أسواق مكة تبسط ذراعيها للمغادرين.. والمنتج الوطني غائب!
أسواق مكة تبسط ذراعيها للمغادرين.. والمنتج الوطني غائب!
انتعشت مجددا شوارع العاصمة المقدسة ومحالها التجارية، التي شهدت تدفقاً كبيراً من الحجاج، الذين حرصوا على عدم مغادرة مكة المكرمة وإلا معهم ما يذكرهم بها، في الوقت الذي غاب المنتج الوطني عن الأسواق، وحلت مكانة منتجات أخرى. ورغم رمزية الهدايا، إلا أن البعض منهم يجدون في ذلك أهمية لمن ينتظرها خلفهم من الأهل والأصدقاء، حيث تصدرت مياه زمزم المباركة، والسبح والقلائد والفضيات، التي تحوي آيات قرآنية اهتمام كثير منهم.
وقضى الحجاج جل وقتهم في التسوق، في الوقت الذي استعدت المحال لاستقبال آلاف المتسوقين على مدار الأيام المقبلة قبل مغادرتهم مكة المكرمة، إلا أن الأمر الذي أثار بعضا من استغراب الحجاج هو أن 90 في المائة من الهدايا التي في الأسواق لا تحمل إشارة مصدرها شعار «صنع في مكة»، وهي من إنتاج دول إما آسيوية وإما أوروبية، كما أن الغياب الكبير للبازارات النسائية التي تعرض منتجاتها الأسر المكية الخالصة كان بالنسبة لهم لافتاً للنظر.
ووفقا لتقديرات إحصائية أشارت إلى أن متوسط ما ينفقه الفرد الحاج على سلع الهدايا يبلغ 42.2 ريال سعودي؛ بينما متوسط ما تنفقه الأسرة الحاجة على سلع الهدايا في السنة نفسها يبلغ 365.3 ريال سعودي. وهذا يشكل ما نسبته 20 في المائة من إجمالي المبالغ التي يخصصها الحاج للإنفاق الكلي لفريضة الحج.
ورصدت «الاقتصادية» بعضا من هذه الملامح الشرائية، حيث زينت المحال التجارية والأسواق واجهاتها المختلفة بعديد من المنتجات والهدايا المغلفة والموضوعة على أرففها، والتي تنوعت بين السبح والخواتم والتحف وأنواع أخرى من الإكسسوارات النسائية.
ويقول محمد وردان الحاج المغربي إنه اشترى سبحا جميلة مصنوعة من الخشب وبأشكال متنوعة، وهي التي يفضلها حجاج دول المغرب العربي على وجه الخصوص، لأنهم اعتادوا على اقتنائها من جيل إلى آخر، ولكن السبح هذه تختلف عن جميع السبح الموجودة في العالم لأنها جلبت من أماكن مقدسة تحمل القدسية والرمزية إلى الشخص المهداة له ، مضيفاً:« إن ذلك يعد إحساسا بقيمة هذا المعنى والإحساس الجميل».
وفي رواق آخر من أحد الأسواق في شارع العزيزية العام، وقف عدد من الحجاج المصريين وقد سددوا أنظارهم باتجاه بعض المعروضات الفضية التي استهوت كثيرا من أبناء مصر العربية، كالقلائد التي تحمل مصاحف معلقة وصورا أخرى تحمل معالم الحرم المكي الشريف وأخرى تحمل ملامح من المشاعر المقدسة.
وأوضحت الحاجة نور الهدى من إندونيسيا أنها تركت بلادها لأداء الحج، وقد قطعت وعدا لوالدتها أن تجلب قدرا من المياه المباركة ونوعية مختلفة من الهدايا الخفيفة التي يسهل حملها ولا تتأثر مع الوقت وتحمل أروع الذكريات من مكة المكرمة. من جهتها، ذكرت سيدة الأعمال عزيزة عبد الشكور، أن هذا الموسم سجل غياباً كبيراً لبازارات الأسر المنتجة التي كان من المفترض أن تكون فرصة مميزة للتعريف بالمنتجات المكية، وعرضها على الحجاج، التي تختلف نوعياتها بين السجاجيد والمواد العطرية التي تصنعها السيدات المكيات ومحارم الصلاة المختلفة.
ودعت إلى أهمية اغتنام المواسم المختلفة كالحج والعمرة لعرضها والاستفادة منها، مستدركة أن هاجس شراء الأسر مواد الصنع الخام يظل مؤرقا، وذلك لافتقاد المرونة في استخراج التصاريح والإيمان بضرورة توطين لغة عمل نسائية مشتركة لسيدات الأعمال، ومن خلالها تعود الروح للبازارات النسائية التي لن تتحقق سوى بتضافر الجهود في تسهيل هذا الأمر حتى تتمكن الأسر من الترويج للمنتجات التي تحمل روح مكة وحضارتها والتفاصيل المختلفة لواجهاتها التاريخية عبر العصور.
وأوضحت أن روح الهدايا الحقيقية تكمن في بعد آخر هو أهمية القيمة لما يشتريه الحاج من هدايا التي يعود بها إلى ذويه وأصدقائه، حيث إن أغلبيتها لا تزيد قيمتها على عشرة ريالات، ويجد الأهم أن تكون ذات معنى حقيقي لرحلة الحج وتحمل نفسا كبيرا يعني العودة بشيء ما من مكة المكرمة.