لماذا «كاوست» وليس جامعة الملك عبد الله ..؟

كعادتنا في السنوات الأخيرة, ومع مد العولمة الثقافي تحديدا، باستحباب إطلاق مسميات أجنبية بدلا من العربية, كما هو شائع اليوم في أسواقنا مثلا، أخذ يتداول ويشيع استخدام مسمى''كاوست'' إشارة إلى''جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية''، وهذا اللفظ هو اختصار مأخوذ من الترجمة الإنجليزية لمسماها، ولا نعلم ما الحكمة ولا المعيار العلمي الذي فرض إطلاق هذا المسمى على الجامعة ..؟، وإخواننا في''أرامكو السعودية'' التي كلفت بإنشاء الجامعة والإشراف عليها, ومع تقديرنا البالغ للجودة الإدارية المتميزة فيها، والتي برزت واتضحت في سرعة وإتقان إنشاء الجامعة، تربوا على اللغة الإنجليزية, فسعودوا كل شيء فيها إلا لسانها، ومن هنا حرصوا حتى أثناء حفل افتتاح الجامعة على إبراز اختصار اسم الجامعة بالإنجليزية''كاوست'' في اللوحات والملصقات، وبعد مرور أيام فقط على افتتاحها، حتى بدأ هذا الاسم المختصر يطغى على مسمى جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وينتشر استخدامه على نطاق واسع إعلاميا خصوصا، ولي على ذلك أكثر من اعتراض، فإضافة إلى أني من الداعين، وقد كتبت في ذلك عدة مقالات، إلى احترام لغتنا العربية وهي لغة القرآن الكريم بعدم إقصائها عن الاستخدام العام في مسميات مؤسساتنا العامة والخاصة، فإن شيوع وانتشار استخدام مسمى''كاوست'' بلكنته الأجنبية يفقد هذه الجامعة العملاقة رمزية مسماها في إطلاق اسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله عليها، وارتباط اسم الملك عبد الله بها مهم جدا, ولم يكن لمجرد المجاملة له بصفته ملك البلاد، بل كان مستحقا لارتباط هذه الجامعة فكرة وحلما وإنجازا به شخصيا، فهذه الجامعة تمثل له حلما عاش معه خمسا وعشرين سنة, كما أوضح ذلك - حفظه الله - في عدة مناسبات، وأشرف عليها شخصيا وتابع مراحل إنشائها مذ كانت مجرد فكرة حتى ظهرت وافتتحت، أي أنها تمثل مشروعا علميا وحضاريا ينسب للملك عبد الله حقيقا وواقعا وليس مجازا، وحين أطلق اسمه الكريم على هذه الجامعة التي تبناها من حلم وفكرة إلى إنجاز، فإن أقل تكريم له هو تخليد اسمه في جعله المسمى الوحيد والمتداول والمستخدم لهذا المشروع العلمي العالمي الكبير، ليبقى اسم الملك عبد الله تعريفا بها وعنوانها الوحيد, وليس إشارة إليه فقط بمسمى مبهم وإحلاله محله كما شاع حاليا، وألا يستخدم مسمى''كاوست'' الذي لا طعم له ولا رائحة ولا لون عوضا عنه لأي سبب كان, كأن يكون طلبا للاختصار مثلا.
وهنا أتوجه للقائمين على جامعة الملك عبد الله ومسؤوليها بأن يهتموا بهذا الجانب وهو موضوع المسمى، وألا تأخذهم صفة العالمية للجامعة بإلصاق مسمى أجنبي لا يعبر عن روحها، فعالميتها ليس في مسمى أجنبي, بل في مناهجها وطرق التعلم العالية وذات الجودة المتميزة، ولا يقلل من عالميتها أن تحتفظ باسمها الأصلي والمستحق، فهي وإن كانت جامعة عالمية، فهي جامعة سعودية عربية أولا.
قد يرى البعض أن هذا الموضوع هامشي إزاء قيمة الجامعة العلمية وما تمثله من مشروع علمي وعالمي كبير، وهذا ليس صحيحا، ومن يجادل نقل له إذا كان الأمر هامشيا فعلا فلماذا لم يكن كذلك حين فكر في اختيار مسمى''كاوست'' ..؟ ثم إن المسمى ليس هامشيا ولا ثانويا خصوصا وتحديدا لمنجز ضخم ومهم كجامعة بوزن وقيمة جامعة الملك عبد الله، بل يرتبط ويشير للمضمون والذي هو جزء أساسي منه، وحين أطلق على هذه الجامعة اسم الملك عبد الله، فلأنه صاحب الفكرة والمنفذ لها، ومهم جدا أن يبقى اسمه معرفا لها، وليس مسمى''كاوست'' الذي من سلبيات استخدامه وشيوعه أنه ومع مرور السنين سيطغى على المسمى الرسمي والحقيقي.
إن هذه الجامعة وإن تميزت وتفردت بعالميتها، إلا أنها تبقى ضمن منظومة التعليم الجامعي السعودي الذي شهد في عهد الملك عبدالله توسعا كبيرا، وحري بها أن تتساوى مع بقية جامعاتنا التي معظمها تحمل أسماء الملوك الراحلين، بأن تحمل هي الأخرى مسمى الملك عبد الله من دون اختصار ولا تغير أو ترجمة له، وإن أريد اختصاره فليكن''جامعة الملك عبد الله'' بالعربية والإنجليزية والفرنسية والصينية وكل لغات الدنيا، فما الذي يضير في ذلك؟! وهل مسماها العربي يتعارض مع صفتها العالمية؟ أم هو مجرد استلاب ثقافي يعكسه الشعور بدونية مكون جوهري للهوية الوطنية وهو اللغة ..؟.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي