كشف اللصوص محاربة للفساد

الفساد ضد الصلاح ويعرف الفساد بأنه ( إساءة استعمال الوظيفة العامة لكسب خاص) والفساد الإداري هو تجاوز الموظف حدوده الوظيفية بمخالفة الأنظمة والتعليمات لتحقيق مكاسب مادية أو معنوية، مادياً من خلال الرشوة بالأموال على مختلف أشكالها وأنواعها ومعنوياً بالمحسوبية وكسب الثناء والتقرب من بعض الأشخاص على حساب آخرين.
الأسبوع الماضي أعلنت هيئة السوق المالية عن صدور قرار نهائي من لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية بإدانة أحد المخالفين وقد تم نشر اسمه وهو مدير المحافظ الاستثمارية الخاصة بأحد البنوك الكبيرة، وذلك لمخالفة إحدى مواد لائحة سلوكيات السوق وفرض على المدان أحكام منها غرامة مالية قدرها 100 ألف ريال وإلزامه بدفع المكاسب التي حققها نتيجة المخالفات التي تم ارتكابها إلى حساب الهيئة والبالغة قرابة الـ 15 مليون ريال. وفي اليوم نفسه نشرت إحدى الصحف صدور ديوان المظالم حكمه ضد 26 متهماً بتقاضي الرشوة من منسوبي بلدية الطائف وتغريم رجل أعمال وإدانة أحد المهندسين مع سجنه وتغريمه وقد تعرض البيان إلى تفاصيل ما قام به كل متهم والذين بلغ عددهم في البيان 26 متهماً، وفي مطلع هذا الأسبوع نشرت احدى الصحف إيقاف وزارة التعليم العالي أكثر من 52 مكتباً لترويج (الشهادات الوهمية) والتي تعمل بشكل غير نظامي ولا تملك ترخيصاً من وزارة التعليم العالي لممارسة الأنشطة التعليمية بالتعاون مع جامعات خارجية ويتم التنسيق مع الجهات المعنية لإغلاق هذه المكاتب وإلزامها بإعادة المبالغ التي تم تحصيلها ممن تم التغرير بهم للحصول على هذه الشهادات غير المعتمدة والتي تراوح أسعارها من 15 إلى 20 ألف ريال لشهادات البكالوريوس و25 _ 35 ألفاً للماجستير و35 _ 45 ألف ريال للدكتوراة .
إن الفساد يأتي إما لضعف في الوازع الديني أو سوء تربية أو لوجود قدوة سيئة أو لعدم وجود أنظمة حديثة صارمة أو لضعف في أجور العاملين وارتفاع في تكاليف المعيشة أو ضعف في الأجهزة الرقابية واستغلال المناصب والسلطة، وأول طرق العلاج هو الاعتراف بأننا في مجتمع يوجد فيه فساد واضح ويحتاج منا إلى تشخيص ودراسة وتشجيع على المكافحة ونشر القيم الأخلاقية والتأكيد عليها وتطوير الأنظمة الرقابية وتحسين الأحوال المعيشية وإعادة رفع مستوى الحس لدى أفراد المجتمع لمواجهة المفسدين وتفعيل دور المواطنة للمحافظة على المال العام إضافة إلى تدوير المسؤوليات والصلاحيات، فقد أظهرت إحدى الدراسات أن الفساد الإداري يكلف خزائن الدول العربية نحو 300 مليار دولار سنوياً.
ولقد أظهرت دراسة ميدانية نشرتها وكالة الأنباء اليمنية ( سبأ ) لسبع وزارات وخمس جهات حكومية كبيرة في اليمن أن نسبة ممارسة الفساد الإداري في الوظيفة العامة 42 في المائة، وجاءت ممارسة الوساطة في مقدمة الأسباب تليها المحسوبية ثم الابتزاز ثم العمولة ثم الاختلاس، وقد ركزت توصيات الدراسة على أهمية تعزيز القيم الأخلاقية لدى العاملين لمحاربة هذا الداء.
إن مواصلة هذا النهج في الكشف عن اللصوص والتشهير بهم هو إحدى الوسائل المهمة والتي يجب علينا جميعاً كمجتمع أن نعمل على تشجيعها، فمن أكثر الأسباب المؤدية إلى تفشي الفساد وانتشاره في المجتمعات هو السكوت عليه وعدم التبليغ والذي يتبعه أيضاً السكوت على المتهمين وعدم التشهير بهم وتعريف المجتمع بمصيرهم وما نالوه من عقاب مما جعل الكثيرين يعتقدون أن ارتكاب الجرائم قد ينتهي إلى تسوية يتم من خلالها التستر عليهم وعدم فضحهم أو التشهير بهم، إذ إن اللص يعشق الظلام ويعمل دائماً في الخفاء ويحرص على التستر وعدم الظهور ليستطيع أن يواصل تماديه في غيّه، لكن عندما يعرف أن مصيره سيكون التشهير به وتعريف الناس بجرمه والعقاب الذي ناله فقد يساهم هذا في ردع كثير ممن تسول لهم أنفسهم أن يرتكبوا الجرائم .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي