نحن والكهرباء!

جمعنا صديقنا محمد بن معمر أخيرا بوزير المياه والكهرباء في مجلس خاص. وسمعنا منه حقائق مقلقة بل مخيفة عن وضع الطاقة الكهربائية في بلادنا! قال المهندس عبد الله الحصين إن استهلاكنا منها ينمو بمعدل 8 في المائة سنويا، وهي نسبة تفوق بكثير المعدلات المعتادة في كثير من دول العالم. فاستهلاكنا يفوق بمراحل كبيرة استهلاك نيجيريا التي يبلغ عدد سكانها سبعة أضعاف عدد سكان المملكة، كما أنه يعادل الطاقة المركبة الكاملة لثلاث دول مجاورة! وهذا المعدل العالي في الاستهلاك يعني أن علينا مضاعفة إنتاجنا من الكهرباء كل عشر سنوات! وتوقع الوزير أن يبلغ حجم استهلاك الطاقة الكهربائية بحلول عام 2020 نحو 60 ألف ميجاواط بتكلفة قدرها بنحو 30 مليار ريال سنويا. وبجانب حاجتنا لمواكبة نمو الطلب، لا بد لنا من استبدال كل محطة مضى على عمرها ما يزيد على 40 عاما بمحطة جديدة، وهذا وذاك يستلزم موارد مالية هائلة!
وأضاف الوزير: إن 80 في المائة من الطاقة الكهربائية يذهب للاستهلاك المنزلي ومعظم هذا الاستهلاك يغذي مكيفات الهواء. وبين أن غالبية منازلنا تفتقر إلى العزل الحراري، في وقت نحن في أمس الحاجة إليه، فتكلفته لا تتجاوز 5 في المائة من تكاليف البناء في حين يحقق العزل وفرا في الطاقة الكهربائية بنسبة 50 في المائة.
وكشف الوزير الحصين عن أن خمسة آلاف ميجاواط من الطاقة الكهربائية يتم تشغيلها لـ 100 ساعة في العام الواحد، نتيجة زيادة الأحمال في وقت الذروة. وهو ما يسبب قطع التيار الكهربائي عن عدد من الأحياء السكنية، وتعطيل أعمال بعض المصانع. وأضاف أن بعض أجهزة التكييف الصينية رخيصة الثمن تكون منخفضة الكفاءة، حيث يزيد استهلاكها للطاقة عن سواها بنحو 17 في المائة! وأن هناك سوء استخدام للتكييف المركزي في بعض المباني السكنية والإدارية بل حتى المساجد، حيث يتم تشغيل وحدات التكييف لكامل المبنى على الرغم من وجود عدد محدود من السكان. ونصح بتظليل وحدات التكييف - إن أمكن - فهذا يساعد على خفض قيمة الاستهلاك بنسبة 7 في المائة.
وأنهى حديثه بالإشارة إلى أن شركة الكهرباء تبذل جهودا كبيرة لمواكبة الزيادة الهائلة في الطلب على الطاقة الكهربائية، وأن هناك مشاريع توسعة ستقضي على النقص الراهن، لكنه تخوف من أن هذه التوسعة لكن تكون كافية إذا استمر نمو الاستهلاك بمعدلاته الجارية. وأن تكاليف التوسعة عالية جدا والجهود مستمرة لتوفير الأموال اللازمة لهذه التوسعات، مذكرا بأن عوائد شركة الكهرباء لا تتعدى 14 مليار ريال، فيما ناهزت عوائد شركات الاتصالات 46 مليار ريال! وسألته عما إذا كان لا بد لنا من البدء في التفكير في إنتاج الطاقة النووية، فقال إن تكاليفها الرأسمالية هائلة فيما تكاليفها اللاحقة متدنية، مقارنة بالطاقة الكهربائية.
الحقيقة أننا شعب مفرط في استهلاك الموارد بما فيه موارد الطاقة الكهربائية والنفطية. ولا ينبغي أن نضع كل اللوم على المنتجين, بل أيضا علينا كمستهلكين سواء كنا جهات حكومية أو مؤسسات خاصة أو عائلات، وقد حان الوقت لوضع حد لهذا الإسراف بخطوات عملية ملزمة للجميع. كما علينا النظر في بدائل الطاقة الأخرى كالطاقة الشمسية والنووية وبالذات الأولى. فأوروبا أعلنت أخيرا عن مشروع عملاق بتكلفة 400 مليار يورو لإمدادها بالطاقة الكهربائية المتولدة من الطاقة الشمسية من منطقة الشرق الأوسط ليغطي فقط 15 في المائة من احتياجاتها!
حياتنا المعاصرة تتوقف على الطاقة، والوضع مقلق، وبناء المشاريع يستغرق وقتا، وفوائضنا المالية لن تدوم، ومن الخطر ترك المفاجآت تدهمنا، وما نزرعه اليوم سنحصده في الغد!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي