شيء من الإنجازات الاقتصادية في عهد الملك عبد الله

الفترة التي شهدت حكم الملك عبد الله هي امتداد لفترات مهمة في تاريخ الإصلاح الاقتصادي في السعودية, حيث حفلت السنوات الأربع الماضية من عهد التنمية والإصلاح والتطوير الشامل والإنجازات التنظيمية والاقتصادية والتعليمية التي بينت أن السعودية قادت بجدارة مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية التي جاءت نتيجة لقرارات إصلاحية مليئة بالعطاء المتوازن على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية, وهي قرارات جنبتها الكثير من المشكلات الاقتصادية سواء على صعيد التضخم الذي عصف بدول العالم أو على صعيد الخطط الاستراتيجية التي تعمل على زيادة معدلات الناتج المحلي، كما عملت السعودية خلال الفترة الماضية على زيادة وتنوع مصادر دخلها وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل, والعمل على توفير بيئة مثالية للاستثمار في المملكة, فكان من نتائجها حصول المملكة على المركز الـ 16 في قائمة الدول التي أجرت إصلاحات اقتصادية انعكست بصورة إيجابية على تصنيفها في تقرير أداء الأعمال الذي يصدره البنك الدولي وهو ما حفز الكثير من رؤوس الأموال للدخول والاستثمار في المملكة، وكما نعلم فهي من ضمن 20 دولة تجتمع لتقرر الطريق الأنسب للاقتصاد العالمي لتجاوز الركود الذي أفرزته الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم, وفي هذا الصدد أشار البنك الدولي في تقريره السنوي العالمي إلى أن السعودية تعد واحدة من أكبر الدول تبنياً للإصلاح في العالم في مجال إقامة الأعمال، حيث تقدمت 15 مرتبة لتصل إلى المرتبة 23 من أصل 178 بلداً, وكان لخادم الحرمين وقفات كبيرة في هذه الجوانب الاقتصادية، حيث نجح في جعل المملكة في مقدمة الدول الأقل تأثرا بتلك بالأزمة الاقتصادية التي طالت مختلف دول العالم، وعلى الصعيد الداخلي فقد كانت زياراته الميدانية لمنطقة الأحساء وإهدائه 1043 مواطنا في الأحساء 149 وحدة سكنية ضمن مشروع مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز لوالديه للإسكان التنموي في بلدة الجرن, وكذلك تدشينه عددا من المشاريع التنموية في المنطقة الشرقية, إضافة إلى مشروعات اقتصادية في الجبيل بلغ حجم استثماراتها 54 مليار ريال, علاوة على وضع الخطط والاستراتيجيات لتطوير شاطئ العقير التي أعدتها الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، كل هذه المشاريع تعد خير دليل على النهضة الاقتصادية التنموية التي شهدتها هذه المنطقة العريقة في عهده, أما على صعيد المستوى المعيشي فقد تم رفع الرواتب وتقديم إعانات غلاء معيشية وتخفيض تضخم بعض السلع التي يحتاج إليها المواطن, ولم يكتف الملك عبد الله بقيادة بلاده في ظل هذه الظروف العالمية الصعبة بل دعا إلى لمّ الصف العربي على الصعيد الاقتصادي خلال كلمته التي ألقاها في القمة الاقتصادية في الكويت والتي نجحت في عودة الإخاء بين القادة العرب والمسلمين وتجاوز جميع الخلافات، أما على الصعيد العالمي فقد كان لخادم الحرمين دور بارز في المشاركة في قمة العشرين التي عقدت في واشنطن أوضح من خلالها مصدر الأزمة المالية وتداعياتها وأن المملكة ستنفق خلال السنوات الخمس المقبلة 400 مليار دولار على مشاريع التنمية الاقتصادية في المملكة مما يعمل على توفير مركز اقتصادي عالمي فاعل يتماشى مع النهوض الاقتصادي وتطوير البيئة المحلية ورفع كفاءة الأنشطة الاقتصادية دون المساس بمكتسبات السعودية وقيمها ومجتمعها الإسلامي, بما في ذلك تحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب على النفط العالمي وذلك ضمن خطة خمسية تنموية مقبلة ذات خصائص مميزة توفر البنية الأساسية وتربط مناجم المعادن بمنابع النفط بشبكة من السكك الحديدية، حيث ما زال قطاع النفط يعمل بمثابة شريان الحياة بالنسبة لاقتصاد السعودية التي تمتلك أكبر مخزون نفطي في العالم يقدر بنحو 261.7 مليار برميل أو أكثر من ربع إجمالي الاحتياطي العالمي,علاوة على امتلاكها احتياطيا ضخما من الغاز الطبيعي يقدر بأكثر من 200 تريليون قدم مكعب ما يجعل المملكة رابع دولة في العالم من حيث حجم احتياطي الغاز بعد روسيا وإيران والجزائر, كما شهد عهد الملك عبد الله إنشاء مجلس الاقتصاد الأعلى وهو الجهة المنوط بها اتخاذ القرارات الاقتصادية المدروسة, خصوصا على المدى البعيد, إضافة إلى خطط تطوير البنية التحتية للدولة وبناء المدن الاقتصادية التي تسهم في رفع معدلات الصناعة المحلية وزيادة الناتج المحلي للدولة, ويأتي في مقدمة ذلك مدينة الملك عبد الله الاقتصادية التي تعد من أبرز التطورات الاقتصادية ليس فقط على المستوى السعودي بل على المستوى العالمي والتي من شأنها استقطاب كبرى الشركات العالمية المهتمة بتنفيذ استثمارات ضخمة وإيجاد مجالات جديدة للصناعات السعودية وفرص استثمارية ضخمة لرؤوس الأموال فضلا عن توفير آلاف الوظائف, من شأن هذه المشاريع كذلك أن تقلل الاعتماد على البترول كدخل أساسي وتعزز تنوع مصادر الدخل وزيادة الصادرات السعودية غير النفطية عن طريق زيادة تدفق استثمار رأس المال وتفعيل دور السعودية في منظمة التجارة العالمية لتعزيز نفاد الصادرات السعودية لأسواق الدول الأخرى, ولتعزيز الصناعة الوطنية وتدعيم سياستها الاقتصادية في العديد من مناطق المملكة لتحقيق النهضة التنموية الاقتصادية الشاملة ولتكوين بيئة متكاملة حاضنة للاستثمارات بمختلف أشكالها سواء في القطاعات المعرفية أو الصناعية أو الخدمية, وحيث أن الصناعة هي الخيار الاستراتيجي لقيادة قاطرة التنمية الاقتصادية جاء اكتشاف الدور المهم الذي يمكن أن تؤديه البيئة الاستثمارية الجيدة في جذب الاستثمارات الأجنبية واستيراد الخبرات المتميزة القادرة على تحقيق قيمة مضافة إلى الاقتصاد الوطني, ووفقا للبنك الدولي فقد جاء تقدير المملكة أفضل من أي دولة في الشرق الأوسط وحتى أفضل من بعض الاقتصادات الناضجة مثل فرنسا والنمسا, إلى جانب ذلك فقد سعت المملكة لأن تكون من بين البلدان العشرة الأوائل الأكثر قدرة على المنافسة على الصعيد العالمي بحلول عام 2010 مع التركيز بشكل متزايد على بناء اقتصاد قائم على المعرفة وفتح القطاعات للمستثمرين في القطاعات المختلفة كقطاع الاتصالات وشركات الطيران والتأمين ودعم المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي من خلال تشجيع القطاع الخاص المحلي والأجنبي للإسهام في تنمية المدن الاقتصادية الجديدة الأخرى, وأخيرا فإن اختيار زعماء دول الخليج العربية للعاصمة السعودية الرياض مقرا للبنك المركزي المشترك الذي سيكون مسؤولا عن تطبيق الاتحاد النقدي وإصدار العملة الخليجية الموحدة إضافة أخرى إلى الموقع السعودي المتميز, وكل هذه الإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي شهدتها المملكة في عهد الملك عبد الله جعلت المملكة تحتل مركز الصدارة والتميز في الأداء الاقتصادي على مستوى الشرق الأوسط وتتبوأ الريادة المعهودة منها منذ القدم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي