مكانة المرأة في الإسلام

مكانة المرأة في الإسلام

أحمد محمد أحمد مليجي المرأة هي الأم وهي الأخت وهي الزوجة والابنة. ومن ثم فهي في حقيقة الأمر أكبر وأعظم من أن توصف بكونها نصف المجتمع، فهي النصف فعلياً ولكنها صانعة النصف الآخر وهو الرجل. ولهذا ينبغي أن تحظى بالرعاية والمكانة التي وضعها المولى عز وجل فيها. وعندما نتحدث عن مكانة المرأة في الإسلام ينبغي أن يكون مصدرنا الرئيس هنا كتاب الله وسنة وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم. فارق كبير بين ما أتى به كتاب الله وما استنه المصطفى صلى الله عليه وسلم وبين الممارسات السلبية بحق المرأة في بعض المجتمعات الإسلامية. دائماً ما تنسب هذه الممارسات إلى الإسلام ومبادئه والإسلام بريء من أن توصم به هذه الممارسات الخاطئة التي لا يقبل بها عقل أو شرع. فقد عظم الإسلام من شأن المرأة وارتفع بقدرها بعد أن كانت مصدر عار لأسرتها في الجاهلية. وقد ضرب المصطفى صلى الله عليه وسلم أفضل المثل في تعامله مع المرأة سواءً كانت زوجة أو بنتاً. ولهذا كان أولى بنا كمجتمعات إسلامية أن تقتفي أثر المصطفى في تعامله مع زوجاته وبناته ونساء المسلمين. فالرجل في الإسلام ليس مقدماً على المرأة إلا في أمور تتفق مع الطبيعة التي خلق بها المولى عز وجل الرجل والمرأة، وذلك حفظاً لحياء وكرامة المرأة. وقبل أن ندخل في الحديث عن مظاهر تقدير وتعظيم الإسلام للمرأة وحقوقها وواجباتها في الإسلام، نود الإشارة إلى أن انقلاب وتدهور حال المجتمعات خلال القرن الأخير لم يكن إلا نتيجة تحويل المرأة والخروج بها عما هيأها الله إليها. والتي فتحت مسميات حقوق وحرية المرأة وتلك الدعوات الباطلة، فتحولت حواء شيئاً فشيئاً إلى سلعة، خاصة في المجتمعات التي سبقت الدول الإسلامية في مجال الحديث عن تحرير المرأة. فهي الآن لا تختلف في وضعها عن السلعة يزداد الطلب عليها لطالما تنعم بالحيوية والجمال، وتلقى جانباً عندما تفقد تلك المظاهر الفانية. وبخروجها عن دورها الذي أهلها الله إليه، ضاعت الأسرة التي هي صمام الأمان لكل مجتمع. فعند ضياع الأم ليس علينا أن نتوقع سوى انهيار المجتمع بأكمله، تأكيداً لقول حافظ إبراهيم "الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق). ولن يرتقي الشعب لمجرد تطبيق تلك الأفكار الحديثة الخاصة بمجرد خروج المرأة ومساواتها رأساً برأس في كل شيء، ولكن بوضع كل شيء في مكانه، فكل يسر لما خلق له. وعندما تتولى المرأة دورها الذي أنيط بها فستعود الأسرة إلى سابق مجدها وترتقي المجتمعات ارتقاءً مستداماً وليس ارتقاءً لحظياً. لقد انجرت دولاً إسلامية كثيرة وراء تلك الدعوات المضللة التي أفقدت المرأة العربية والمسلمة هويتها وجمالها الذي حباها الله إياه. فلم تعد بالمرأة العربية المسلمة ذات القسمات الفريدة، كما أنها لن تكون تلك المرأة الغربية ولن يقبل بها الغرب، ونحن نعرف النظرة الدونية التي ينظر بها الغربيون إلى من هم سواهم. فهي الآن باتت فاقدة الهوية لا بالشرقية ولا بالغربية. الآن وبعد الدخول في هذا النفق المظلم الذي أهدر المرأة وخدش حيائها وحولها إلى سلعة شأنها شأن أي شيء، أما آن الأوان لنعود بها إلى سابق مجدها. وعندما نتحدث عن مجد المرأة علينا أن نعود إلى عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام البررة. فكيف طبقوا قول الحق في نسائهم وبناتهم وأخواتهم؟ ماذا عن قدوتنا صلى الله عليه وسلم، كان جباراً مع نسائه أم كان قلباً حنوناً وصديقاً وفياً لزوجاته؟ هل تعامل معهن من علياء أم وقف إلى جوارهن وساعدهن داخل المنزل؟ علينا إلا نلصق بالإسلام ما ليس فيه. ومن يبتغي الحق عليه العودة مباشرة إلى كتاب الله وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، وليس إلى ممارسات قبلية لا تمت بصلة إلى الإسلام ونبيه الكريم. الآن وبعد هذه التوطئة المهمة، جاء الدور للحديث عن مكانة المرأة في الإسلام بأسلوب علمي ومنطقي. من خلال العرض للنقاط التالية: أولاً: مكانة المرأة في ضوء كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. أكد المولى عز وجل في كتابه الكريم على عظمة المرأة وأولاها عناية خاصة لما لها من دور خاص، ربما يفوق دور الرجل في الكثير من المواضع. كما أكد المصطفى صلى الله عليه وسلم، من خلال العديد من الأحاديث النبوية على رفعة قدر المرأة واحترامها. معروض أدناه للمرأة في المصدرين لندرك ويدرك العالم معنا، كيف أن الإسلام رفع المرأة ولم يهبط بها كما يحاول الملحدون والماجنون في الأرض وصفها: أ. المرأة في القرآن الكريم: قبل أن تصدر الدساتير الغربية، وقبل أن تقوم ثوراتهم بعشرات القرون، وفي زمن كانت فيه أوروبا تعيش حياة الغابة، ويأكلون لحوم بعضهم، كانت شمس الإسلام تضيء الجزيرة وأرض المشرق لتنبئ بفجر جديد. أتى الإسلام لينقذ البشرية من وحل الجهل والجاهلية، وليعيد للمرأة حقوقها المفقودة لتقوم بدورها الأمثل في رعاية أسرتها وتنمية مجتمعها. تعددت الآيات التي وردت في كتاب الله التي تتحدث بشكل مباشر عن المرأة ووزنها في المجتمع وحقوقها وواجباتها وأهميتها كعضو فاعل في المجتمع المسلم. كما ورد الحديث عنها بشكل مباشر في الكثير من المواضع في كتاب الله، وذلك على النحو التالي: (1) سورة النساء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) (2) سورة الحجرات (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) (وَاللهُ جَعَلَ لَكُم منْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم منْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً) (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) (3) سورة النساء ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وللإسلام حكمة عظيمة من جعل حظ الرجل من الميراث ضعف حظ المرأة، نظراً لكونها غير مسئولة عن توفير الدخل للأسرة، بخلاف الرجل، وعند زواجها، حقوقها محفوظة، ولها أجر من زوجها، ومن ثم ففي الحقيقة لو تمعنا لأدركنا أن المرأة في الوضع الأفضل مقارنة بالرجل. (4) سورة النحل (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون) ( 97 ) (5) سورة النساء ( وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)) (6) سورة النساء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) ( 1 ) (7) سورة التوبة (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) (8) سورة النحل ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) (9) سورة الحجرات ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) (10) سورة النساء ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) يتضح من تلك الآيات الكريمة كيف أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة ولم يفضل بينهما كما يدعي المغرضون أعداء القيم بل وأعداء الإنسانية. فهم أعداء للإنسانية نظراً لأنهم يحاولون طمس وإخفاء وتشويه هذه الحقائق والقيم المضيئة. ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون. ب. المرأة في السنة النبوية المطهرة. لا يمكن ونحن نتحدث عن مكانة المرأة في الإسلام أن نمر هكذا دون التوقف في محطة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيمه وتقديره للمرأة، من خلال العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، بل ومن خلال ممارساته العملية مع نسائه ونساء المسلمين. معروض أدناه لأمثلة من تلك الأحاديث: (1) قال -صلى الله عليه وسلم- : في خطبته الشهيرة: "استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عندكم عَوَان "يعني أسيرات. (2) يقول -صلى الله عليه وسلم- رافعًا شأن المرأة، وشأن من اهتم بالمرأة على ضوابط الشرع: " خياركم خياركم لنسائهم، خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" صلوات الله وسلامه عليه. (3) يأتيه [ابن عاصم المنقري]؛ ليحدثه عن ضحاياه، وعن جهله المُطْبِق، ضحاياه المؤودات فيقول : لقد وأدت يا رسول الله اثنتي عشرة منهن، فيقول –صلى الله عليه وسلم-: "من لا يَرحم لا يُرحم ،من كانت له أنثى فلم يَئدْها، ولم يُهِنْها، ولم يؤثر ولده عليها، أدخله الله –عز وجل وتعالى- بها الجنة ". (4) يقول –صلوات الله وسلامه عليه-: "من عَالَ جاريتيْن حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين، وضمَّ بين أصابعه صلوات الله وسلامه عليه" (5) يقول –صلى الله عليه وسلم:" الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو كالقائم لا يفتر، أو كالصائم لا يفطر" (6) قوله –صلى الله عليه وسلم-: أمٌّ مكرَّمَة مع الأب، أُمِرْنَا بحسن القول لهما (فَلاَ تَقُل لهما أُفٍّ) وحسن الرعاية (وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) وحسن الاستماع إليهما والخطاب (وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) وحسن الدعاء لهما (وَقُل رّبّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبّيَانِي صَغِيرًا). (7) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته فالرجل راع في أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها" (8) وبعض الأحاديث تعطي للمرأة الأفضلية على الرجل كما جاء في الحديث: " من أحق الناس بحسن صحابتي. قال: أمك . قيل : ثم من؟ قال: أمك. قيل : ثم من؟ قال: أمك. قيل : ثم من؟ قال : أبوك ." إذاً الإسلام من خلال مصدريه الرئيسين (القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة) أكد على عظمة مكانة المرأة وارتقى بها في وقت كانت تعيش فيه أوروبا في ظلام الجهل والتخلف. وبعد أكثر من 14 قرناً، يخرج علينا الغربيون للحديث عن حرية المرأة وكيف أنها مهضومة في الإسلام. وما كان للغرب أن يتمادى في غيه لولا تخاذل الكثير من المسلمين والمسلمات خاصة أولائك الذين غسلت رؤوسهم وتغربوا عن مجتمعاتهم الإسلامية وتنكروا لقيمهم العظيمة، فأعطوا الفرصة لغير المسلمين للطعن في الإسلام وفي قيمه العظيمة، التي تشكل سفينة الإنقاذ الوحيدة لهذا العالم.
إنشرها

أضف تعليق