الأمير نايف وحديث الثقة !
في معرض تعليقه على تصريح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، حول فتور العلاقات بين البلدين، جاء حديث سمو النائب الثاني للصحافيين مدججا بكثير من الثقة حينما طالب الأشقاء في العراق بضبط أمنهم الداخلي، وتحديدا منع المتسللين من العراق إلى المملكة، وقال: إن الذين يذهبون إلى العراق تعرف السلطات العراقية قبل غيرها من أين يعبرون .. أما من جانبنا فلا يذهب أحد إلى هناك وإنما هناك من يأتي إلينا منهم.
وهذه الثقة التي تحدث بها الأمير نايف تعكس مدى القدرة الأمنية على ضبط الحدود، والعمل الجاد على منع التسلل رغم طول الحدود واتساع جغرافيتها، وهو حديث وإن كان سموه الكريم يريد أن يرد به على تصريحات رسمية من الجانب العراقي .. إلا أنه من جانب آخر يمنح المواطن والمقيم في المملكة كثيرا من الارتياح والطمأنينة على قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الحدود، وحماية أمن البلدين، وهذا ما كان يُفترض أن يجد كل الترحيب من السلطات العراقية التي واجهت كثيرا من المتاعب مع المتسللين من غير حدود.
إن المواطن السعودي الذي يستمع إلى مثل هذا التصريح المليء بالثقة يستطيع أن يستجلي روح المسؤولية في مواقف وطنه التي حرصت ولا تزال على ألا تكون حدودها مرتعا خصبا للإرهابيين والمهربين حماية لأمن الوطن وأمن العراق الشقيق في الوقت نفسه، وهو ما كانت تطالب به كل الحكومات العراقية منذ سقوط النظام السابق، وذلك لإعطاء الفرصة للعراقيين لصيانة أمنهم بأنفسهم.
وحينما تبلغ الثقة هذا المستوى من التأكيد الذي لا تشوبه شائبة، ولا يستطيع أحد أن يُزايد عليه، فإن هذا ما يُجسد روح المسؤولية الوطنية والقومية التي تحلت بها قيادة هذا الوطن على مستوياتها كافة، وهي التي استطاعت أن تدير أمن الحدود على اتساعها بكثير من الكفاءة والمهارة، مما عزز من مصداقية الموقف، ونأي المملكة عن كل ما يعكر صفو دول الجوار، ونحن نعتقد أنه لو امتلك الآخرون الثقة ذاتها بضبط حدودهم، ومنع عمليات التسلل لاستطاع العراق وغير العراق أن يجنب نفسه كثيرا من المشكلات والاختلالات الأمنية، نتحدث عن النيات الحسنة .. أمّا حينما تكون هنالك نيات مبيتة لأغراض أو مكاسب سياسية فإن الأمر سيبدو كاللعب بالورق لتحقيق تلك الأهداف.
لقد كان سمو النائب الثاني واضحا وشفافا في حديثه للإعلاميين، حينما قال إن هنالك من يأتي إلينا من جهتهم أما من جانبنا فلا يذهب أحد، وهو بهذا يُترجم موقف المملكة الواضح والصريح والبعيد عن الغايات جهة الأشقاء العراقيين، وحرصها على ألا تكون حدودنا معهم ممرا أو معبرا لما يعكر أمنهم، أو يهدد مصالحهم الوطنية، وهذا ما يستحق التقدير لا الاتهام بتحمّل تبعة فتور العلاقات، ومع هذا ستبقى المملكة بالتزامها الأخلاقي والإسلامي والسياسي والعروبي سدا منيعا أمام كل ما قد يسيء إلى أشقائها، لأنها لا تضع مسائل الأمن على أيّ أجندة قابلة للتفاوض أو المزايدة، ذلك لأنها تؤمن بأن المسألة الأمنية هي مسؤولية مشتركة، وأن أي خلل أمني في أي بلد مجاور سيسيء حتما للأمن الوطني والإقليمي بالدرجة نفسها، وهذا ما يجب أن يُدركه الجميع، من أجل تحقيق الأمن في أرجاء المنطقة كافة.