الأنظمة العقارية المنتظرة

تنتظر الأوساط المالية والعقارية صدور أنظمة التمويل العقاري الخمسة والمتمثلة في:
1- نظام مراقبة شركات التمويل والذي سيعنى بالقواعد والإجراءات المتعلقة بشركات التمويل، ومنها التمويل العقاري. فالملاحظ أن هناك عددا قليلا من شركات التمويل العقاري التي أنشئت حديثاً، وهناك مبادرات أخرى لإنشاء شركات ضخمة في التمويل العقاري ومنها مبادرة تعمل عليها الغرفة التجارية في الرياض لم تر النجاح المأمول حتى الآن، ولم تستطع بنوكنا المحلية اختراق هذه السوق الكبيرة إلا بنسبة لا تتجاوز 2.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بنسب تتجاوز 100 في المائة في بعض الدول المتقدمة. ويعود ذلك إلى غياب الأنظمة والتشريعات التي تحكم العلاقة بين الممول والمقترض بشكل واضح وكفء يمكن الاعتداد به لحفظ حقوق الأطراف المتعاملة.
2- نظام التمويل العقاري والذي سيعنى بإصدار تراخيص شركات التمويل وإعادة التمويل، وشركات التأمين لتغطية مخاطر التمويل، وتنظيم السوق الثانوية للتمويل. فشركات التمويل العقاري الحالية حصلت على تراخيصها من وزارة التجارة، وقد يناط بتنظيمها إلى مؤسسة النقد العربي السعودي في النظام الجديد بحكم أن نشاطها الرئيسي هو التمويل. فالمعلوم أن هناك عديدا من شركات تقسيط المنازل والعقارات والسيارات والمعدات والآلات لكن حجم أنشطتها التمويلية لا ترصدها النشرات الدورية لمؤسسة النقد بحكم مرجعيتها العائدة لوزارة التجارة. لذا لا غرابة أن نرصد نسبة تمويل ضئيلة إلى إجمالي الناتج المحلي لأن ما يرصد حتى الآن هو ما تقدمه البنوك للتمويل العقاري. علاوة على ذلك، فإن شركات التمويل ستقوم بإصدار صكوك إسلامية أو سندات لبيع قروضها في السوق الثانوية المالية والتي تنظمها هيئة السوق المالية. فدون وجود سوق ثانوية لصكوك وسندات الرهن العقاري، فإن نجاح شركات التمويل العقاري سيظل محل تساؤل، لأن سوق الصكوك سيكون أكبر رافد لتمويل شركات التمويل العقاري، ودونه لا يمكن لشركة تمويل عقاري مهما كان حجم رأسمالها من النجاح المستديم.
3- نظام الرهن العقاري وسيركز على رسم العلاقة بشكل دقيق ومفصل بين الراهن والمرتهن وتحديد العين. وحسب فضيلة الشيخ يوسف الفراج مستشار وزارة العدل في المحاضرة التي نظمتها الغرفة التجارية يوم الأحد الماضي، فإن نظام الرهن العقاري سيكون أول نظام موضوعي مكتوب قنن أحكام الشريعة في المملكة، حيث سيتطرق إلى كثير من أنظمة الرهن بما فيها السماح للبنوك بالتملك، مع قدرتها على الإخلاء وإغلاق الرهن ببيع العين في المزاد العلني.
4- نظام التأجير التمويلي وسيعنى بحل إشكالية الإيجار المنتهي بالتمليك ويبين مسؤوليات المؤجر والمستأجر وآلية الأقساط. فالعقود الحالية التي تتعاطى التأجير التمويلي مازالت محل خلاف بين القضاة في تفسيرها والقبول بها، مما يضعفها ويضعف التقاضي بها.
5- نظام التنفيذ الذي سيضع اختصاصات واضحة لقاض يسمى قاضي التنفيذ. فحسب الشيخ يوسف الفراج، فإنه سيكون هناك توسيع لسندات التنفيذ، وتوثيق العقود من كتابة العدل أو موثقون مستقلون مرخص لهم، مما يسهم في تسريع التنفيذ، وخفض أعمال المحاكم بنسبة قد تصل إلى 50 في المائة.
إن صدور هذه الأنظمة الخمسة سيضع البنية التشريعية الملائمة لسوق التمويل العقاري الضخم. فهناك تقديرات تشير إلى أن قطاع الإسكان وحده يحتاج إلى نحو 100 مليار ريال سنوياً لسد الفجوة بين الطلب والعرض في الوحدات السكنية. لكنها لن تحل كل الإشكالات المتعلقة بقطاع التمويل والقطاع العقاري. فكثير من الأنظمة الحالية العقارية يحتاج إلى تنقيح وتعديل ووضعه ضمن أطر نظامي، ناهيك إلى الحاجة إلى أنظمة مساندة للأنظمة الخمسة مثل نظام وآلية الإفصاح عن الملكيات والسجل العيني والقدرة الائتمانية للمتعاملين، وغيرها من الأنظمة التي تجعل السوق العقارية أكثر تنظيماً وقدرة على مقابلة المتطلبات التنموية الكبيرة، فالقطاع العقاري في بعض البلدان يصل إلى نحو ثلثي الاقتصاد كما هو الحال في الولايات المتحدة، بينما لا نعلم حجم مساهمته في الاقتصاد المحلي، مما يجعل اقتصادنا يبدو ضئيلاً مقارنة بحجم اقتصاديات دولية أخرى. لذا فإن وجود هذه الأنظمة هو مجرد أولى الخطوات لتنظيم سوق يفتقد للتنظيم ولقطاع سيضاعف من حجم إجمالي الناتج المحلي للمملكة عند احتسابه بشكل نظامي ومحاسبي متعارف عليه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي