فرصـة عظيمـة ... فلا تضيعوهـا
المشاكل كثيرة، حمانا الله وإياكم منها، والخلافات متعددة وعلى كل المستويات سواء كان مستوى الأصدقاء أو مستوى العائلة أو العمل أو بين الأقارب فأينما تلتفت تجد أن هناك خلافاً صغيراً كان أم كبيرا، وفي كثير من الأحيان تجد أن هذه الخلافات لا تبذل من أجلها جهود جادة لمعالجتها، بل تترك لتتفاقم، ما يسهم في اتساع الفرقة بين الناس.
واليوم ونحن في أواخر شهر رمضان المبارك وقدوم العيد أجدها فرصة عظيمة لكل المختلفين أن يجتمعوا من جديد وأن ينتهزوا هذه المناسبة ليقوموا بتسوية خلافاتهم، وأن يعيدوا النظر في أي خلاف موجود ويفتحوا صفحة جديدة مع هذا العيد ينسون من خلالها ماسبق، فهي فرصة مميزة، إذ إن النفوس قربت من الله أكثر من خلال الصوم والصلاة والدعاء وتحري الناس للصدق وحرصهم على الخير أكبر واهتمامهم بمرضاة ربهم وصلتهم به أقوى.
ولعل أهم خلاف يجب أن ينتهز الإنسان فرصة هذا الوقت فيه هو خلافه مع نفسه، فكثير من الناس تعرف الحق وترفض اتباعه، وتعرف الباطل وتتخذه مسلكاً، ولا تستمع لما حولها من نصائح متكررة ولعلها الآن فرصة عظيمة ينتهزها كل فرد منا في أن يصلح في هذا الشهر علاقته مع نفسه وقبل ذلك علاقته مع ربه فيرجع عن غيه ويتوب وينيب ويعزم على ألا يعود، ويعتبر هذه الأيام هي نهاية صلته بدروب الشر وبداية اتصاله بطريق الخير.
كما أنها فرصة عظيمة أن يحرص الإنسان على أن يراجع علاقاته الأخرى مع غيره من الأفراد، سواءً كانوا في محيط عمله أو عائلته فمن كان ظالماً فهي فرصة في هذا الشهر العظيم أن يعترف بظلمه ويرجع عنه ويذهب إلى من ظلمه يطلب السماح منه، ومن كان عاقاً لأبويه فليرجع الآن فهي فرصة أن يطلب السماح منهما ويقبل أرجلهما، ويطلب رضاهما في هذا العيد، وإن كان هناك خلاف بين زوجين فليبادر كل منهما إلى الاتصال بالآخر والتجاوز عما سبق وكان ونسيان الماضي والنظر إلى المستقبل بتفاؤل، ومن سرق أو ارتشى أو غش أو كذب فهي فرصة عظيمة أن يتوقف عن ذلك كله، ويعلن توبته أولاً بينه وبين نفسه ثم أمام الآخرين بالعمل الصالح والمسلك الحسن.
لقد دمرت الخلافات مجتمعنا فكم من خلاف بسيط بين اثنين لم يتم حسمه في وقته زاد مع الزمن وانتشر مع مرور الوقت حتى أصبح خلافاً بين عائلات كبيرة، بل قبائل وفي بعض الأحيان دولا بأكملها، فالخلاف كالنار تبدأ بشرارة صغيرة ثم ما تلبث أن تكبر وتنتشر ويصعب السيطرة عليها، وفي هذه الأوقات فرصة عظيمة خصوصاً للخلافات التي ما زالت في مهدها أن يتم معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها في هذا الوقت المبارك، فقد كان الناس في الماضي ينتهزون دخول شهر رمضان في إزالة الخلافات بين الناس ومصالحتهم.
ولعل من لم يتمكن من إصلاح خلافه مع الآخرين مطلع الشهر أن ينتهز فرصة نهاية الشهر ودخول العيد ليعيد الكرة مرة أخرى ويبذل الجهد في إصلاح ما بينه وبين الآخرين، خصوصاً أن كثيراً من أسباب الخلاف عادة ما تكون بسيطة وتافهة لكن الشيطان يسعى لتكبيرها، إذ إن استمرار القطيعة والخلاف لا تفيد أحداً سوى الشيطان، فلا نكون عوناً للشيطان على قطع أواصر مجتمعنا، ونشر الفرقة فيما بيننا ولنستفد من هذه الفرصة العظيمة في إصلاح ما بيننا.