حوار مع الدكتور حمزة السالم

حوار مع الدكتور حمزة السالم

علي بن محمد حمدان*

قرأت ما كتبه الدكتور السالم حول مسألة النقود المعاصرة وجريان الربا فيها في مقاله بعنوان "يا السحيمي لم التناظر ولا خلاف" والمنشور في جريدتكم الغراء يوم الأربعاء بتاريخ 23 من ذي القعدة العدد 5875 ، فأحببت أن أشارك في تأصيل هذه المسألة بعيدا عن التعصب وبكل موضوعية أرجو من نشره في جريدتكم في زاوية الرأي، والله يرعاكم.

كلام حمزة السالم بعيد عن المنهجية العلمية وذلك نتيجة لعدم تخصصه بالعلم الشرعي وليته ترك الأمر لأهله فإن اللبيب يترك ما لا يحسنه لذا أنصح الكاتب أن يتقي الله فيما يكتب فإن القول على الله تعالى أكبر جريمة في دين الله تعالى.
أناقش الكاتب من خلال النقاط التالية:
1- القول بعدم ربوية الفلوس المعاصرة لا يستلزم منه عدم جريان الربا فيها، لأن الربا يدخلها من باب آخر وهو ربا النسيئة، لأنه يجري في كل الأموال عند اتحاد الجنس ، وقد صرّح العلامة عليش المالكي أن ربا النسيئة يجري في العروض، ويظهر ذلك جليا من رأي الشيخ السعدي والذي رأى عدم جريان الربا فيها إلا أنه يمنع تداولها مؤجلة، فما معنى هذا يا دكتور السالم.
2- زعم السالم أن طرحه بعدم ربوية الفلوس المعاصرة صحيح من الناحية الشرعية ولا يختلف عليه أهل العلم الراسخون وأن قوله هذا جار على التأصيل وعلى أقل أحواله قول معتبر وقوي وهذا لعمر الله زور وبهتان، بل إنه بعيد عن التأصيل العلمي وأصول الفقه ولا يمكن لعالم رباني أن يقره فيما يزعم وليته سمى لنا من هم الراسخون في العلم والذين لا يختلفون معه في ذلك ومن هم كبار العلماء الذين يدركون أن قوله الأقرب إلى شرع الله .ثم بيّن لنا كيف يكون قولك جار على التأصيل العلمي ومذهب السلف الصالح .وأين أدلته من الكتاب والسنة والتي تدل على مذهبه الملفق.
3- لم يعرف السالم الفرق بين البيع والقرض والحقيقة أن هذه المسألة هي السبب الرئيس في زلة هذا الكاتب وعدم فهمه لكلام العلماء أوقعه في هذا الزلل الكبير، حيث فرّق بينهما على أساس النية وهذا كلام باطل لأنه لا معنى لتبادل النقد بالنقد إلا القرض بدليل عدم تبادله حالا فلا يتصور أن يبادل عاقل عشرة ريالات بخمسة عشر مع القابض، بخلاف سائر عروض التجارة فإنها تتداول حالة ونسيئة، والتفريق بين القرض والبيع حسب النية إنما هو من ناحية جواز الأجل وليست الزيادة فيه.
4- لو كانت الأوراق النقدية المعاصرة تقبل البيع لكان سعر الورقة النقدية القديمة يختلف عن سعر الورقة من ذات الفئة ولكنها جديدة، كسائر العروض.
5- ادعى السالم أن عدم ربوية الفلوس المعاصرة فيه شبه إجماع، فمن أين أتى به وكيف خفي هذا الإجماع على علماء هذا العصر والمتخصصين في مجال المعاملات المالية على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم وبلدانهم.
6- زعم السالم أن طرحه يستند إلى أصول السلف والخلف، فأي سلف وأي خلف يعني، بل لو رجع إلى تراثنا الفقهي للزم منه جريان الربا في الفلوس المعاصرة، ألم يقل الحنفية أن اتحاد الجنس كاف لتحريم النساء، أليس مذهب المالكية تحريم التفاضل عند تقارب المنفعة في الجنس، والراجح عند الحنابلة أن النساء يحرم التفاضل إذا اتحد الجنس.
7- زعم السالم أن مستند القائلين بربوية الفلوس المعاصرة الاحتياط وسد الذرائع، وهذا ليس صحيحا إذ الاحتياط ليس دليلا شرعيا يرجع إليه في استنباط الأحكام الشرعية وإنما قضية تتعلق بالفرد إذا كان هناك شبهة، فجريان ربا النسيئة في الفلوس المعاصرة لا يختلف عليه أحد من العلماء الراسخين في العلم لأنه من باب القروض والقرض يجري في كل الأموال إجماعا حتى ابن حزم والذي يحصر الربا في الأصناف الستة نص على جريان الربا في القروض، ومبادلة نقد بآخر مع عدم التماثل والنسيئة ليس له معنى إلا القرض.
8- زعمه أن القول بربوية الفلوس المعاصرة أدى إلى ظهور الصيرفة الإسلامية وهذا باطل لأن فلسفة الصيرفة الإسلامية تقوم على تصحيح الوضع الاقتصادي والذي يعتبر الربا جانبا منه، وهي تقوم على أسس العدل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإن كانت هناك ثمة انحرافات عن سياساتها فهو خلل في التطبيق وليس في سياساتها.وليت السالم بيّن الجهات المعادية للدين والتي روجت للصيرفة الإسلامية.
9- نقل السالم قول ابن تيمية في الغرر وليته التزم قوله في باب الربا لأنه علل الربا في الذهب والفضة بغلبة الثمنية، وهذه دليل على تلفيقه المبني على التشهي واتباع الهوى والنتيجة أنه خرج بنتيجة لا يقول بها عالم رباني، أسأل الله تعالى الهداية للجميع والحمد لله رب العالمين.

*باحث في المعاملات المالية

الأكثر قراءة