الجدة تعرف أكثر عندما يتعلق الأمر بالأدوية المفيدة
الجدة تعرف أكثر عندما يتعلق الأمر بالأدوية المفيدة
في عالم تشعر فيه الشركات الكبرى العاملة في مجال صنع الأدوية، بالقلق إزاء عدم وجود منتجات في مرحلة التصنيع لديها، بينما لا تظل شركات التقنية الأحيائية الصغيرة على قيد الحياة إلا إذا نجحت المنتجات الجديدة في التجارب السريرية، يبدو أحياناً أن الطريقة الوحيدة للنجاح في مجال الأدوية هي اختراع أدوية جديدة.
غير أن مجموعة صغيرة من شركات الأدوية البريطانية تراهن على العكس تماماً، عبر تسويق أدوية تعود إلى عقود مضت، معتمدة في ذلك على تعلق المستهلكين بمنتجات ربما شاهدوها لأول مرة في خزانة الأدوية التي كان يستخدمها أجدادهم وجداتهم.
ومما ساعد على نجاح شركات صنع الأدوية البديلة، كشركة الحكمة وشركة تيفا، قدرتها على إنتاج وتسويق أدوية شعبية ورائجة من صنع شركات الأدوية الكبرى انتهت مدة امتيازها.
إن الشركات البريطانية تعتمد اعتماداً كبيراً على قوة العلامات التجارية وعلى الثقة التي تتأتى من الحياة الطويلة للأدوية. وبحسب أندرو ليفجستون من مختبرات فورست: «هناك مردود كبير جداً للأدوية إذا وجدت في السوق لفترة طويلة. فهل كانت ستظل في السوق لو لم تكن مفيدة؟».
واشترت مختبرات فورست، فرع المملكة المتحدة، علامة بيزودول Bisodol التجارية الخاصة بمنتجات معالجة عسر الهضم من شركة Wheth عام 2004، واستحوذت على دواء سودوكريم Sudocrem القديم الذي يستخدم لعلاج الطفح الناجم عن فوط الأطفال، عندما اشترت شركة توسارا Tosara الإيرلندية عام 1978. ورغم أن الشركة لا تذكر أرقاماً محددة عن مبيعاتها من هذا المنتج، يظل عقار Sodocrem يحتل المرتبة الأولى في المملكة المتحدة لعلاج الحالة المذكورة، في حين أن دواء بيزودول يحتل المرتبة الخامسة بين أدوية علاج عسر الهضم.
وبينما يمكن شراء سودوكريم بيزودول من دون وصفة طبية، تقوم مجموعة ألاينس فارماسوتيكالز Alliance Pharmaceuticals ـ مقرها في مدينة ويلتشاير ـ بتأسيس أنموذج عمل يقوم على الاستحواذ على العلامات التجارية القديمة للأدوية التي لا يباع العديد منها إلا بوصفة طبية. ومن أكثر أدويتها نجاحاً ناسيبتين Naceptin المضاد لبكتيريا الأنف الذي طرح في السوق لأول مرة عام 1959.
ولذلك إذا كانت فترات الامتياز التي تتمتع بها هذه الأدوية قد انتهت، فلماذا لا تحاول شركات صنع الأدوية البديلة أن تحصل على جزء من هذا العمل؟
«في العادة تحتاج صناعة الأدوية البديلة إلى نوع من اقتصاد الحجم الكبير، وعليه هناك العديد من المنتجات التي كانت صغيرة بحيث لا تناسب صناعة الأدوية المقلدة»، كما قال جون وارسون، الرئيس التنفيذي لمجموعة ألاينس، مضيفا: «وبعد ذلك، يمكن أن تستمر هذه الأدوية وتعمر مدة طويلة كعلامة تجارية».
ويلاحظ وارسون أن شركات الأدوية الكبرى تستولي على هذه العلامات التجارية القديمة المربحة في محاولة منها لترشيد، أو قصر ما تقدمه على المنتجات التي يمكن تسويقها عالميا، بدلاً من المنتجات التي لها ثقل على صعيد العلامات التجارية الوطنية.
وقال: «يترتب على شركات الأدوية الكبرى أحياناً أن تعدل مصانعها وتجعلها تتخصص في أنواع معينة من المنتجات أو حتى تغلقها». وتابع: «ترشيد التصنيع كثيراً ما يجبر الشركات على أن تقول حسنا، هناك منتج صغير هنا يقف في طريق برنامج عالمي كبير لتوفير التكاليف: فلنستول عليه».
وتستفيد شركات العقاقير الصغيرة أيضاً من حقيقة أنه بعد انتهاء مرحلة تسويقها الأولية لا تكون بحاجة إلى إنفاق مبالغ طائلة على الإعلانات الجديدة الخاصة بها. ومن المرجح أن تتجنب الشركات المنافسة المحتملة استثمار مبالغ طائلة في الإعلان لطرح منتج تقل مبيعاته السنوية عن مليون جنيه استرليني.
لكن ليس كل الأدوية القديمة تحصل على علامات تجارية يعترف بها على الفور. وفي حين أن التركيب الكيميائي الأصلي لمنتج ما يمكن أن يبقى من دون تغيير، فإن التراكيب الجديدة والتغليف لا غنى عنها للحؤول دون إصابة العلاقة التجارية بالضمور.
فقد بدأت مجموعة وليم رانسوم، التي تعمل في منتجات العناية الصحية منذ 160 عاماً، والتي تملك كريم ميتانيوم المستخدم لمعالجة السماط الناتج عن الحفاضات، وكذلك دواء جيه بيكلز الذي يستخدم للعناية بالجلد، الاستثمار في الإعلان بعد سنوات من اعتراف الشركة بتراجع قيمة علاماتها التجارية بسبب غياب استراتيجية للتسويق.
وقال رئيسها التنفيذي، أيفور هاريسون: «إننا نقوم الآن بتحديث طريقة التغليف على نحو يجعل المنتجات أكثر حداثة وبالشكل الذي يريده الناس تماماً، مثل وضع كريم الشمس في بخاخ بدلاً من الأنبوب».
«العلامات التجارية يمكن أن تصاب بالركود. وإذا اكتفيت بانتظار الناس الذين يعرفون عن المنتج أصلاً، فمن الواضح أن سوقك ستكون محدودة».