت في المباراة المصيرية بين المنتخب الفرنسي ونظيره الإيرلندي التي روض فيها تيري هنري الكرة بيده قبل أن يمررها لزميله وليام جالاس ليودعها الشباك الإيرلندية وهي الكرة التي قصت تذكرة العبور للديوك الفرنسية لتكون طرفا منافسا في مونديال جنوب إفريقيا 2010 وبقيادة مدربهم «المغضوب عليه» من الفرنسيين أخيرا.
تلك الحادثة التي جعلت بلاتر وبلاتيني وحكم المباراة والنجم تيري هنري في موقف لا يحسدون عليه، وهذا الخطأ «البشري» يجعلني أجزم بأن دخول «الفيديو» في التحكيم الرياضي ليس إلا مسألة وقت بحكم أن هذا الخطأ سيخلف عواقب وخيمة من ناحية تنافسية ومادية لأن الوجود أو عدم الوجود في المونديال بينهما مسافة شاسعة كالمسافة بين باريس وجوهانسبيرج.
أنا هنا أتكلم عن «خطأ» وليس مؤامرة «وما أكثر نظريات المؤامرة في مجتمعنا الرياضي» فقد يقول قائل إن نجاح أي بطولة يعتمد على قوة المشاركين وهذا طبعا ما يبحث عنه الاتحاد الدولي لكرة القدم، وأنا أقول إنه لو كان الأمر كذلك لتأهلت روسيا على حساب أستونيا أو أن إنجلترا كانت من ضمن الفرق المشاركة في يورو 2008 ولما فازت اليونان بيورو 2004 في البرتغال، ثم أن الحكم (هانسون) كان بإمكانه احتساب ضربة جزاء «لأنيلكا» قبلها بدقائق بعد إعاقته من أحد مدافعي أيرلندا وقد لا تكون إعاقة بقدر كونها فرصة لقلب موازين المباراة.
من السهل على المتابع الرياضي أن يعتقد أن سياسة كرة القدم هي الإثارة والأخطاء وأنها لو خلت منها لفقدت متعتها بل إن هذه الأخطاء هي جزء لا يتجزأ من نجاح المستديرة في لي الأعناق، ولكن في الوقت نفسه تجعل هذه الأخطاء (البشرية) شخصا في قامة جوزيف بلاتر غير سعيد بما حدث لأن العالم كله يعرف أن تأهل فرنسا على حساب إيرلندا غير شرعي.
لنعود ونحلل لقطة هنري، كرة داخل المنطقة على وشك الخروج يروضها هنري بيده»على دفعتين» ولكن في هذه اللحظة كان الحكم خلفه ومن المستحيل أن يراها من زاويته وكذلك المساعد لوجود عدد كبير من اللاعبين داخل المنطقة وعدم وضوح الرؤية خصوصا مع تغطية المدافع «ماك شين!». وبعد احتساب الهدف وضع المشاهد خلف الشاشة يده على رأسه من شدة وضوح الخطأ ولكنه لم يفكر ولو للحظه أنها لم تسنح لحكام المباراة الفرصة لمشاهدة اللقطة بالعرض البطيء خمس مرات ومن خمس زوايا.
الشاهد في الأمر أن ما حدث في هذه المباراة يصعب نسيانه وخصوصا من قبل الإيرلنديين الذين تحول حلمهم بالوصول إلى المونديال إلى كابوس ومن الجماهير بشكل عام التي هتفت في مباراة برشلونة التالية للمباراة القضية أمام أتلتك بيلباو ضد النجم الفرنسي صاحب التاريخ الحافل، فمنذ نزوله وحتى خروجه من الملعب وهم يهتفون ضده لأنهم لا يرضون بالظلم مع أنه بخبرته حمل منتخب بلاده على «زنده» لمونديال جنوب إفريقيا، ثم هل كان حارس إيرلندا ليعترف لحظتها بدخول الكرة إلى مرماه لو أن الفرنسي سجل هدفا لم يحتسب بعد إخراجه الكرة من داخل المرمى؟
تظل نظرية المؤامرة موجودة في ظل وجود كرة قدم ولكن إثباتها صعب والاستعانة بالفيديو قد يحل كثيرا من هذه المشكلات وما أحوجنا إلى أن يضيف الاتحاد الدولي حكم خامس (آلي) لأننا لطالما صدقنا (الآلة) أكثر ممن صنعها! لتساعد في إنقاذ حكامنا من الهجوم المبرر وغير المبرر واتهامهم دون دليل, ولن أذكر الحوادث لأنها تمر أمامنا وأمام أقارب الحكام بشكل شبه يومي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي