لا يمكن لأي جهة في العالم أن تخرج أشخاصا "مفصلين" للوظيفة
لا يمكن لأي جهة في العالم أن تخرج أشخاصا "مفصلين" للوظيفة
رد الدكتور علي الغفيص محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني على المشككين في خريجي المؤسسة وقلة وجودهم في سوق العمل، بالتأكيد على أن مؤسسته أو أي جهة تعليمية أو تدريبية في العالم لا تستطيع أن تخرج أشخاصا "مفصلين" وجاهزين للعمل مهما كانت طبيعتها.. بما في ذلك الأطباء، وقال" الطبيب إذا لم يتدرب في مستشفى عمليا ويطبق ما تعلمه أو تدرب عليه.. فإنه لن يصبح طبيبا ماهرا، وكذلك متدربونا إن لم يتدربوا في منشآت القطاع الخاص ويحصلوا على جرعات تدريبية قبل التوظيف وبعده، فإنهم لن يكونوا مهرة، مستشهدا بالعاملين في مختلف الوظائف الذين تمكنوا من إتقان أعمالهم وحصلوا على أعلى الدرجات الوظيفية تدريجيا، مشيرا إلى أن تجربة العمالة الوافدة من الفنيين والمهنيين في سوق العمل السعودية تعد من أهم التجارب في العالم، حيث بدأ هؤلاء بالعمل وهم لا يملكون أي مهارة إلى أن أصبحوا من أفضل الأيدي الماهرة بعد أن عادوا إلى بلادهم، مؤكدا أن التدريب على رأس العمل مطلب ضروري ليتمكن المتدرب من الاندماج في بيئة العمل.
وقال الغفيص خلال استضافته في منتدى أمطار يوم الثلاثاء الماضي، بحضور عدد من أعضاء مجلس الشورى والمفكرين والمثقفين ورجال الأعمال وإعلاميين " إن 84 في المائة من العمالة الوافدة العاملة في القطاع الصناعي يحملون شهادة الثانوية العامة فما دون، وفقا لدراسة حكومية رسمية"، مبينا الفرق بين هؤلاء والشباب السعودي المؤهلين في مجالات متعددة يطلبها قطاع الأعمال.. وقال " إننا ندرب على أجهزة متطورة بعضها تسبق ما هو موجود في سوق العمل".
#2#
وبين الدكتور علي الغفيص أن شعار المؤسسة الذي يركز على "التدريب .. أولا"، نوقش من قبل اللجنة التعليمية في مجلس الشورى وأن هذا الاسم ليس هو الأساس وإنما الهدف من ذلك خلق ثقافة وجانب سلوكي لدى المجتمع، كما أنه يرسخ مبدأ العمل لدى الشباب ويحثهم على الإقبال على التدريب إذا أرادوا عملا.
وأكد الغفيص أن ذلك لا يعني تخلي المؤسسة عن التعليم، وأضاف قائلا:" التعليم أساسي أقولها وأنا المسؤول الأول عن هذه المؤسسة، التعليم أساسي لكل تخصص وكل مهنة" فالمعايير المهنية تضع المعارف العامة أحد أهم أركانها، وأشار إلى أنه لا يمكن أن تقوم المؤسسة بتدريب شخص على تخصص تقني أو مهني دون معارف.
وعلق الغفيص على مداخلة حول متابعة الخريجين حيث قال:" هناك دراسة تتبعية لخريجي الكليات التقنية، وكذلك دراسات لمعرفة وضع خريجي المعاهد" وأوضح الغفيص أن طاقة المؤسسة خلال التسعينيات كانت تقارب عشرة آلاف طالب في السنة ووصلت في الأعوام الخمسة الماضية إلى قرابة 25 ألف خريج، وأكد المحافظ أن هذه النسبة لا تشكل شيئا مقارنة بالعمالة الوافدة التي يصل عددها إلى أكثر من سبعة ملايين وافد، وقدم الدكتور الغفيص عملية حسابية للعدد المتوقع أن تخرجه المؤسسة في ظل هذه الأعداد بأنه لن يتجاوز 500 ألف خريج بعد 20 عاما في ظل المعطيات الحالية، وأشار إلى أن هناك أعدادا هائلة من خريجي المعاهد يعملون في القطاعات العسكرية. وأكد أن العائق الحاسم أمام خريجي المؤسسة للانخراط في سوق العمل هو الأجر، فالمنافسة قوية بين الوافدين الذين لا تتجاوز مرتباتهم ألف ريال فيما أن مبلغ 1500 ريال لا يكفي الشاب السعودي، وأضاف قائلا: "جميع المؤسسات التدريبية في العالم تقدم الإطار النظري، فيما تتولى الشركات الكبيرة التدريب على رأس العمل، وأضاف "إننا لا نستطيع استقطاب المدربين من القطاع الصناعي الحالي في ظل وجود العمالة الوافدة" واستشهد على ذلك بما تقوم به شركة VW التي تنفق 120 مليون مارك ألماني وذلك قبل خمس سنوات لتدريب الشباب الملتحق بها، بل تطلب مثل هذه الشركات من المعاهد تقديم الإطار النظري فقط.
#3#
وقال:" نحن نقبل يد ورأس القطاع الخاص ليشاركنا في إعداد الكوادر الوطنية".
وعلق الدكتور الغفيص على عدد من المداخلات التي رأت في الاسم ابتعادا عن جوهر العملية التعليمية وأنه سيزيد من ضعف المخرجات بقوله: عندما ركزنا على التدريب لنوضح للمجتمع أن هذه ليست مؤسسة أكاديمية، وإنما نحن مسؤولون أمام أرباب العمل الذين يبحثون عن خريجين مؤهلين يمتلكون مهارات يحتاج إليها صاحب العمل، وذكر نتائج إحدى الدراسات التي بينت أن أكثر من 60 في المائة من الباحثين عن العمل هم من خريجي الثانوية العامة فما دون، ونحن من خلال هذا الشعار نقول للشاب: "إن كنت تبحث عن عمل فنحن نتولى عملية التدريب".
#4#
وحول السلوك المهني أكد المحافظ أن هذه ليست مسؤولية المؤسسة وحدها بل هي مسؤولية مجتمع ويتحكم فيها عدة عوامل ومن الصعب على المؤسسة أن تغير سلوكيات الطلاب خلال عامين دراسيين وقد اكتسبوها على مدى 18 عاما، ومع ذلك تسعى المؤسسة لخلق سلوكيات جديدة، فالخطط التي نقدمها تربط بين البيئة التدريبية والعملية من حيث ساعات وأيام التدريب وربطها بساعات وأيام العمل في القطاع الخاص، وأشار إلى تجربة المدرب في سنغافورة الذي لا تتجاوز إجازته 28 يوما شاملة الأعياد والمناسبات الوطنية، وسعيا لتغيير السلوك أشار إلى الخطوة التي اتخذها برنامج GM، حيث تتم معاملة المتدربين كموظفين في الشركة من ناحية الدوام حيث يستخدم الطلاب بطاقات للحضور والانصراف لتبين الموعد على وجه الدقة لكي يتعلم على سلوك الشركة التي سوف يعمل فيها.
ودعا المجتمع إلى الاعتراف بالسلوكيات الخاطئة التي يشترك فيها الجميع بدءا من المنزل وصولا إلى الإعلام، وقال: "نحن نعزز معارف خريجي الثانوية الملتحقين في البرامج التدريبية في الحاسب الآلي والرياضيات واللغة الإنجليزية".
وبشأن مصير الذين يحملون شهادة الدكتوراه البالغ عددهم 150 دكتورا من ابتعثتهم الدولة وأنفقت عليهم الكثير، خصوصا أن المؤسسة لا ترغب في حملة هذه الشهادات لتركيزها على الجوانب التطبيقية، أبان محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أن حملة الدكتوراه الذين يعملون في المؤسسة الذين يصل عددهم إلى 150 دكتورا هم القياديون الذين تقوم عليهم المؤسسة وتفخر بهم، ومنذ أن التحقوا بالعمل وهي تقدم لهم الدورات التدريبية والزيارات الاستطلاعية لنقلها لكلياتهم وإثراء برامجهما.
وتناول محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في بداية محاضرته أبرز الشراكات الاستراتيجية التي تقوم بها المؤسسة تمشيا مع أهداف خطة التنمية الشاملة الرامية إلى إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في المشاريع التنموية، مبينا جهود المؤسسة في بناء شراكات مع قطاع الأعمال الكبيرة التي ساهمت بدورها في تأهيل الموارد البشرية الوطنية، حيث استطاعت أن تنشئ 11 معهدا متخصصا متقدما.
وأورد الدكتور الغفيص تجربة برنامج GM الذي تنفذه المؤسسة والذي يتدرب فيه عدد من الطلاب من مناطق المملكة، وذلك لأنه يضمن تعيينه في إحدى ورش GM، ومثل ذلك معهد البلاستيك الذي يضمن الوظيفة للمتدرب بأجر واضح ومحدد يؤمن له حياة مهنية واضحة.
وبين أن المشكلة التي تواجه المؤسسة في استقطاب المدربين تتلخص في أن القطاع الصناعي لا يستطيع أن يزود المؤسسة بالمدربين في ظل وجود العمالة الوافدة، لذلك لم نجد وسيلة لتشغيل تلك المعاهد سوى التعاقد مع مدربين من المراكز الرئيسة مثل مصانع البلاستيك، وشيفرون، والمعهد الياباني، فمثل هذه الخبرات لا يمكن أن تأتي مباشرة فهي تحتاج إلى تأهيل وخلفية لتكون قادرة على التدريب، فالمهندس خريج الكليات الهندسية لا يمكن أن يدخل الورشة لأن الدراسة نظرية، فلا بد أن يكون لديه الخبرة التطبيقية والممارسة العملية لينقل ما يحتاج إليه السوق فعليا، لذلك توجهت المؤسسة لإنشاء كليتين لإعداد المدربين في جدة والرياض وسوف تنطلق كلية الرياض أيلول (سبتمبر) المقبل ويتولى تشغيلهما طاقم ألماني، لإعداد مدربين تقنيين، كما ستعمل المؤسسة على استقطاب أفضل المدربين من خريجي الكليات التقنية في تخصصات معينة يحتاج إليها وإرسالهم لمواصلة دراستهم التطبيقية وليست الأكاديمية في الخارج.
وقال محافظ المؤسسة: "دخلنا في شراكات استرتيجية مع قطاعات الأعمال الكبيرة في إنشاء وتشغيل المعاهد المتخصصة ومنها معهد متخصص في مجال الطاقة في رابغ مع "أكوا بور"، ومعهد في مجال الفندقة مع الحكير، ومعهد في مجال الصناعات الغذائية مع المراعي، ومعهد في مجال صناعة الدواجن مع الوطنية، ومعهد في مجال الأجهزة الإلكترونيات والمنزلية مع موردي الأجهزة الإلكترونية والمنزلية، ومعهد في مجال الصناعات المطاطية في ينبع، ومعهد في مجال التغليف مع العبيكان، ومعهد في مجال الصناعات الحديثة مع الزامل، ومعهدان في مجال الصناعة والتعدين مع شركة معادن، والمعهد الوطني لتقنية البناء مع ابن لادن، ومعهد متخصص مع شركة سعودي اوجية.
يشار إلى أن منتدى أمطار يشرف عليه نجيب الزامل رجل الأعمال وعضو مجلس الشورى والكاتب الصحافي.