شبابنا والتغرب
في عصر العولمة وفي موجة مكافحة التطرف والإرهاب ومن خلال الهجوم الإعلامي الشرس من الإعلام على كل ماله ارتباط بالدين والعادات والتقاليد، أخذ بعض أبناء وطننا التنكر بقصد أو بغير قصد من هويته الأصلية، وبدت مظاهر هذا التنكر في كثير من التصرفات والظواهر بل حتى اللغة فعلى الرغم من أهمية اللغة الإنجليزية وضرورة تعلمها وإتقانها باعتبارها لغة العصر الدولية فإن كثيرا منا أصبح يرفض التحدث باللغة العربية ويتمسك باللغة الإنجليزية سواء في معظم كلامه أو بعضه وأصبحت الاستشهادات لأشخاص غربيين والأمثلة غربية بل حتى لدى بعض الشباب المراهقين فقد انتشرت الموضات الغربية بينهم وغيرها من التقليعات الغربية الأخرى التي تسهم في طمس هويتهم وتشويه ثقافتهم والقضاء على ما فطروا عليه من أخلاق جليلة فاضلة.
ولم يقتصر هذا الهجوم الشرس على الشباب بل إنه يزحف وبسرعة أكبر إلى الفتيات خصوصاً من خلال القنوات الفضائية أو غيرها من الوسائل التي تتزين لهم من خلال عدة واجهات في مقدمتها الحضارة والمدنية وأخذ المفيد وترك الضار والحرص على متابعة الجديد إضافة إلى ما يسمى حقوق المرأة التي لم تضطهد في زمن ما مثلما هي مضطهدة هذا اليوم وأن الحضارة الغربية هي التي ستقدم لها هذا الحق وستدافع عنها كل المحافل الدولية والعالمية دون أن يذكروا ما وصل إليه حال المرأة لديهم من ضياع وانحدار في مستنقع الرذيلة من خلال الكثير من السلوكيات والمبادئ الخاطئة.
ففي هذا السياق تفيد بعض الإحصاءات المنشورة أن في أمريكا 80 في المائة من الفتيات تحت سن العشرين يفقدن العذرية، وأن هناك مليون فتاة مراهقة في أمريكا تحمل كل عام بالرغم من استخدام وسائل منع الحمل، ينتهي 44 في المائة منها بالإجهاض بتكلفة تصل إلى 7 مليارات دولار كل ذلك تحت شعار الحرية المطلوب تقديمها للمرأة، أما في بريطانيا فهناك 60 ألف مراهقة تحمل في كل عام ينتهي 45 في المائة منها بالإجهاض، وفي أمريكا وبريطانيا تكون نسبة الأبكار عند سن 15 عاما 75 في المائة وعند سن 17 عاما 50 في المائة وعند سن 20 عاما 20 في المائة، أما بالنسبة للاعتداء الجنسي ففي أمريكا هناك حالة اعتداء جنسي واحدة كل دقيقتين وربع مليون حالة في السنة وفي بريطانيا هناك 190 ألف حالة اعتداء جنسي سنويا وهناك عديد من الإحصائيات الأخرى المتعلقة بنتاج هذه السلوكيات وما يتبعها من أطفال بلا أسر ومواليد خارج نطاق الزوجية وأفراد يخرجون للمجتمع دون عائل مما يسهم في تفشي الأمراض وكثرة الشواذ وزيادة نسب الانتحار.
إن المندفعين نحو الغرب والمنبهرين بحضارته يجب عليهم أن يتمهلوا، ففي كل شيء إيجابيات وسلبيات ونحن أعلم بما ينفعنا وما يضرنا فعلينا أن نقبل من الغرب الإيجابيات وهي موجودة بكثرة وتسهم في نهضتنا وتنمية مجتمعنا ورفعة شأننا بعد التأكد من موافقتها لشرعنا وفي المقابل علينا أن نرفض تماما كل ما يمس ديننا أو يسهم في تقديم تنازلات عن مبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا التي تحافظ على هويتنا وعلى شخصيتنا.
وعلى الرغم من وجود كثير من السلبيات الموجودة في مجتمعنا اليوم والتي يتمسك بها بعض المتغربين إلا أن هذا الأمر موجود في جميع المجتمعات ولا يخلو مجتمع من سلبيات وبدلاً من الانسلاخ من مجتمعنا بهذه الصورة التي يدعو إليها البعض علينا أن نعمل سوياً على إصلاح تلك السلبيات ومعالجتها.
إن الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل الإسراع في ذوباننا في الغرب يجب أن نوقفها وأن نعمل على مقاومتها وأن نبذل قصارى جهدنا في الحفاظ على هويتنا وشخصيتنا وأن نصر على أن لنا هويتنا وشخصيتنا التي يسعى البعض بمختلف الوسائل إلى إزالتها بعد أن أزيلت في مجتمعه فكانت النتيجة الإحصائيات السابقة والتي تؤكد أنه كلما تخلى المجتمع عن مبادئه وعقيدته انتشر الفساد والرذيلة في مختلف أركانه وجوانبه.